موسكو وأنقرة تسيّران ثالث دورية عسكرية في شرق الفرات

قمة تركية ـ ألمانية ـ بريطانية ـ فرنسية في لندن بداية الشهر المقبل

أكراد سوريون يحتجون ضد دورية تركية ـ روسية في ريف الحسكة شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
أكراد سوريون يحتجون ضد دورية تركية ـ روسية في ريف الحسكة شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو وأنقرة تسيّران ثالث دورية عسكرية في شرق الفرات

أكراد سوريون يحتجون ضد دورية تركية ـ روسية في ريف الحسكة شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
أكراد سوريون يحتجون ضد دورية تركية ـ روسية في ريف الحسكة شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)

أعلنت أنقرة أمس، أن قمة تركية - ألمانية - فرنسية - بريطانية حول سوريا ستعقد على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في لندن يومي 3 و4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في تصريحات عقب اجتماع تمهيدي لوفود الدول الأربع في إسطنبول أمس (الجمعة)، إن بلاده اتفقت مع كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على عقد القمة الرباعية حول سوريا في لندن.
وأشار إلى أن الاجتماع التمهيدي تناول أجندة القمة الرباعية، والقضايا التي ستتناولها قمة «ناتو»، إلى جانب تقييم الخطوات التي يتعين اتباعها على صعيد الملف السوري.
وأضاف: «تم الاتفاق على عقد القمة الرباعية على هامش قمة الناتو المقرر عقدها في لندن يومي 3 و4 ديسمبر (كانون الأول). ناقشنا أيضا جدول أعمال القمة».
وتابع: «ناقشنا أيضا بالتفصيل الفرص التي تتيحها عملية (نبع السلام) العسكرية التركية، وعودة اللاجئين، وإنشاء منطقة آمنة، وما الذي يمكن عمله بشأن العملية السياسية المقبلة في سوريا».
جاء ذلك قبل ساعات من زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إلى تركيا، حيث من المقرر أن يلتقي كالين وعددا آخر من المسؤولين لبحث التطورات في سوريا والعملية السياسية.
الى ذلك، سيرت القوات التركية والروسية، أمس (الجمعة)، الدورية الثالثة المشتركة في شرق الفرات، في إطار جهود تأسيس منطقة آمنة شمال شرقي سوريا، بموجب اتفاق سوتشي الموقع بين أنقرة وموسكو في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، توجهت الدورية التركية المؤلفة من 4 مدرعات من قرية آلاكاميش بقضاء إيديل بولاية شرناق (جنوب شرقي تركيا) باتجاه الأراضي السورية، والتقت مع الموكب الروسي، ثم تحرك الموكبان وباشرا تسيير دورية مشتركة في المنطقة الواقعة بين مدينة القامشلي والمالكية التابعتين لمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، رفقة طائرات من دون طيار.
وبدأ تسيير الدوريات المشتركة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وتم تسير الدورية الثانية يوم الثلاثاء الماضي.
وفي الوقت ذاته، قطع الجيش الوطني السوري، الموالي لتركيا، طريق حلب - القامشلي الدولي أمس، بعد سيطرته على بلدة الشركراك، في ريف محافظة الرقة الشمالي.
وقال المتحدث العسكري الرسمي في هيئة أركان الجيش الوطني، يوسف حمود: «تمكنت قواتنا من قطع طريق حلب - القامشلي الدولي، بعد استعادة السيطرة على بلدة الشركراك، الواقعة على بعد 8 كيلومترات شرق بلدة عين عيسى، وكذلك السيطرة على قرية بير عيسى».
وأضاف قائد ميداني في الجيش الوطني لوكالة الأنباء الألمانية: «قتل 4 من عناصر الجيش الوطني خلال المعارك في بلدة الشركراك، بينما قتل أكثر من 13 عنصراً من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها (وحدات حماية الشعب) الكردية، وأصيب آخرون... وثبتت قوات الجيش الوطني نقاطها على الأوتوستراد الدولي وصوامع الحبوب»، وتابع: «واصلت قواتنا تقدمها على محور غرب بلدة عين عيسى، وسيطرت على قرية العلوة، واستعادت جميع النقاط في محيط قرية الخالدية، مع السيطرة على الأوتوستراد».
كانت قوات الجيش الوطني قد سيطرت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على بلدة الشركراك، لتنسحب منها بعد هجوم من قوات «قسد».
وأقر مصدر في «قسد» بقطع طريق حلب – القامشلي، شرق عين عيسى، بعد مواجهات مع الجيش الوطني، قائلاً إن القرى الواقعة شرق بلدة عين عيسى شهدت اشتباكات عنيفة بين قواتنا وفصائل المعارضة الموالية للجيش التركي، مما أدى لانقطاع الطريق الدولي أمام حركة السير.
