الحكومة التونسية تعيش آخر أيامها ومشاورات ماراثونية لحسم هوية رئيسها

TT

الحكومة التونسية تعيش آخر أيامها ومشاورات ماراثونية لحسم هوية رئيسها

قرر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، إعفاء عدد من الوزراء في حكومته إثر فوزهم في الانتخابات البرلمانية التي أجريت الشهر الماضي، وذلك تفاديا للجمع بين عضوية الحكومة وعضوية البرلمان، بحسب ما ينص الدستور التونسي. وباتت الحكومة الحالية تعيش آخر أيامها، كما يبدو، في ظل المشاورات الماراثونية الجارية حول الشخصية التي سيكلفها الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد برئاستها، علاوة على تركيبتها ومن سيشغل حقائبها الوزارية.
وكلّف الشاهد محمد رضا شلغوم، وزير المالية الحالي، بتسيير وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي بالنيابة وذلك بعد استقالة زياد العذاري الأمين العام لحركة «النهضة» من مهامه الوزارية. كما سيتولى روني الطرابلسي، وزير السياحة، تسيير وزارة النقل بالنيابة إثر إعفاء هشام بن أحمد القيادي في حركة «تحيا تونس» من وزارة النقل. كذلك كُلّف توفيق الراجحي، الوزير لدى رئيس الحكومة والمكلف بالإصلاحات الكبرى، بتسيير وزارة التكوين المهني والتشغيل بالنيابة إثر إعفاء سيدة الونيسي (من حركة «النهضة») من مهامها. أما رضوان عيارة، الوزير لدى رئيس الحكومة، فقد تم تكليفه بتسيير وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالنيابة إثر إعفاء الهادي الماكني القيادي في حركة «تحيا تونس» من مهامه.
وكان يوسف الشاهد قد أعفى، إثر التشاور مع رئيس الجمهورية، عبد الكريم الزبيدي من منصبه وزيراً للدفاع الوطني وكلّف محمد كريم الجموسي، وزير العدل الحالي، بتسيير هذه الوزارة بالنيابة. كما أعفى خميس الجهيناوي من وزارة الخارجية وكلّف وزير الدولة صبري الباشطبجي بمهام الخارجية.
وفي الإطار ذاته، أعلن إياد الدهماني، المتحدث باسم رئاسة الحكومة والقيادي السابق في حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» (حزب يساري)، استقالته من منصبه وزيراً لدى رئيس الحكومة مكلفاً العلاقة مع مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وهو ما يرفع عدد الوزارات الشاغرة إلى سبع وزارات تُدار ست منها بالنيابة.
ومن شأن هذه الاستقالات والإعفاءات أن تزيد من حجم الضغوط المسلطة على حركة «النهضة» للإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما طالب به أكثر من طرف سياسي. وذكرت مصادر قريبة من «النهضة» أن أعضاء مجلس الشورى الذين بدأوا أمس اجتماعاً يستمر حتى اليوم الأحد بمدينة الحمامات (شمال شرقي تونس) لن يرضخوا بسهولة للضغط المسلّط عليهم ولن يسلّموا رئاسة الحكومة المقبلة لطرف آخر إلا إذا تلقوا تطمينات حول الشخصية السياسية التي ستتقدم لرئاسة الحكومة وكذلك ضمان تولي رئيس الحركة رئاسة البرلمان التونسي الجديد الذي سيعقد جلسته الأولى الأربعاء المقبل. وتوقعت المصادر ذاتها أن يراعي أعضاء مجلس الشورى الإجماع الحاصل حول رفض ترؤس «النهضة» للحكومة وأن يسعوا إلى تغيير استراتيجية عملهم وفق الظروف المستجدة.
من ناحية أخرى، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنها ستشرع في الإعداد لخمسة انتخابات بلدية جزئية بعد الإعلان عن حلّ المجالس البلدية إثر استقالات جماعية لأعضائها. وكانت هيئة الانتخابات قد انتهت لتوها من إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية لتشرع من جديد في مهام انتخابية جديدة فرضتها الخلافات الطارئة بين ممثلي الأحزاب السياسية في المجالس البلدية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.