دمشق: انتشار عسكري في المزة وإخلاء محيط المطار.. ومدارس تتحول إلى مقرات أمنية

صورة وزعت أمس لجنديين في الجيش السوري يحضران لإطلاق قذيفة في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)
صورة وزعت أمس لجنديين في الجيش السوري يحضران لإطلاق قذيفة في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)
TT

دمشق: انتشار عسكري في المزة وإخلاء محيط المطار.. ومدارس تتحول إلى مقرات أمنية

صورة وزعت أمس لجنديين في الجيش السوري يحضران لإطلاق قذيفة في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)
صورة وزعت أمس لجنديين في الجيش السوري يحضران لإطلاق قذيفة في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)

تعيش العاصمة دمشق تحت وطأة حالة قلق وترقب ثقيلين في انتظار ضربة عسكرية محتملة هددت بها الولايات المتحدة نظام الرئيس بشار الأسد عقابا له على استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية. وتحت هذا القلق تتباين ردود الفعل وتتناقض، ما بين فريق يرى فيها خلاصا من بطش سلاح النظام الثقيل الذي دمر كامل المناطق الساخنة، وفريق يسكن المناطق الهادئة نسبيا ويخشى من تدميرها بالتدخل الخارجي.
ضمن هذه الأجواء يسعى النظام للمحافظة على تماسكه وتماسك المجتمع الحاضن له من الميليشيات والموالين وبالأخص أبناء الطائفة العلوية من الفقراء الذين قدموا أبناءهم أضاحي لبقاء نظام الأسد، فيسعى لطمأنتهم بأن الضربة هي فقط «لتغيير موازين القوى على الأرض بعد الانتصارات الساحقة للجيش الباسل على العصابات الإرهابية»، بحسب ما يكرره المحللون السياسيون على القنوات السورية.
وحتى مساء الجمعة كان الإعلام السوري يتعامل مع التهديدات الأميركية على أنها غير جدية، ولكن بعد ظهور وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي أوضح فيه أن الإدارة الأميركية تملك أدلة دامغة على استخدام النظام الكيماوي، تغيرت لهجة الإعلام الرسمي لتصبح لغة حربية خالصة، كما صدر تعميم بتوحيد بث جميع القنوات السورية: «الفضائية السورية» و«سوريا دراما» والقناة الأولى و«الإخبارية»، وهي قنوات رسمية تابعة للحكومة، ومعها قناة «تلاقي» الخاصة المملوكة لرامي مخلوف ابن خال الرئيس والتي تبث من مبنى التلفزيون السوري، وقناة «سما» البديلة عن قناة «الدنيا» الخاصة والمملوكة لعدد من رجال الأعمال الموالين للنظام.
وراحت تلك القنوات تعرض برامج «التعبئة النفسية» في غالبية فترات البث. وتبث برامج حوارية سياسية، وأغاني سياسية تمجد الوطن والرئيس والجيش.
وصدر تعميم على كل الصفحات الإخبارية الموالية في مواقع التواصل الاجتماعي، لمتابعة تلك القنوات حصرا، و«استقاء المعلومة منها فقط، وعدم تناقل أي أخبار إلا من المصادر المصرح عنها في برامج البث الموحدة، خاصة في ما يتعلق بالعمليات العسكرية أو الاعتداءات إن وقعت أو التي تهدف لإضعاف الروح المعنوية، واتباع وسائل الاتصال التقليدية في حال انقطع البث وهي: الهاتف إن توافر في حال تم العدوان، أو نقل المعلومة بالتتالي (من شخص لآخر) من دون إضافة أو نقصان».
وحذر المحللون السياسيون على شاشة التلفزيون الرسمي صباح أمس من خطورة «الضربات الإعلامية»، واعتبروا أنها «أخطر من الضربة العسكرية». وبالتوازي مع ذلك راحت معظم الصفحات الموالية للنظام على شبكات التواصل الاجتماعي تطلق النكات حول الضربة الأميركية الوشيكة، وتقلل من شأنها بأنها لن تنال من عزيمة «جنود الأسد»، ومن ذلك كانت رسالة قيل إن حافظ، نجل الرئيس بشار الأسد، كتبها باللغة الإنجليزية على صفحته بموقع «فيس بوك» قال فيها «انتظرنا 12 ساعة. قالوا 48 ساعة، نحن ننتظر.. قد تملك الولايات المتحدة الأميركية الجيش الأفضل، ربما الطائرات الأفضل أيضا، والدبابات الأقوى من دباباتنا، لكن الجنود؟ لا أحد يملك جنودا أفضل من جنودنا الموجودين في سوريا.. أميركا قد تتمكن من تدمير جيشنا، لكنها لن تتمكن من تدمير مقاومتنا وصمودنا، فنحن خلقنا لنقاتل ونقاوم.. أريدهم أن يضربوا سوريا، أريدهم أن يرتكبوا هذا الخطأ الكبير، بأن يبدأوا حربا لا يعرفون كيف ستنتهي».
