لو ضم غوارديولا لاعبين بشخصيات قوية لحقق المزيد من النجاح

كان من الممكن أن يفوز مدرب سيتي بعدد أكبر من البطولات إذا تعاقد مع نجوم مثل كومباني

افتقد غوارديولا شخصية كومباني القوية
افتقد غوارديولا شخصية كومباني القوية
TT

لو ضم غوارديولا لاعبين بشخصيات قوية لحقق المزيد من النجاح

افتقد غوارديولا شخصية كومباني القوية
افتقد غوارديولا شخصية كومباني القوية

تتمثل واحدة من الكثير من المآسي التي تعاني منها الإنسانية في أن الأشياء التي نحبها في الآخرين - وحتى في أنفسنا - ترتبط بقوة بالأشياء التي لا نحبها. لذلك عندما نثني على رؤية ودقة ومثالية المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، الذي ساعدته هذه الخصال على تقديم واحدة من أجمل كرة القدم عبر العصور، فيتعين علينا أيضا أن نشير إلى حماسته ونرجسيته، التي أدت إلى بعض الإخفاقات التي كان من السهل تجنبها.
وفي أول مواسمه في عالم التدريب - موسم 2008 - 2009 - قاد غوارديولا نادي برشلونة للفوز بالثنائية المحلية (الدوري والكأس) والوصول إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. وفي ظل غياب رافائيل ماركيز وداني ألفيش وإريك أبيدال، وفي الوقت الذي كان سيفكر فيه أي شخص عادي بالدفع بمارتين كاسيريس أو مارك مونيسا – وكلاهما مدافع – لتعويض النقص الواضح في خط الدفاع، قرر غوارديولا الدفع باللاعب الإيفواري يايا توريه – وهو لاعب خط وسط – في خط الدفاع، وقاد الفريق للفوز على مانشستر يونايتد بهدفين مقابل هدف وحيد.
وعندما رحل يايا توريه في عام 2010، استبدل به غوارديولا خافيير ماسكيرانو، الذي سرعان ما غير غوارديولا مركزه ليلعب في خط الدفاع. وكان السبب وراء ذلك واضحا للجميع؛ حيث كان غوارديولا يرغب في أن يكون مدافع الفريق يتميز بالقدرة على تمرير الكرة بسرعة ودقة كبيرة، وبناء الهجمات من الخلف. وفي كرة القدم، كما هو الحال في جميع الألعاب الرياضية، فإن السرعة هي التي تتفوق دائما في أي مواجهة. وقاد غوارديولا برشلونة للفوز بلقب الدوري الإسباني للعام الثالث على التوالي، ثم كون بعد ذلك واحداً من أفضل الفرق في تاريخ الساحرة المستديرة وأذل مانشستر يونايتد في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا عام 2011.
وفي عام 2013، تولى غوارديولا قيادة بايرن ميونيخ الألماني. وعلى الفور، أعاد خافي مارتينيز إلى خط الدفاع، ومرة أخرى فاز بلقب الدوري المحلي ثلاث مرات متتالية، كما قاد العملاق البافاري للفوز بلقبين لكأس ألمانيا. لكن في دوري أبطال أوروبا، لم يتمكن بايرن ميونيخ من تجاوز عملاقي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة واهتزت شباكه بخمسة أهداف أمام كل منهما، قبل أن تتم الإطاحة به من البطولة أمام أتليتيكو مدريد.
وفي مانشستر سيتي، استمرت الأمور على نفس المنوال؛ حيث كان غوارديولا يشتري المدافعين وحراس المرمى الذين يجيدون اللعب بالقدمين وبناء الهجمات من الخلف، وقاد النادي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين، بالإضافة إلى عدد من بطولات الكأس المحلية وتحطيم الكثير من الأرقام القياسية. لكن في بطولة دوري أبطال أوروبا؛ حيث تكون الضغوط أكبر وهامش الخطأ المقبول أقل، لم يحقق الفريق النتائج المتوقعة؛ حيث ودع مانشستر سيتي البطولة بعد الخسارة أمام أندية تبدو على الورق أقل منه في المستوى في ثلاثة مواسم متتالية، على الرغم من أن مانشستر سيتي كان أفضل فريق في أوروبا في اثنين من هذه المواسم الثلاثة، وبفارق كبير عن أقرب منافسيه.
وفي مثل هذا السياق، أصبح من المألوف أن نسمع كثيرين يقولون إن غوارديولا فشل في الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا من دون النجم الأرجنتيني العبقري ليونيل ميسي. قد يكون هذا صحيحا، لكن الحقيقة قد تكون مختلفة بعض الشيء، لأنه في عامي 2009 و2011، لو كان هجوم مانشستر يونايتد يضم ميسي ومارادونا وأقوى المهاجمين في تاريخ كرة القدم فإن الفريق الإنجليزي كان سيخسر أيضا، لأنه لم يكن يستحوذ على الكرة من الأساس في ظل امتلاك برشلونة لخط وسط مرعب يضم كلا من سيرجيو بوسكيتس وتشابي وأندريس إنييستا.
