رقعة شطرنج الأزمة اليمنية... ومفاتيح الحلول

إجماع دولي وإقليمي على أن اتفاق الرياض أنعش فرص السلام الشامل

رقعة شطرنج الأزمة اليمنية... ومفاتيح الحلول
TT

رقعة شطرنج الأزمة اليمنية... ومفاتيح الحلول

رقعة شطرنج الأزمة اليمنية... ومفاتيح الحلول

كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساءً بتوقيت السويد. فتح شاب يمني باب كوخ متجها إلى ظلام دامس، تكسره أضواء خافتة تلوح من مائة متر تقريبا خارج شرفات قصر «جوهانسبرغ» الملكي الذي استضاف المشاورات اليمنية بداية ديسمبر (كانون الأول) 2018. لم يطق الشاب الذي يعمل في مؤسسة إعلامية دولية صبرا، إذ لم يكمل حتى تدخين سيجارته التي أشعلها قبل دقيقة، وقبل أن يعود إلى الكوخ الذي استخدمه السويديون مقرا للمركز الإعلامي لمشاورات السويد، قال لزميله: دخن سريعا، نريد إكمال رقعة الشطرنج المعقدة هذه قبل أن يدهمنا الوقت. «الشرق الأوسط» استوقفت الشاب الذي لم يفضل نشر اسمه تطبيقا لقواعد مؤسسته الإعلامية التي تمنعه التصريح، وسألته عن التشبيه فأجاب: اليمن رقعة شطرنج أحجارها ليست بالضرورة أن تكون دوما في الصف ذاته، وتحتمل أيضا أكثر من مجرد فريقين، والفريق الواحد ليس بالضرورة أن يكون الجنود فيه يرتدون اللون ذاته. إنها أعقد رقعة شطرنج موجودة في المنطقة. مضى الشاب، ومضى نحو عام على تلك المشاورات، والتصقت هذه العبارة التي قد تكون قريبة من المشهد. فما هي أوضاع رقعة شطرنج الأزمة اليمنية حاليا، بما فيها اتفاق «استوكهولم»، وما مفاتيح حلولها الممكنة؟

لم تشهد العاصمة السعودية الحدث التاريخي المتمثل بـ «اتفاق الرياض» بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وحسب، بل كانت هناك عدة لقاءات من الممكن القول إنها حدثت للمرة الأولى. فلقاء الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي كان الأول للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
اجتماع آخر عقد الأربعاء لطرفي اتفاق الرياض مع الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي. لقد كانت أول مرة يجتمع خلالها الطرفان (الحكومة والانتقالي) بشكل مباشر.
كما التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي لأول مرة منذ تأسيس المجلس في عام 2017.
مسؤول أممي وصف لقاء ولي العهد السعودي مع المبعوث الأممي إلى اليمن الذي عُقد في الرياض مساء أمس (الخميس)، بـ«الإيجابي للغاية»، وقال المسؤول الذي فضل حجب اسمه إن «هناك دعما سعوديا للعملية السياسية اليمنية، والتزاما عميقا... المملكة ترى فرصة لسلام حقيقي في اليمن وتسير صوب ذلك الاتجاه».
ولا يذهب حديث المسؤول الأممي بعيدا عن النص الرسمي الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، التي نقلت عن الأمير محمد بن سلمان تأكيده «حرص المملكة على كل ما يحقق مصلحة الشعب اليمني وأمن واستقرار اليمن، متمنياً أن يكون اتفاق الرياض فاتحة خير لتفاهمات أوسع بين أبناء الشعب اليمني للتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية».
وسبق للمبعوث أن ثمن جهود ولي العهد السعودي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، مؤكدا «الدور القيادي الذي اضطلع به ولي العهد السعودي» وعدّ ذلك «عنصرا محوريا في تيسير التوصل لحلول بشأن نقاط اختلاف أساسية بين الأطراف»، مستدلا بما حدث خلال محادثات جدة الأخيرة. وقال: «أسهم الأمير محمد في خلق فرص أمام الأطراف لبناء الثقة فيما بينها وإيجاد أرضية مشتركة. وأشعر بالامتنان تجاه هذا الدعم الذي لا يقدّر بثمن».

