«النهضة» تعلن قريباً اسم رئيس الحكومة التونسية

البرلمان المنتخب يعقد جلسته الافتتاحية الأربعاء المقبل

TT

«النهضة» تعلن قريباً اسم رئيس الحكومة التونسية

أعلن نبيل بافون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، النتائج النهائية والرسمية للانتخابات البرلمانية، التي جرت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي فازت فيها حركة النهضة بغالبية الأصوات، ما منحها أحقية تشكيل الحكومة التونسية المقبلة.
وأكد بافون في مؤتمر صحافي عقده أمس وسط العاصمة، أنه «بإعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، تكون هيئة الانتخابات قد أغلقت المسار الانتخابي لسنة 2019»، مشدداً على أن الانتخابات «كانت ناجعة وناجحة»، على حد تعبيره.
في سياق ذلك، أعلن بافون حصول «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» على «درع السلام والإنسانية» من المنظمة الدولية للحكومة المحلية التي يوجد مقرها في واشنطن، «تكريماً لها من أجل مساهمتها في السلام، وفي الانتقال الديمقراطي»، ونجاحها في إنجاز انتخابات رئاسية سابقة لأوانها في فترة زمنية لا تتجاوز شهرين، عادّاً أن هذه الجائزة «تمثل تتويجاً لكل المتدخلين في العملية الانتخابية، في تونس».
وعلى صعيد المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة المقبلة، فإن الإعلان الرسمي أمس، عن فوز حركة النهضة بأكبر عدد من مقاعد البرلمان الجديد (52 مقعداً برلمانياً)، لم يغير موجة الرفض لقرار ترؤسها الحكومة الجديدة، التي تزايدت خلال الآونة الأخيرة، وأصبحت أكثر قوة، ما يرجح أن تغير الحركة الإسلامية استراتيجيتها في التشاور مع الأحزاب السياسية للخروج بأخف الأضرار من عملية تشكيل الحكومة، بحسب عدد من المتتبعين للشأن السياسي المحلي.
وكان مجلس شورى حركة النهضة قد حسم القرار بعد إقراره ضرورة ترؤس النهضة للحكومة المقبلة، باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات، غير أن تكتل عدد من الأحزاب المرشحة للانضمام إلى الائتلاف الحاكم، خصوصاً حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، ورفضهما إلى جانب حركة «تحيا تونس»، التي يتزعمها الشاهد، رئاسة النهضة للحكومة الجديدة، علاوة على إقصاء حزب «قلب تونس» بزعامة نبيل القروي، و«الحزب الدستوري الحر» الذي ترأسته عبير موسي، من المفاوضات والمشاورات السابقة، جعل «النهضة» تصارع موجة الرفض الحاد لقرار رئاستها الحكومة، وعامل الوقت، على اعتبار أن الدستور التونسي لا يمنحها سوى أسبوع واحد لتقديم شخصية من قياداتها لتولي مهمة تشكيل الحكومة.
وتعقد حركة النهضة نهاية الأسبوع الحالي اجتماعاً حاسماً، تعلن فيه اسم رئيس الحكومة الجديد المقترح. وفي هذا الشأن، أكد سامي الطريقي عضو مجلس الشورى في تصريح إعلامي، أن الحركة «ما زالت محافظة على الخيار القديم ذاته، وليس لها أي خيار جديد، في انتظار انعقاد مجلس الشورى نهاية هذا الأسبوع، وفي حال تقرر تثبيت الخيار القديم فإن رئيس الحكومة المقبلة سيكون من داخل حركة النهضة»، على حد تعبيره.
وفي هذا الشأن قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجال الذي ستتحرك فيه حركة النهضة خلال المهلة الدستورية المحددة بأسبوع واحد، بات ضيقاً للغاية في ظل رفض الشركاء رئاستها الحكومة»، عادّاً أن التنازل عن الرئاسة «يظل الحل الأسلم بالنسبة لها، وهو مربح لها من عدة نواحٍ؛ أهمها أنها لن تتحمل المسؤولية الكاملة عن النتائج، التي ستتمخض عن العمل الحكومي خلال الفترة المقبلة».
وكانت قيادات من حركة النهضة قد لمحت إلى إمكانية تنازل الحزب عن رئاسة الحكومة، مقابل التوافق حول شخصية تحظى بثقة مختلف الأطراف السياسية، فيما تشير مصادر سياسية معارضة إلى أن «النهضة» قد توجه اهتمامها إلى رئاسة البرلمان، وذلك من خلال ترشيح رئيسها راشد الغنوشي لهذا المنصب المهم في ظل نظام برلماني معدل.
من جهة ثانية، أعلن رئيس البرلمان التونسي أن أولى جلسات البرلمان الجديد المنتخب ستكون يوم الأربعاء المقبل، بعد أن تم الإعلان أمس عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية أمس.
وتضمن بيان صدر عن رئيس البرلمان المتخلي (المنتهية ولايته) عبد الفتاح مورو دعوته النواب المنتخبين الجدد إلى الجلسة العامة الافتتاحية، ما يمهد فعلياً لبدء العهدة البرلمانية الجديدة التي ستمتد لـ5 سنوات مقبلة.
ومع إعلان الهيئة النتائج النهائية، فإن حركة النهضة الإسلامية حافظت على أغلبيتها الطفيفة في البرلمان بحصولها على 52 مقعداً من بين 217 مقعداً في البرلمان، مقابل 38 لمنافسها الليبرالي حزب «قلب تونس».
وبدأ أمس العد الرسمي اليوم لمهلة تكوين الحكومة التي سترأسها حركة النهضة، وهي مهلة تمتد شهراً وتمدد مرة واحدة. وهذه ثالث انتخابات برلمانية تعرفها تونس منذ بدء الانتقال السياسي في البلاد عام 2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».