وتقول الحقيقة إن المنتخب الإسباني الذي كان يضم هذا الثلاثي الاستثنائي قد نجح – من دون ميسي – في الفوز بكأس العالم وكأس الأمم الأوروبية من دون أن يستقبل أي هدف في مباريات خروج المغلوب؛ وفي المقابل فإن المنتخب الأرجنتيني قد فشل – رغم وجود ميسي – في الفوز بأي شيء! إنه دليل غير كامل، لكن الشيء الواضح والذي لا جدال فيه هو أن كرة القدم لم تشهد ثلاثيا بهذه الروعة في خط وسط أي فريق من قبل، ولا نرى خط وسط مثل هذا في الوقت الحالي، ولن نرى مثله في المستقبل أيضا. ومع ذلك، رفض غوارديولا، الذي يعرف هذه الحقيقة أكثر من أي شخص آخر، تغيير طريقته وفلسفته في التدريب.
ولا تكمن مشكلة غوارديولا في أنه لا يريد أن يفهم ما يحدث ما حوله، لأنه انضم إلى برشلونة وهو في الثالثة عشرة من عمره وتشرب بأخلاقيات النادي، ثم عاش بهذه الأخلاقيات والقواعد في كل يوم من الأيام التي كان يلعب خلالها مع الفريق، كما أنه تولى تدريب الفريق الذي كان يضم عددا من أعظم المواهب في العالم، ويرى كثيرون أن برشلونة في ذلك الوقت يعد أعظم فريق عبر كل العصور. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن أن يكون الهدف الذي يسعى لتحقيقه أقل مما تربى ونشأ عليه؟
لكن الأمر لا يتعلق بالأمور الخططية والتكتيكية فقط. ودائما ما يريد غوارديولا من اللاعبين الذين يتولى تدريبهم أن يلعبوا بشكل سريع وقوي ومرن للدرجة التي تجعل المشاهد يشعر بأن الفريق يتحرك مثل الآلات التي تعرف كل منها دورها بمنتهى الدقة، وهو الأمر الذي يفسر قدرة الفريق على الفوز في عدد كبير من المباريات المتتالية وتجميع عدد قياسي من النقاط. لذلك، لا يمكن لأي فريق أن يجاري مانشستر سيتي إذا كان في حالته الطبيعية. لكن عندما لا يكون الفريق في حالته المعتادة - وعندما تجبر الظروف لاعبي الفريق على اللعب بطريقة مختلفة - فإن الفريق يكون معرضا للانهيار.
وأمام ليفربول في عام 2018، تلقت شباك مانشستر سيتي ثلاثة أهداف في تسع دقائق في الدوري الإنجليزي الممتاز، وثلاثة أهداف في 19 دقيقة في دوري أبطال أوروبا. وأمام مانشستر يونايتد، وبينما كان الفريق يسعى لحسم لقب الدوري الإنجليزي الممتاز على حساب غريمه التقليدي، تلقت شباك الفريق ثلاثة أهداف في غضون 16 دقيقة. وأمام توتنهام في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، اهتزت شباك مانشستر سيتي مرتين في غضون ثلاث دقائق. ويعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى ضعف خط دفاع الفريق، لكن هذا الأمر يرجع أيضا إلى عدم امتلاك الفريق للاعبين من أصحاب الشخصيات القوية الذين لا يمكن التحكم بهم مطلقا.
وعلى مدار العقد الماضي، دخل غوارديولا في خلافات مع يايا توريه وزلاتان إبراهيموفيتش وصامويل إيتو، وعلى الرغم من وجود مبررات لذلك داخل أرض الملعب، فإن العامل المشترك بين هؤلاء اللاعبين الثلاثة هو قوة الشخصية. ربما تكون هناك انتقادات تتسم بالعاطفية في هذا الشأن – كمال كرة القدم التي يقدمها غوارديولا لا يتفق مع شخصيات اللاعبين الذين يلعبون بشكل حماسي وفردي – لكن الحقيقة هي أن أي فريق يرغب في الفوز بالبطولات والألقاب يجب أن يضم مجموعة مختلفة من اللاعبين والشخصيات، وهو ما يساعد الفريق على التعامل مع الاحتمالات المختلفة التي يمكن أن تتكشف أثناء المنافسات القوية. ولو تخلى غوارديولا بعض الشيء عن القواعد التي يلتزم بها في عمله التدريبي، فكان من الممكن أن يحقق نجاحا أكبر.
في الحقيقة، هناك جزء من غوارديولا يقدر هذا الأمر، والدليل على ذلك أنه اعتمد في الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي الموسم الماضي على المدافع البلجيكي فينسينت كومباني، الذي كان أقوى شخصية داخل الفريق. لكن عندما رحل كومباني في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، لم يبحث غوارديولا عن مدافع بديل، لكنه أنفق الأموال المخصصة للدعم على التعاقد مع لاعب خط الوسط الإسباني رودري، الذي يتميز بالذكاء والمهارة، وكأن غوارديولا لا يتحمل أن يرى لاعبا بهذه القدرات في ناد آخر غير مانشستر سيتي!


