الحرب الإعلامية بين روسيا والغرب تفرض نفسها على مؤتمر إعلامي في موسكو

الحرب الإعلامية بين روسيا والغرب تفرض نفسها على مؤتمر إعلامي في موسكو
TT

الحرب الإعلامية بين روسيا والغرب تفرض نفسها على مؤتمر إعلامي في موسكو

الحرب الإعلامية بين روسيا والغرب تفرض نفسها على مؤتمر إعلامي في موسكو

فرضت «الحرب الإعلامية» الدائرة بين روسيا والغرب نفسها على أعمال مؤتمر الإعلام الذي نظمته منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في العاصمة الروسية موسكو يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تحت عنوان «حرية وسائل الإعلام والصحافيين في روسيا ودول المنظمة: التحديات والإمكانيات في عصر الرقميات». إذ شدد ممثل منظمة الأمن والتعاون على ضرورة احترام الدول الأعضاء في المنظمة وسائل الإعلام الروسية وعدم عرقلة عملها. ومن جانبه، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دولاً أعضاء في المنظمة بانتهاك حقوق وسائل الإعلام الروسية، وقال إن هذا يأتي في سياق حملة تهدف إلى تقليص مساحات اللغة الروسية، ومصادرة الرأي الآخر.
وشارك أكثر من 200 صحافي في المؤتمر الإعلامي في موسكو، الذي نظمه مكتب ممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لحرية الإعلام، بدعم من وزارة الخارجية الروسية. ومع حضور لافت لممثلي السلطات الروسية بحث المشاركون القضايا المطروحة على جدول الأعمال، حول «حرية وتعددية وسائل الإعلام في روسيا ومنطقة المنظمة. سلامة الصحافيين: التحديات العصرية وتدابير الاستجابة. التحقق من الحقائق»، وغيرها من قضايا. وفي كلمته الافتتاحية شدد ألمير ديزير، ممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لشؤون حرية الإعلام، على ضرورة حرية العمل الإعلامي في الفضاء الجغرافي للمنظمة، وطالب الدول الأعضاء باحترام وسائل الإعلام الروسية، والامتثال لالتزامات منحها الاعتماد الرسمي كي تتمكن من العمل بحرية.
ومن على منبر المؤتمر، وجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انتقادات لتعامل بعض الدول مع وسائل الإعلام الروسية، وتوقف بداية عند رفض السلطات البريطانية منح اعتماد لوسائل إعلام روسية للمشاركة في مؤتمر عالمي لحرية الإعلام في لندن، وقال إن «السلطات البريطانية بكل بساطة لم تسمح بمشاركة صحافيين ولا دبلوماسيين من روسيا». وكانت متحدثة باسم الخارجية البريطانية قالت حينها: «لم نمنح تراخيص لشبكة (آر تي) التلفزيونية، ووكالة (سبوتنيك) بسبب دورهما النشط في نشر المعلومات المضللة».
ورأى لافروف في هذا الموقف مثالاً على ما عده «محاولات البعض فرض مبادرات غير شفافة على المجتمع الدولي في مجال تنظيم عمل وسائل الإعلام والإنترنت». وأشار إلى «انتهاكات لحقوق وسائل الإعلام الروسية في عدد من دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، وصفها بأنها «جزء من الحملة التي أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الهدف منها تقليص فضاء اللغة الروسية في العالم بأساليب فظة مصطنعة». ورأى لافروف بهذا الصدد أن «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ملزمة ليس فقط بتقديم تقييم مبدئي لأي من مظاهر التصدي للصحافيين، ولكنها ملزمة أيضاً للسعي بحزم إلى الحد من الممارسة المتمثلة في قمع وجهات النظر البديلة، وفرض حظر على هذه المهنة».
إشارة لافروف إلى منع وسائل إعلام روسية من المشاركة في مؤتمر لندن لحرية الإعلام، تحولت إلى فتيل أشعل مواجهة «عابرة»، وذلك حين سارعت السفارة البريطانية في موسكو إلى نفي اتهاماته، وقالت إنها منحت دبلوماسياً روسياً موافقة للمشاركة في المؤتمر وإن إعلاميين روس شاركوا في مؤتمر «حرية الإعلام» في لندن. وفي اليوم ذاته، ردت ماريا زاخاروفا، وقالت إن ما نشرته السفارة البريطانية غير صحيح، ولم يتم منح اعتماد لـ«آر تي» و«سبوتنيك»، وزادت أن الدبلوماسي الروسي الذي حصل على موافقة للمشاركة في المؤتمر أرسل جواز سفره إلى السفارة البريطانية في موسكو لكنه لم يحصل على تأشيرة السفر، وأعادوا له جواز السفر بعد عدة أيام دون أي تأشيرة.
وشكلت الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة لروسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 بداية المواجهة الإعلامية بين البلدين، ومن ثم بين روسيا والغرب بشكل عام. وفي خريف عام 2017 طالبت وزارة العدل الأميركية مكتبي قناة «آر تي» ووكالة «سبوتنيك» في الولايات المتحدة بالتسجيل رسمياً بصفة «عملاء أجانب» بموجب القوانين الأميركية. وأتى هذا الطلب على خلفية الحديث عن علاقة بين قناة «آر تي» ومايكل فلين المستشار السابق للرئيس دونالد ترمب لشؤون الأمن القومي، فضلاً عن تقرير للاستخبارات الأميركية اتهم القناة بأنها «وسيلة الدعاية الرئيسية الدولية للكرملين». كما اتهمت وزارة العدل الأميركية وسائل الإعلام الروسية ببث أخبار كاذبة بهدف التدخل في السياسة الأميركية الداخلية. وفي مايو (أيار) عام 2017 اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شبكة «آر تي» ووكالة «سبوتنيك» بأنهما «نشرتا أكاذيب تخص شخصي وحملتي الانتخابية، ولم تتصرفا كوسائل إعلامية بل كوسائل دعائية وتأثير سياسي، لذلك تم منعهما من الدخول إلى مقري الانتخابي». وفي بريطانيا اتهمت مؤسسة تنظيم الإعلام «أوفكوم» قناة «آر تي» بخرق قواعد الحياد في الكثير من البرامج التي تم بثها بعد تسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.
ورفضت روسيا جميع تلك الاتهامات ووصفتها بـ«زائفة»، ورأت أن الهدف منها الحد من نشاط وسائل الإعلام الروسية. واتهمت مرغريتا سيمونيان رئيس تحرير شبكة «آر تي» الولايات المتحدة بأنها هي من تمارس الكذب إعلامياً. وردت السلطات الروسية بتعديلات أقرها البرلمان على قانون الإعلام، تتيح لوزارة العدل الروسية تسجيل أي وسيلة إعلامية تتلقى التمويل الخارجي على قائمة «عميل أجنبي» الروسية. وسارعت الوزارة إلى إبلاغ عدد من وسائل الإعلام العاملة في روسيا والممولة من الولايات المتحدة بأنها قد تضطر للتسجيل بصفة «عميل أجنبي».



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».