عبد المهدي يتعهد تعديلاً وزارياً شاملاً وإصلاحاً انتخابياً

إلغاء إضراب المعلمين والمحامين

TT

عبد المهدي يتعهد تعديلاً وزارياً شاملاً وإصلاحاً انتخابياً

في حين تتواصل الاحتجاجات الشعبية في بغداد وعدد من محافظات الوسط والجنوب، لليوم السابع عشر، أعلنت نقابتا المعلمين والمحامين إنهاء الإضراب العام، واستئناف دوام المدارس ومرافعات المحامين أمام المحاكم، بدءاً من اليوم. وفي بيان لها، قالت نقابة المعلمين إن «استئناف العمل، صباح الأحد، يجب أن يكون طبيعياً».
وعد المراقبون السياسيون هذا الإعلان بمثابة تطور مفاجئ، لأن النقابة عندما أعلنت الإضراب الأسبوع قبل الماضي، قالت إنها لن تنهيه قبل تحقيق مطالب المتظاهرين، وهو ما لم يحدث حتى الآن؛ الأمر الذي عده هؤلاء المراقبون نتيجة ضغوط حكومية على نقابتي المعلمين والمحامين. وفيما لم تشاطر بقية النقابات والاتحادات ما كانت قد دعت إليه نقابتا المعلمين والمحامين من إضراب عام أدى إلى شلل شبه كامل في دوام المدارس الابتدائية والمتوسطة، فإن قبولهما إلغاء الإضراب يأتي في سياق ضغوط حكومية، طبقاً لمصادر سياسية.
وطبقاً لما أبلغ به «الشرق الأوسط» سياسي عراقي مطلع، فإن «الحكومة والبرلمان حاولا طوال الفترة الماضية إجراء مفاوضات مع المتظاهرين من أجل تحقيق المطالب المشروعة لهم التي سعت السلطتان التشريعية والتنفيذية إلى إصدار كثير من حزم الإصلاح لضمانها، لكن كل تلك المساعي لإجراء مفاوضات أو حزم الإصلاح لم تلقَ أذاناً صاغية، وهو أمر لفت نظر الجميع».
وأضاف السياسي العراقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «تطور صيغ الاحتجاجات بطرق بدت منظمة، خصوصاً على صعيد استهداف الجسور والموانئ والبنوك والمصارف، مع مساعي تعطيل الحياة العامة، مثل قطع الطرق والدعوات إلى الإضراب العام، هو ما جعل الدولة أمام وضع جديد، على صعيد كيفية التعاطي مع هذه التطورات، لا سيما أن من يقف خلف المظاهرات بدأ يصعد من سقوف المطالب إلى حد لم يقف عند إقالة الحكومة وتغيير رئيس الوزراء، وإنما إلى إسقاط النظام السياسي بكامله».
وتابع السياسي العراقي قوله إن «القوى السياسية، بصرف النظر عن كل ما عليها من ملاحظات، في مواجهة المد الجماهيري نفسه، وهو ما جعلها تتوحد في موقف واحد، قوامه دعم الحكومة، مع إجراء إصلاحات جوهرية بالفعل».
وحول ما قيل عن اتفاق بهذا الشأن، تم بحضور الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قال السياسي العراقي إنه «بقطع النظر إن تم ذلك بمشاركة سليماني من عدمه، فإن هذا الأمر تم حتى داخل لقاءات الكتل السياسية داخل البرلمان التي دعمت كلها بقاء عبد المهدي، ليس حباً به، خصوصاً أن هناك كتلاً كثيرة كانت تطالب بإقالته، لكن لأنه تحول إلى حائط الصد الأول بالنسبة لها، وذلك لجهة كون الاحتجاجات التي لو حققت هدفها الأول، وهو إقالة عبد المهدي، فإنها لن تتوقف عند ذلك، وسوف تبدأ جولة أخرى لاستهداف كل الكتل السياسية»، مشيراً إلى أن «زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي كان وقف بقوة من أجل إقالة عبد المهدي، ونفذت الكتلة البرلمانية التي يدعمها (سائرون) اعتصاماً مفتوحاً داخل البرلمان، لم يصدر عنه موقف منذ مدة، بينما ائتلاف (النصر) الذي يتزعمه حيدر العبادي، الذي يبدو مؤيداً لإقالة عبد المهدي، لكنه لم يصدر عنه موقف رسمي حيال هذه التطورات الجديدة».