ومع أنه لا شيء يؤكد أن كاتب هذه الرسالة هو نجل بشار الأسد، فإن مضمونها هو المضمون الذي عمم في خطاب الموالين للنظام، والذين راحوا ينشرون صورا للرئيس الأميركي باراك أوباما ممهورة بعبارات تحمل شتائم وكلمات بذيئة، وأخرى له وهو يضحك بأن ما يقوم به مجرد مقلب كاميرا خفية وهو غير جاد في توجيه الضربة.
بينما أعلنت الحكومة حالة استنفار وأمرت جميع العاملين بالوجود في مواقع عملهم، كما راحت تعقد اجتماعات للجان الاختصاصية على مدار الساعة، لاحتواء تداعيات الضربة المحتملة من حيث تأمين الخدمات الطرق والاتصالات والمياه، كما عقد أمس اجتماع للجنة الاقتصادية المصغرة لمواجهة تدهور الليرة السورية واختلال الأسعار في السوق خلال اليومين الماضيين، وجمود سوق العملات، حيث ارتفع سعر الدولار من 200 ليرة إلى 250 ليرة مساء الخميس ليعود ويهبط يومي العطلة الجمعة والسبت إلى 235 ليرة، مع توقعات بارتفاعه مجددا.
وأكد رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي أن الجيش السوري «على أهبة الاستعداد» و«يده على الزناد» لمواجهة الضربة العسكرية التي يهدد بها الغرب. ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن الحلقي قوله «الجيش العربي السوري على أهبة الاستعداد ويده على الزناد لمواجهة كل التحديات وأي سيناريو يريدون تنفيذه».
وكان مسؤول أمني سوري أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية بأن سوريا تتوقع الضربة الغربية «في كل لحظة». وقال المسؤول ردا على سؤال في اتصال هاتفي «نتوقع العدوان في كل لحظة، ونحن جاهزون للرد في كل لحظة». وأضاف «سندافع عن شعبنا ووطننا بكل إمكانياتنا وبكل ما أوتينا من قدرة. هذه البلطجة لن تمر من دون رد». وفي إشارة إلى التصريحات الأميركية الأخيرة، قال المسؤول «كل شيء قالوه أمس مهزلة»، معتبرا أن «موقف الرأي العام الغربي هو ضدهم. قضيتهم قضية خاسرة وغير عادلة ولا تمت بصلة إلى الأخلاق والقانون الدولي».
ميدانيا، رصد ناشطون في ريف دمشق حفر قوات النظام أنفاقا ومخابئ في مطار دمشق، بالإضافة إلى العديد من الحفر الفردية، وتحريك قوات النظام راجمتي صواريخ في مطار دمشق الدولي باتجاه بلدة حران العواميد، وخروج سيارات من مطار دمشق الدولي محملة بإمدادات طعام لتزويد القوات المنتشرة في بلدت حران العواميد والغسولة والمصرف والتي سبق أن خرجت من مطار دمشق قبل يومين.
وفي العاصمة احتلت قوات النظام فجر أمس جامع الأكرم في المزة فيلات شرقية، ومنعت إقامة صلاة الفجر فيه، كما انتشر عدد من القناصة على الأبنية العالية في طلعة الإسكان المغلقة منذ يومين، وعند دوار المواساة. ويشار إلى أن حي المزة القريب من مطار المزة العسكري يشهد تنقلات وتحركات كثيفة لقوات النظام، مع إغلاق لعدة طرق، لا سيما القريبة من مقر السفارة الإيرانية، والمقرات الأمنية ومنازل المسؤولين، كما أفرغت معظم المنازل السكنية في محيط المطار العسكري. وتحولت أكثر 13 مدرسة إلى مقرات أمنية بديلة وهي من المدارس الواقعة في محيط المقرات الأمنية داخل العاصمة.
على الصعيد الشعبي يسعى الأهالي في بعض الأحياء والتي فيها مقرات أمنية إلى تجهيز ملاجئ في الأقبية، بعد أن شهدت تلك الأحياء حالة نزوح داخلي كبيرة باتجاه أحياء أخرى أقل خطرا أو إلى دول الجوار. وفي مخيم اليرموك الذي يتعرض لقصف متواصل قال ناشطون إن «هيئة فلسطين الخيرية قامت «بحملة جديدة لتجهيز ملاجئ مخيم اليرموك، لاستخدامها وقت الحاجة».



وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.