مقالات ذات صلة

أزمات مانشستر سيتي تتوالى محلياً وقارياً... وغوارديولا تحت الضغط

رياضة عالمية غوارديولا يشعر بحجم الضغط عليه بسبب نتائج سيتي السيئة (رويترز)

أزمات مانشستر سيتي تتوالى محلياً وقارياً... وغوارديولا تحت الضغط

يعاني سيتي لحجز مكان بالدور الثاني من البطولة القارية على عكس الثلاثي الذي يتقدم بخطى ثابتة ليفربول وآرسنال وآستون فيلا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إلكاي غويندوغان (أ.ف.ب)

غوندوغان: على مانشستر سيتي البحث عن «مفتاح النجاح»

حث إلكاي غوندوغان، لاعب فريق مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، زملاءه على إيجاد الإلهام داخل أنفسهم، بعد الخسارة صفر-2 أمام يوفنتوس الإيطالي الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ب)

غوارديولا: «سُنة الحياة» هي السبب فيما يجري لمانشستر سيتي

رفض المدرب الإسباني لمانشستر سيتي الإنجليزي بيب غوارديولا اعتبار الفترة الحالية التحدي الأصعب في مسيرته.

رياضة عالمية بيب غوارديولا (أ.ف.ب)

هل تكون وجهة غوارديولا الجديدة تدريب منتخب وطني؟

أعطى بيب غوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، إشارة واضحة عن خططه عقب انتهاء مهمته مع الفريق مشيرا إلى أنه لا يرغب في البدء من جديد.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا (د.ب.أ)

غوارديولا: لن أدرب فريقاً أخر بعد مانشستر سيتي

أعلن الإسباني بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي لكرة القدم، أنه لن يدرب فريقا آخر بعد انتهاء عقده الحالي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.