وبشأن ما إذا كان هناك توجه لإنهاء المظاهرات، يقول السياسي العراقي إن «الحكومة تعلن موقفاً واضحاً حيال المظاهرات السلمية، وهي الوقوف معها، وإنها هي التي حفزت الطبقة السياسية على مراجعة كل سياساتها الخاطئة طوال 16 عاماً. لكن طبقاً لما صدر من بيانات عن الناطق العسكري باسم القائد العام، وكذلك مجلس القضاء الأعلى، باعتقال من يتولى قطع الجسور، وتجريم من يعرقل الحياة العامة، وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب، فإن الهدف هو محاصرة المظاهرات، وإبقائها في نطاق ساحة التحرير فقط».
ومن جهته، اعترف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بأن المظاهرات أحدثت هزة عنيفة في أوساط الطبقة السياسية. وقال عبد المهدي، في بيان من 7 نقاط، إن الحكومة استثمرت «هذه الفرصة الثمينة لإجراء إصلاحات جذرية لمكافحة الفساد، وأخرى وزارية وخدمية واقتصادية وأمنية وانتخابية ودستورية، تصحح مسارات عمل الدولة، لتضعها في السياقات الطبيعية، كدولة خادمة وراعية وحامية لمصالح الشعب، وليس لمصالح الحاكمين أو الأحزاب والقوى السياسية الماسكة بالسلطة».
وعد عبد المهدي المظاهرات «من أهم الأحداث التي مرت بالبلاد بعد 2003. وستعمل الحكومة وسعها لنجاح مطالب المتظاهرين، وترى أن المظاهرات هي من أهم وسائل الضغط والمراقبة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة والأهداف المنشودة». كما تعهد بإجراء «تغييرات وزارية شاملة أو جزئية للخروج من نظام المحاصصة، ولجعل مؤسساتنا أكثر شبابية وكفاءة وشفافية، وقد أكدنا بأننا سنجري تعديلاً وزارياً مهماً استجابة لذلك».
واتهم عبد المهدي الأحزاب والقوى السياسية بالسقوط «في ممارسات خاطئة كثيرة»، مبيناً أن «الأحزاب يختارها الشعب لتحكم وفق مناهج محددة، لا لتتسلط أو تحتكر أو تستولي على الدولة والمجتمع». كما تعهد بإجراء «خطوات كثيرة لإصلاح النظام الانتخابي والمفوضية سيتم طرحها خلال الأيام القليلة المقبلة، وأن أهم عامل قد ساعد وسيساعد هو قبول القوى السياسية لتصحيح هذه المسارات نتيجة الضغط الجماهيري والمرجعي لتحقيق ذلك».
من جهته، أكد الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية نقل الرؤى من قبل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من الحكومة إلى البرلمان لا تزال تصطدم بالمصالح الحزبية، وهو ما لا يزال يمثل مشكلة تواجه أي تغيير وزاري مقبل، حتى لو صدقت النوايا والرغبات».
وأضاف الشمري أن «المرجعية الدينية في النجف كانت واضحة في خطابها، وما نتج عنه من تصورات، حيث إنها دعت إلى الابتعاد عن المناورة، وهو ما قد لا يتوافق مع ما تعمل بموجبه كثير من القوى والأحزاب».
وحول تعهد عبد المهدي بإجراء تعديل وزاري خارج سياق المحاصصة، يقول الشمري إن «هذا الأمر لن يكون ما لم يتم الاتفاق مع الكتل السياسية، وبالتالي فإن عبد المهدي قد يكون نجح الآن في نقل المعركة داخل البرلمان لجهة التغيير الوزاري الذي يجب أن ينسجم مع ما يريده الشارع من إصلاحات حقيقية لا ترقيعية».