وبحسب تصريحات المسؤولين الأتراك، فإن خطة المرحلة الأولى من عملية نبع السلام هي الوصول إلى طريق حلب الدولي إم-4.
وتتركز القوات الحكومية السورية جنوب قرية فاطسة الشركراك، وقد أصبحت على مسافة 3 كيلومترات من الجيش الوطني.
وفي سياق متصل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات التركية قصفت مواقع لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا. وذكر المرصد أن القوات التركية المتمركزة شمال حلب استهدفت قرية مرعناز التابعة لناحية شرا بمنطقة عفرين بصواريخ، دون معلومات عن خسائر بشرية.
وأضاف أنه تم رصد اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بين القوات الكردية من جهة، والفصائل الموالية لتركيا من جهة أخرى، على محور كفر خاشر، جنوب مدينة إعزاز، في ريف حلب الشمالي.
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أكد، أول من أمس، أن العملية العسكرية التركية (نبع السلام) بشمال شرقي سوريا مستمرة، قائلاً إن «الوحدات» الكردية لم تنسحب بالكامل من المناطق الحدودية، في خرق للتفاهمات التركية - الأميركية والتركية - الروسية.
وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، من جانبه، أن «الوحدات» الكردية لم تنسحب، مشيراً إلى أن روسيا والولايات المتحدة قد وعدتا بانسحابها من منطقة العملية (نبع السلام) والمناطق الواقعة شرقها وغربها.
وقال الوزير التركي، في مقابلة مع «سي إن إن» الأميركية أول من أمس: «هناك كثير من الانتهاكات التي تنفذها (الوحدات) الكردية في الوقت الراهن، ونحن نناضل ضد هذه الانتهاكات، وفي الوقت نفسه نطالب روسيا والولايات المتحدة بإخراجها من المنطقة عبر التعاون مع كلا البلدين».
وفيما يتعلق بوضع الجيش الوطني السوري، أكد الوزير أكار أن الجيش الوطني لا علاقة له مع أي تنظيم إرهابي، مضيفاً: «هؤلاء جميعهم سوريون، ويناضلون من أجل استقلال ووحدة بلادهم».
ورفض أكار مزاعم تحول إدلب إلى ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية، قائلاً: «هذه المزاعم غير صحيحة، وغير ممكنة، فنحن موجودون بالمنطقة، ونناضل ضد جميع أشكال الإرهاب، وضد جميع التنظيمات الإرهابية».
وأضاف: «نحاول أن نفعل شيئاً في المنطقة عبر التعاون مع روسيا، كما أنه لدينا جهودنا الخاصة لتحييد التنظيمات الإرهابية».
وقال أكار إن بلاده منعت كثيراً من المحاولات التي تستهدف المدنيين الأبرياء في تركيا ودول أخرى.
وفي سياق متصل، وجه مسؤول أميركي كبير انتقاداً إلى إدارة الرئيس دونالد ترمب، بسبب عدم بذلها جهوداً كافية لمنع هجوم تركيا في الأراضي السورية، الذي قال إنه تسبب بـ«جرائم حرب وتطهير عرقي»، حسبما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز».
وقالت الصحيفة إنها حصلت على مذكرة داخلية كتبها ويليام روبوك، نائب المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف ضد تنظيم داعش الإرهابي، أشار فيها إلى أن الولايات المتحدة «لم تحاول» اتخاذ تدابير أقوى لكبح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وانتقد روبوك «الجهود الحثيثة للتطهير العرقي» من جانب تركيا وحلفائها بحق الأكراد في سوريا، التي «لا يمكن تعريفها سوى بأنها جرائم حرب أو تطهير عرقي»، وفقاً للصحيفة.
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن المذكرة التي نشرتها أول من أمس: «يوماً ما، عندما يكتب التاريخ الدبلوماسي، سيتساءل المرء عما حدث هنا، ولماذا لم يقم المسؤولون بالمزيد لمنع هذا، أو على الأقل لماذا لم يتحدثوا بقوة أكبر للوم تركيا على سلوكها».
ورفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغن أورتيغاس، القول ما إذا كانت هذه «الاتصالات الداخلية الخاصة المزعومة» صحيحة أم لا، وقالت: «لقد أوضحنا أننا نختلف بشدة مع قرار إردوغان دخول سوريا، ولقد فعلنا كل شيء، باستثناء المواجهة العسكرية، لمنع هذا».
وأضافت المتحدثة أن الولايات المتحدة أخذت على محمل الجد تقارير تفيد بأن مقاتلين مدعومين من تركيا ارتكبوا انتهاكات، من بينها قتل مدنيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.