وقف الحرب
«رأينا وساطات سياسية كثيرة ورأينا كيف استطاعت وساطة المملكة العربية السعودية في حل مشكلة يمنية. ما نحتاجه هو وساطة حقيقية تلبي متطلبات الشعب ولا تستمر أزمته ودماؤه وحزنه»، حسب كلام حمزة الكمالي وكيل وزارة الشباب والرياضة اليمني لـ«الشرق الأوسط» الذي تابع: «كل اليمنيين لا يريدون أن تستمر الحرب، لكن إيران تريد استمرار هذا الدمار؛ لأنها تعتبره نوعا من الاستثمار السياسي ويدفع ثمنه دماء اليمنيين... نؤكد أن الشعب اليمني يرفض إيران، وهو جزء من جغرافيا مجلس التعاون الخليجي».
ويصف الكمالي اتفاق الرياض بالقول: «هذا الاتفاق خلاصة جهد دبلوماسي سعودي كبير قادته المملكة مع جميع الأطراف اليمنية». الجهد السعودي أثمر هذا الاتفاق الذي يؤكد توحيد المكونات اليمنية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران. «على جميع المكونات السياسية اليمنية دعم الاتفاق».
يضيف الوكيل: «مثلما أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يمثل كل جنوب اليمن فإن الحوثي لا يمثل كل شمال اليمن. اليمن بلد متنوع وواسع ويجب أن تكون قراراته سيادية تحتوي على جميع مكوناته وأفراده، والدولة الاتحادية هي حل اليمن، وأي حلول أخرى مؤقتة وتأجيل لمعارك ستفرز هذه الحلول المؤقتة»، مشددا على أن المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، مخرجات الحوار الوطني، القرار الأممي 2216) هي السبيل ونقطة انطلاق أي حل. ولا يختلف مع الكمالي أي طرف دولي إلا الحوثيون، الذين يقولون على مضض وبتلميحات طفيفة إنهم يقبلون بها قبل أي حوار، وحدث ذلك في الكويت والسويد.

المؤشرات... والحلول
يعتقد دبلوماسي غربي أن الأزمة اليمنية يمكن تقسيمها في الوقت الراهن إلى ثلاثة محاور؛ الأول: اتفاق استوكهولم ومفاوضات الحل الشامل بين الحكومة اليمنية والحوثيين. الثاني: الهدنة التي عرضها الحوثيون بعدم استهداف السعودية، والإشارات الإيجابية من المسؤولين السعوديين تجاهها والتي شددت على ضرورة أن الأفعال هي ما يعتد به وليس الأقوال. الثالث: اتفاق الرياض، وهو بحسب الدبلوماسي - الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه - الأقرب إلى التطبيق بعد توقيعه في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في العاصمة السعودية.
المبعوث الأممي لديه 5 مؤشرات يعتقد أنها بوادر جيدة، «تدعو للشعور بالأمل وتعكس حسن النيات بين الأطراف المعنية، وتحقق تغييرات ملموسة وتقدماً حقيقياً على الأرض». وتتمثل المؤشرات الخمسة في «تراجع كبير خلال الفترة الأخيرة في أعمال العنف بالشمال، وإطلاق سراح عدد من السجناء والمحتجزين، والسماح للسفن المحملة بالنفط بالدخول إلى الحديدة مع السماح لوكالات الإغاثة بتقديم مساعدات للأشخاص المحتاجين لها في الدريهمي، إضافة إلى اتفاق الرياض».
يعتقد الدكتور تركي القبلان رئيس مركز ديمومة للدراسات الاستراتيجية في الرياض أن «اتفاق الرياض أعطى رسالة للمجتمع الدولي، والداخل اليمني والمكونات السياسية، بالاصطفاف حول الشرعية وأن الحلول الدبلوماسية ممكنة، وتوحيد الجهود تجاه الحل النهائي ممكن».
ويقول القبلان: «الحوثيون أساسا لا يوجد لديهم أفق سياسي لحل شامل، لأنهم لا يلجأون إلى التفاهم إلا من منظورين. الأول: إذا كان لديهم إخفاق عسكري في الميدان وشعروا بالضغط يلجأون إلى التلويح بالقبول بأي تفاوض. المنظور الثاني: لأن الحوثي مرتبط إقليميا بإيران، فإن كان النظام الإيراني في مأزق سياسي يعلن الحوثي أنه يقبل التفاوض والحل وما إلى ذلك... خارج هذين المنظورين لا يمكن أن يقبل الحوثيون بأي حل؛ لأنهم يرون أن أي حوار سيصيبهم في مقتل، وهي أيضا فكرة آيديولوجية مترسخة لدى الجماعة التي تعتقد أن السلم والسلام محاولة لسحب السلطة منهم أو أنه خدعة سياسية بالنسبة لهم».
ويرى القبلان أن «الضغط العسكري في الداخل اليمني خصوصا جبهات صعدة، وما تمر به إيران من عقوبات غير مسبوقة، بالإضافة إلى تحييد الحديدة، والهبّة التي تواءمت في لبنان والعراق مع روح عاصفة الحزم التي تهدف إلى وقف التغلغل الإيراني إلى العالم العربي، سوف تسهم في إنهاء التغلغل وبالتالي إنهاء الحرب. ويبدو أن القوة الناعمة التي استخدمتها السعودية لإيضاح الضرر الإيراني على المنطقة كان لها تأثيرها في ذلك».

