صالح.. لاعب رئيسي في تطورات المشهد اليمني

قام بتحالفات خلال 33 عاما ولا يزال مستمرا فيها بعد الإطاحة به

الرئيس اليمني السابق علي صالح
الرئيس اليمني السابق علي صالح
TT

صالح.. لاعب رئيسي في تطورات المشهد اليمني

الرئيس اليمني السابق علي صالح
الرئيس اليمني السابق علي صالح

تشير معظم التقارير والتطورات على الساحة اليمنية إلى أن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لا يزال يلعب دورا بارزا في الأحداث الجارية في صنعاء، من خلال تحالفه مع جماعة «أنصار الله»، الذراع السياسية لجماعة الحوثي المتمردة والتي مقرها الرئيس في محافظة صعدة في أقصى شمال البلاد ويقودها زعيمهم عبد الملك الحوثي.
وتشير الأنباء إلى أن صالح عاد إلى السلطة بطريقة غير مباشرة، وبات يحكم من خلال الحوثيين الحلفاء الجدد، الذين لا يريدون أن يكونوا في واجهة السلطة. ولم تستبعد مصادر أن يتم تعيين شخصية مقربة منه جدا في الحكومة، وبالتالي يظل يحكم من ورائها. ويقول مصدر سياسي يمني لـ«الشرق الأوسط» إن صالح منذ أن منحته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية حصانة من الملاحقة القضائية «لم يكف عن مساعيه إلى إفشال التسوية السياسية والمرحلة الانتقالية التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان نائبه قبل تنحيته عن الحكم في انتفاضة شعبية عام 2011، وهي التنحية التي نال بموجبها صالح الحصانة». ويؤكد المصدر أنه «لم يكن باستطاعة الحوثيين الدخول إلى محافظة عمران والعاصمة صنعاء بهذه السهولة لولا مساندة القبائل ورجال الجيش الموالين لصالح في كل المؤسسات، والذين كانوا يرتبطون بمصالح كبيرة مع نظامه السابق».
وتتحدث مصادر يمنية عن أن فترة حكم علي عبد الله صالح كانت «مليئة بالمتناقضات، حيث تحالف مع (الإخوان المسلمين) والقبائل ثم (القاعدة)، وغيرها من القوى على الساحة اليمنية، من أجل تثبيت نظام حكمه. وكان يهدف من خلال ذلك إلى توريث نجله العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة (سابقا)، وسفير اليمن (حاليا) لدى الإمارات». ثم تردف هذه المصادر أنه «فشل في عملية التوريث وفقد الحكم، وبالتالي هو لم يعد لديه ما يخسره من أجل تقويض العملية السياسية الجارية في اليمن والتي جاءت على أنقاض حكمه»، حسب المصادر.
ولا تنكر الكثير من الأوساط وجود مناصرين لصالح في أجهزة الأمن والجيش والقبائل بعد أكثر من ثلاثة عقود من الحكم، لكن هذه الأوساط تشير إلى أنه يستخدم هؤلاء المناصرين في ما يحدث الآن «غير أنه لن يتمكن من الاستمرار في ذلك إذا ما أثبتت تقارير المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر أنه متورط في عرقلة العملية السياسية، وأيضا، لجنة العقوبات الدولية التابعة للأمم المتحدة، فإنه سوف يخضع لعقوبات قاسية هو وبعض الجماعات على الساحة اليمنية».
ونفى صالح، أخيرا، أن يكون قد طلب اللجوء السياسي أو المغادرة إلى بلد آخر جراء التطورات الراهنة وبعد اتهامه للحوثيين بمحاصرة منزله، رغم أن المراقبين والمحللين يؤكدون وجود تنسيق قوي بين صالح وخصومه السابقين (الحوثيين) من أجل النيل من خصومه من آل الأحمر الذين أصبحوا شبه مقصيين عن المشهد السياسي مع التطورات الراهنة وعقب استيلاء الحوثيين على منازلهم ومكاتبهم في صنعاء وعمران.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.