المصريون يترقبون «زيادة جديدة» في أسعار الوقود

يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)
يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)
TT

المصريون يترقبون «زيادة جديدة» في أسعار الوقود

يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)
يترقب المصريون أسعاراً جديدة للبنزين (أ.ف.ب)

بعد رفع الحكومة المصرية أسعار الخبز المدعم، للمرة الأولى منذ عقود، بداية الشهر الحالي، وإعلانها رسمياً نيتها رفع أسعار الكهرباء، يترقب المصريون احتمال إضافة زيادة جديدة لأسعار الوقود، خلال الأيام المقبلة.

وازدادت التكهنات، في الساعات الماضية، بشأن الزيادات الجديدة في أسعار البنزين، مع الاجتماع المرتقب للجنة «التسعير التلقائي للمواد البترولية»، المسؤولة عن إعادة النظر في أسعار مشتقات البترول المختلفة.

وتعقد اللجنة اجتماعات ربع سنوية، وينص قرار تشكيلها على السماح بزيادة الأسعار أو تخفيضها في حدود 10 في المائة من الأسعار المطبَّقة بالفعل.

وحددت الحكومة سعر برميل النفط عند 82 دولاراً، مع الأخذ في الاعتبار أن كل دولار زيادة في سعر برميل خام برنت يكلف الموازنة 4.5 مليار جنيه، في حين رصدت الحكومة المصرية زيادة دعم المواد البترولية إلى 154.5 مليار جنيه، مقارنة بـ119.3 مليار جنيه، وفق موازنة العام المالي الحالي الذي ينتهي الأحد.

ويخشى المصرون من انعكاس زيادة أسعار البنزين على مؤشرات تضخم السلع والخدمات، نتيجة زيادة تعريفة المواصلات، بالإضافة إلى زيادة أسعار الخضر والفاكهة.

وكان المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، قد أكد، في تصريحات تلفزيونية، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وضع خطة لرفع الدعم الحكومي عن الوقود بشكل نهائي، باستثناء السولار، قبل نهاية عام 2025.

لكن مصدراً في اللجنة قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن موعد الاجتماع الجديد لم يتحدد بعدُ، خصوصاً أن الموعد وإعلان الأسعار الجديدة التي «ستتضمن زيادة مؤكَّدة في البنزين» يراعي عدة أمور، ومن ثم لا يمكن الحديث عن اجتماع في غضون أيام، في ظل استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي، لافتاً إلى أن هناك تنسيقاً مسبقاً يجري مع بعض الجهات الرقابية؛ من أجل متابعة آليات تنفيذ القرارات، وتجنب إحداث حالة من الارتباك بالشارع.

وأضاف أن الأسعار الحالية سيجري العمل بها لحين انعقاد الاجتماع المقبل، الذي يتوقع أن يكون خلال شهر يوليو (تموز) المقبل، كما هو مقرر دون تأخير، لكن مع مراعاة «توقيت الاجتماع»، لافتاً إلى أن أعضاء اللجنة يتواصلون مع بعضهم البعض، من أجل النقاش حول القرار ونسب الزيادة، بناء على المعادلات السعرية التي ترتبط بالأسعار العالمية والتكاليف العالمية وسعر الصرف.

وتقوم آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية على وضع معادلة سعرية تشمل أسعار البترول العالمية، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى أعباء التشغيل داخل مصر، بحيث تسمح بارتفاع وانخفاض سعر المنتج، حسب التغير في عناصر التكلفة، بما يسهم في خفض تكلفة دعم الطاقة بالموازنة.

كانت اللجنة، التي زادت أسعار بيع المنتجات البترولية بنسب وصلت إلى 33 في المائة، خلال اجتماعها الأخير في مارس (آذار) الماضي، قد أرجعت الزيادة إلى إجراءات تحرير سعر الصرف، والذي كان له تأثير مباشر في زيادة تكلفة المنتجات البترولية، بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة النقل وشحن المنتجات البترولية التي يجري استيرادها من الخارج نتيجة أحداث البحر الأحمر، مما كان له الأثر في اتساع الفجوة السعرية بين التكلفة وسعر البيع بزيادة غير مسبوقة.

وقال عضو مجلس النواب «البرلمان»، محمود قاسم، إنهم في انتظار اجتماع اللجنة وقرارها بشأن أسعار المحروقات، مع متابعة مدى التزامها بالخطة المالية التي وافق عليها مجلس النواب لموازنة العام المالي المقبل، مطالباً بعدم استباق الأحداث، ومتعهداً، في الوقت نفسه، بـ«التحرك السريع»، حال شعور البرلمان بأن قرارات اللجنة لن تكون في صالح المواطن المصري.

ويشير المسؤول في اللجنة إلى متابعة متوسطات أسعار النفط، خلال الأسابيع الماضية، بالإضافة إلى الأسعار المتوقعة، خلال الشهور الثلاثة المقبلة، لافتاً إلى أنه حتى الآن مع استقرار سعر الصرف والاستقرار النسبي بأسعار النفط العالمية، فإن نسب الزيادة ستكون «في الحدود المقبولة».