هدنة حوثية؟
في أي حال تذهب آراء دبلوماسيين غربيين من بينهم السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، إلى أن إعلان الحوثيين في 20 سبتمبر (أيلول) عن وقف الهجمات ضد السعودية مهم. السفير قال في حوار مع «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي: «كان هناك بعض الهجمات بالفعل لكن ليس بالوتيرة السابقة. كما أعتقد أن الرد السعودي بالإعلان أنّهم لن يستهدفوا بعض المناطق (يشير إلى) احتمال وجود فرصة نقاش حول (تهدئة)، مما يعني تخفيض الهجمات من الجانبين، مما يقود إلى إنهاء الحرب»، مضيفاً أن «جانباً مهماً في إنهاء الحرب هو (إنهاء) الصراع بين السعودية والحوثيين».
وفي أول تعقيب سعودي على الهدنة، قال عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء السعودي، في إطار رده على سؤال وجه له في مؤتمر صحافي: «نحكم على الأطراف الأخرى بناء على أفعالها وأعمالها، وليس أقوالها؛ ولذا فإننا سنرى إن كانوا سيطبقون فعلا (المبادرة) أم لا».
ويبقى الرهان الأممي على هذه المبادرة تحديدا؛ لأنها سوف تكون بحسب الدبلوماسيين الغربيين، اختبارا عصيبا على الحوثيين، ولأنه سيدعم الدعوات التي تقرب وجهات النظر بين الأطراف.
أما الدبلوماسي اليمني مصطفى النعمان وكيل الخارجية اليمنية الأسبق فيرى أن «المناداة بوقف الحرب ليس منطلقا من الاصطفاف مع طرف ضد آخر، ولكن لأن استمرارها لم يعد مجدياً لتحقيق الأهداف التي كانت متوخاة منها، أقول هذا لأن كلفتها البشرية والمادية فاقت كل ما كان متوقعا كما أن المنطقة صارت بأكملها بحاجة لحشد إمكاناتها في مسار التنمية والاستقرار، وهذان الهدفان لا يمكن التوصل إليهما عبر القوة فقط. ويتابع النعمان: «نحن أمام فرصة جديدة لإنهاء هذه الحرب خصوصا بعد الرد الإيجابي الذي عبرت عنه المملكة بلسان الأمير خالد بن سلمان ردا على المبادرة التي أطلقت من صنعاء لوقف العمليات العسكرية كخطوة أولى في اتجاه وقف الحرب»، مضيفا: «انعدام الثقة ما زال هو المسيطر على المناخ ولكني على يقين أن ذلك ممكن تجاوزه بضمانات متبادلة من كل الأطراف تبعد شبح التدخلات الإيرانية وغيرها».
وبسؤاله عن الدوافع التي تفضي إلى أن يركن الحوثيون إلى السلام، أجاب الدبلوماسي اليمني: «يعرف الجميع أن الذكي من اعتبر بتجارب التاريخ وتفهمها... للأسف فإن العمل السياسي ليس راسخا عند جماعة أنصار الله وهم يتعاملون مع القضايا المصيرية من منظور ضيق خاص بهم وينطلق من فهمهم للوطن والمواطنة»، مضيفا: «أتمنى أن يكونوا قد استوعبوا حجم الكارثة التي أوقعوا فيها البلد وأنفسهم فيها باللجوء إلى السلاح وسيلة لفرض قناعاتهم... حتى وإن تصوروا أن عدم هزيمتهم عسكريا هو نصر لهم إلا أنهم بذلك لا يدركون هول فواجع الحرب وآثارها... أنا أدعو لوقف الحرب منذ يومها الأول وأتصور أن هذه هي من الفرص التي لا أريد لها أن تمر كالسحاب».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»