إشكالات في المصارف مع تشديد القيود على السحوبات

حاكم البنك المركزي يعتبر الحل مسؤولية السياسيين

TT

إشكالات في المصارف مع تشديد القيود على السحوبات

شهدت الأسواق المالية التباسات جدية بين الوقائع الصحيحة والإشاعات المتجولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل زيادة وتيرة التشديد المصرفي المحلي في إتمام أي عمليات لصالح الزبائن خارج المنظومات المعتمدة لإدارة السيولة يوما بيوم، وبشكل خاص ما يتعلق بالدولار الورقي (بنكنوت).
ومنحت مصادفة التعطيل بمناسبة «المولد النبوي الشريف» التي تمتد حتى صباح الثلاثاء المقبل، حاكمية البنك المركزي والبنوك العاملة مهلة لإعادة ضبط السيولة بعدما تبين أن الضغوط على سحب الدولار النقدي تخطت بكثير الكميات التي تزودت بها فروع المصارف وكادت تسبب إشكالات ذات طابع أمني في بعض الفروع. وذلك رغم كل إجراءات تقييد السحوبات وتجزئتها بحدود قصوى راوحت بين 500 دولار وألفي دولار يوميا ومنع أي سحوبات من ودائع غير مستحقة الآجال. بينما توفرت السيولة بالليرة بشكل مُرضٍ مع تقييد نسبي للسحب بين 5 و10 ملايين ليرة يوميا.
وبالتوازي مع الإجراءات المحلية التي حصرت عمليات التحويل، والاكتفاء بما هو «ضروري وملح» في المرحلة الحالية بانتظار عودة التوازن إلى الأسواق، تسبب التأخير في حلحلة الملف الحكومي العالق في استعادة الإرباكات إلى سوق القطع وإعادة تزخيم السوق الموازية، حيث وصل سعر تداول الدولار إلى ما بين 1750 و1800 ليرة (شراء وبيع) بعد تراجعه إلى متوسط 1570 ليرة في بداية الأسبوع، علما بأن البنوك سمحت بإجراء عمليات تبديل بالسعر الوسطي المعتمد عند 1514 ليرة، لكن ضمن حدود ضيقة ومحصورة بعملاء كل بنك ووفقا لطبيعة حركة حساباتهم ما قبل الأزمة.
وتشكل هذه المعطيات تحولات إضافية ومثيرة في التعامل مع الخلفية المالية لنتائج الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تجتاح لبنان منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تزامنا مع تحريك النيابات العامة والأجهزة القضائية لملفات تحمل شبهات فساد وتبديد أموال عامة، واستدعاء مسؤولين كبار حاليين وسابقين للاستماع إليهم. وفي المقابل، لم يشكل الالتزام المعلن للبنك المركزي والمصارف بقواعد العمل السوقية وحرية القطع والتحويل والحرص على حقوق المودعين، حائلا دون تنظيم هذا النوع من العمليات والتدقيق فيها من قبل المصارف التي تعرف زبائنها وحركة حساباتهم المعتادة من كثب.
ولوحظ أن الإجراءات التنظيمية زادت تشدداً، حيث اعتمدت غالبية المصارف التدابير الخاصة بها في إدارة عمليات التحويل إلى الخارج، بحيث تم ربطها والتصرف حيالها بتبيان الهدف منها ومن دون المس بحرية العميل وقراره. فالتحويلات ذات الطابع الضروري حظيت بأولوية ودون تقييد. كذلك الأمر بالنسبة لاحتياجات الأفراد المتصلة بشؤون حياتية أو صحية أو تعليمية. أما عمليات التحويل المحفزة بالهواجس أو بتأثير من حملات التهويل، فتخضع لنقاش هادئ ومحاولة طمأنة العميل إلى متانة المراكز المالية للبنوك والتزامها بأفضل المعايير الدولية، وتأكيد الحرص على حقوق العملاء.
ولفت في هذا السياق تصريح لحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، أكد فيه أنّ «وضع لبنان صعب للغاية، ولكن رغم ذلك يستمر القطاع المصرفي في البلاد في تقديم خدماته للزبائن، وحيثما تكون الظروف ملائمة تكون فروع المصارف مفتوحة، مع ترك الخيار أمام المصارف لتحديد طبيعة عملها وفق الظروف الأمنية في مناطقها». مشيرا إلى أن حل الأزمة هو مسؤولية السياسيين والزعامات في البلد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».