«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)

وسّعت الجماعة الحوثية من دائرة انتهاكاتها الممنهجة لتطال عشرات المحاسبين القانونيين اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء، عبر حملات تعقّب، وملاحقة، وتهديدات مباشرة بالتصفية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والإخضاع للتطييف الفكري، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية، وتمثل تهديداً خطيراً لاستقلال المهنة، وسلامة العاملين فيها، وانعكاساً سلبياً على بيئة العمل القانونية والمحاسبية في البلاد.

ودفعت هذه الممارسات المتصاعدة منتسبي مهنة المحاسبة القانونية في صنعاء إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة، وإصدار بيانات إدانة شددت على ضرورة الوقوف في وجه الجماعة، واتخاذ خطوات تصعيدية للدفاع عن حقوق المحاسبين، وحماية مهنيتهم في عموم مناطق سيطرة الحوثيين.

وأعربت «جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين» (مقرها صنعاء) عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات، والتهديدات، وأعمال الخطف التي يتعرض لها منتسبوها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، معتبرة أن تكرار هذه الممارسات بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقلال المهنة، وسلامة أعضائها، ويقوّض أسس العمل المهني القائم على الحياد، والشفافية.

عبر الانتماء السلالي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

وأوضحت الجمعية، في بيان، أن المحاسب القانوني محمود الحدي تلقى أخيراً تهديدات مباشرة وصريحة عبر الهاتف بالتصفية الجسدية، صدرت عن مشرف حوثي بارز يُدعى شرف أحمد الجوفي. وأكدت أن التهديد بالقتل، والإساءة، وتوجيه الشتائم جرت أثناء حضور عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية، في واقعة عدّتها انتهاكاً صارخاً للقانون، والأعراف المهنية.

وأشار البيان إلى أن المحاسب القانوني عزّ الدين الغفاري تعرّض قبل فترة للاحتجاز التعسفي من قبل ما تُسمى إدارة البحث الجنائي الخاضعة للجماعة في صنعاء، وذلك بإيعاز من قاضٍ موالٍ للحوثيين يعمل بمحكمة استئناف العاصمة المختطفة، على خلفية قيامه بمهامه المهنية في مراجعة شفافة لإحدى القضايا، في مؤشر على استخدام أدوات القضاء والأمن لتصفية الحسابات المهنية.

وعبّرت الجمعية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التهديد، والاعتداء، والاختطاف المستمرة التي طالت ولا تزال محاسبين قانونيين في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والتحرك لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.

استمرار التعسف

هاجم مصدر نقابي في جمعية المحاسبين اليمنيين بصنعاء كبار قادة ومشرفي الجماعة، متهماً إياهم باتخاذ مزيد من الإجراءات والممارسات التعسفية المخالفة للقانون ضد العشرات من زملائه في صنعاء، ومدن أخرى، محذّراً من انعكاسات خطيرة على مهنة العمل المحاسبي والقانوني، وعلى الثقة العامة بالبيئة الاقتصادية.

وكشف المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» طلب فيه عدم ذكر اسمه، عن تعرّض أكثر من 16 مكتباً ومركزاً للمحاسبة والمراجعة والتدريب القانوني في صنعاء، إلى جانب عشرات المحاسبين الإداريين والقانونيين، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لحملات ابتزاز، ومضايقة، وإغلاق قسري، فضلاً عن اختطاف، واعتقال تعسفي، وغير قانوني.

وأضاف أن الجمعية تواصل اتخاذ خطوات تصعيدية متاحة للدفاع عن أعضائها، وحماية كرامتهم، والتمسك بأداء واجبها في خلق بيئة مهنية آمنة تتيح للمحاسب أداء مهامه باستقلالية وحياد كاملين، بعيداً عن أي ضغوط، أو تهديدات، مؤكداً أن الصمت إزاء هذه الانتهاكات سيقود إلى مزيد من التدهور المؤسسي.

جانب من انتشار أمني حوثي في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وتضم جمعية المحاسبين اليمنيين نحو ثلاثة آلاف عضو نشط، ولها فروع عدة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. كما تواصل عملها بالشراكة مع منظمات دولية متخصصة في دعم العمل المحاسبي والقانوني، عبر تنظيم فعاليات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز معايير المهنة، والحوكمة، والشفافية.

ومنذ اقتحام الحوثيين صنعاء ومدناً أخرى، عمدت الجماعة إلى التضييق على المحاسبين القانونيين، واتخاذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق كثير منهم، في مسعى لفرض السيطرة على قطاع يُعد من ركائز النزاهة المالية، والرقابة، وتسخيره –على غرار قطاعات أخرى– لخدمة أجندتها.

كما أخضعت خلال فترات سابقة مئات المحاسبين للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن ما تسميه «معركة الجهاد المقدس»، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تسييس المهنة، وتقويض أسسها المهنية.