تزايدت خلال العقد الماضي أعداد المشاريع في دراسات الدماغ ومحاولة فهمه وطريقة أداء وظيفته بشكل موسع، ومنها: «مشروع الدماغ البشري» الأوروبي و«مشروع الدماغ الأزرق» السويسري ومشروع «مبادرة الدماغ الأميركي» التي تسعى كلها إلى تصحيح أمراض الدماغ.
في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، يعمل الدكتور كورادو كالي، عالم الأبحاث وعلماء سويسريون من «مشروع الدماغ الأزرق» (BBP)، على تبيان أهمية الـ«لاكتات» في تكوين الذاكرة وفي التعلّم، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحسين عمليّة التعلّم وتعزيز الذاكرة. ويقع المشروع تحت مظلة إطار كونسورتيوم «مشروع الدماغ البشري». واللاكتات هي مادة حمضية في طبيعتها، تساعد على تفكك الغلوكوز، وبالتالي إنتاج الطاقة في جسم الإنسان.
ومن خلال عدد من تجارب التصوير التي أجريت في مختبرات التصوير العلمي الأساسية في «كاوست» على مدى السنوات الخمس الماضية، تمكن الدكتور كالي من إعادة بناء نماذج ثلاثية الأبعاد للخلايا النجمية، وهي خلايا في الدماغ تخزّن الطاقة، وتمنح الخلايا العصبية الطاقة على مستويات متعددة. واستعان عالم الأبحاث بتقنية فحص مجهريّة إلكترونية تسمى «وجه الكتلة التسلسلي»، لإنشاء مجموعة صور يمكنها إنتاج صورة حجمية دقيقة لجزء من نسيج يحتوي على خلايا نجمية، واستطاع بعد ذلك تقسيم هذه الصور وإعادة بناء الخلايا.
ومن المعلوم أن الخلايا النجمية معقدة للغاية من حيث تركيبتها، ما يجعل من المستحيل تصويرها بالكامل باستخدام تقنيات الفحص المجهري الضوئي، ما لم يتم الاستعانة بالفحص المجهري الإلكتروني. وجدير بالذكر أن الدور الذي تلعبه الخلايا النجمية في وظائف الدماغ، ليست مفهومة جيداً حتى يومنا هذا. ويشير العمل العلمي، على نحو متزايد، إلى أن تطوير عقاقير يمكن أن تساعد هذه الخلايا على أداء وظيفتها بشكل أفضل خلال الحالات المرضية، يساعد الدماغ على التعافي أثناء السكتة الدماغية أو مرض ألزهايمر. ويشير الدكتور كالو: «قد نساعد على إبطاء المرض من خلال العمل بشكل خاص على هذه الخلايا».
و«أول خطوة في فهم كيفية عمل الخلية هي فهم تركيبتها، وهذا هو أول عمل من نوعه يتيح لنا أن نرى بالتفصيل، وبشكل ثلاثي الأبعاد، البنية الكاملة للخلايا النجمية». يمكن لهذا العمل الرائد أن يسمح للعلماء بفهم ما إذا كانت الأجزاء المختلفة من الخلايا النجمية تتصرف بشكل مختلف.
يعتقد الدكتور كالي أن التعرّف على كيفية استخدام الدماغ للاكتات أمر مهم، إذ أظهرت العديد من الدراسات من مستشفى CHUV في لوزان بسويسرا، على سبيل المثال، أن حقن اللاكتات في غضون 30 دقيقة من السكتة الدماغية يمكن أن يقلل بشكل كبير من مناطق الدماغ المصابة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذا التدبير أن يحسن كثيراً من استعادة الوظائف الطبيعية للمرضى المصابين، في حين تثبت دراسات أخرى فعالية اللاكتات في عكس اتجاه الاكتئاب.
ويخلص الدكتور كالي إلى القول إن «الفهم العميق لآلية عمل هذه الخلايا، من وجهة النظر الخلوية والجزيئية، يمكّننا من تصميم وتعظيم كفاءة العلاجات القائمة على اللاكتات».
«كاوست»: مشروع علمي رائد يحسّن فهم العلماء لوظيفة الدماغ
لتطوير عقاقير تساعد على تعافي حالات من السكتة الدماغية أو مرض ألزهايمرط
«كاوست»: مشروع علمي رائد يحسّن فهم العلماء لوظيفة الدماغ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة