67 قتيلا في يوم دام استهدف الحوثيين والجيش بصنعاء وحضرموت

السفير الأميركي في صنعاء أدان الهجمات وقال إن تحديات اليمن سياسية ويجب حلها من خلال الحوار

مسؤولو أمن يمنيون يحاولون جمع أدلة في موقع فجر فيه يمني نفسه بتجمع خاص لمؤيدي الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ب)
مسؤولو أمن يمنيون يحاولون جمع أدلة في موقع فجر فيه يمني نفسه بتجمع خاص لمؤيدي الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

67 قتيلا في يوم دام استهدف الحوثيين والجيش بصنعاء وحضرموت

مسؤولو أمن يمنيون يحاولون جمع أدلة في موقع فجر فيه يمني نفسه بتجمع خاص لمؤيدي الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ب)
مسؤولو أمن يمنيون يحاولون جمع أدلة في موقع فجر فيه يمني نفسه بتجمع خاص لمؤيدي الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ب)

عاش اليمن يوما داميا أمس، بسقوط أكثر من 67 قتيلا بينهم 20 جنديا، وعشرات الجرحى في هجمات إرهابية، تحمل بصمات تنظيم القاعدة، استهدفت أنصار المتمردين الحوثيين في صنعاء والجيش في حضرموت بجنوب شرقي البلاد، في ظل تعمق الأزمة السياسية وتزايد خطر انزلاق البلاد إلى نزاع أهلي.
وصعد الحوثيون لهجتهم بعد الحادثة، مطالبين الرئيس باتخاذ إجراءات تحفظ الأمن، في حين اتهم الزعيم عبد الملك الحوثي، الرئيس عبد ربه منصور هادي، بالخضوع لدول خارجية وتنفيذ إملاءات السفارات الأجنبية في صنعاء. وتناثرت أشلاء الجثث والدماء على الطريق الإسفلتي أمام أحد المصارف في ميدان التحرير بصنعاء، بعد التفجير الانتحاري الذي وقع أثناء استعدادات أنصار الجماعة المتمردة للتظاهر، حسبما أفادت مصادر طبية وأخرى مقربة من الحوثيين.
ويأتي ذلك في ظل انسداد كامل للأفق السياسي في اليمن بعد اعتذار رئيس الحكومة المكلف أحمد عوض بن مبارك عن تشكيل حكومة تحت ضغط الحوثيين الذين رفضوا اختيار الرئيس اليمني له. وارتفع عدد الذين قتلوا بسبب أعمال العنف منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، إلى أكثر من 400 شخص، بحسب إحصائية خاصة بـ«الشرق الأوسط». وهجوم أمس، يعد الأكبر في صنعاء منذ الاعتداء الذي استهدف تمرينا على عرض عسكري في مايو (أيار) 2012 ونفذه تنظيم القاعدة. وأكدت المصادر الطبية أن القتلى والجرحى نقلوا من ميدان التحرير إلى عدة مستشفيات في صنعاء، بينها مستشفى الشرطة والمستشفى الجمهوري.
وأكد موظفون في مستشفى الشرطة أن المؤسسة تعاني «وضعا صعبا جدا»، وقد جرى طلب المساعدة بشكل عاجل.
وذكرت وزارة الصحة اليمنية أن عدد ضحايا في ميدان التحرير بلغ 47 قتيلا و75 جريحا. ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن مصدر في الوزارة قوله: «إن فرق الإسعاف هرعت إلى موقع الحادثة ونقلت جثث القتلى والمصابين إلى المستشفيات بأمانة العاصمة»، مبينا أن المصابين تتراوح إصاباتهم بين الخطيرة والمتوسطة والخفيفة. واتهم الحوثيون ما سموه «أجهزة الاستخبارات الأميركية والأجنبية وعملائها في الداخل» بالمسؤولية عن الانفجار.
وأوضحت اللجنة المنظمة للمسيرة التي دعا إليها زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي لرفض التدخل الأجنبي: «إن التفجير الانتحاري استهدف الحزام الأمني لشباب الثورة بميدان التحرير جوار بوابة البنك اليمني للإنشاء والتعمير»، مشيرة إلى أن التفجير أسفر عن مقتل 45 شخصا على الأقل وأكثر من 150 جريحا، بينهم 40 في حالة حرجة».
وبحسب شهود عيان، فقد فجر انتحاري يحمل حزاما ناسف نفسه على حاجز تفتيش للحوثيين في ميدان التحرير صنعاء، على بعد أمتار من منصة المسيرة الاحتجاجية للحوثيين، ولم تعلن حتى الآن أي جهة مسؤوليتها عن هذه الحادثة.
إلى ذلك، قتل 20 جنديا وجرح 13 آخرون في هجوم إرهابي آخر استهدف ثكنة ونقطة عسكرية للجيش في منطقة بروم بمدينة المكلا في حضرموت. وذكر مصدر عسكري في قيادة المنطقة العسكرية الثانية أن عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة أقدمت فجر أمس على مهاجمة نقطة «الغبر» الواقعة غرب مدينة المكلا بسيارة مفخخة تلاها اشتباك مع أفراد النقطة، مشيرا إلى مصرع الكثير من العناصر الإرهابية. وتوعدت السلطات في حضرموت بملاحقة هذه العناصر وتقديمهم للعدالة. وقد أمر الرئيس هادي بتشكيل لجنتين للتحقيق في الحادثة التي استهدفت المتظاهرين في ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء، وكذا الحادث الإجرامي الذي استهدف نقطة الغبر في منطقة بروم بمحافظة حضرموت التابعة للواء 27 ميكا.
وبحسب إحصائية خاصة بـ«الشرق الأوسط»، فقد وصل عدد الذين قتلوا في أعمال العنف منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء وحتى أمس، إلى أكثر من 400 شخص وجرح المئات، سقط أغلبهم في العاصمة صنعاء بعد اقتحامها بقوة السلاح من قبل ميليشيات الحوثيين، ثم محافظة مأرب شرق البلاد التي استهدف انتحاري من «القاعدة» تجمعات للحوثيين فيها، كما هاجم متطرفون معسكرات للأمن والجيش في محافظة البيضاء وسط اليمن، وأخيرا في حضرموت حيث قتل 19 جنديا في هجوم انتحاري أمس.
وتصاعد العنف في اليمن أخيرا في ظل استمرار الأزمة السياسية التي وصلت ذروتها في 21 سبتمبر بعد تمكن المتمردين الحوثيين من السيطرة على العاصمة صنعاء، وتقديم رئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة استقالته وهو ما وضع البلاد في فراغ دستوري بسبب عدم التوافق على رئيس جديد للحكومة بحسب اتفاق السلم والشراكة.
وكان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي دعا لمسيرة احتجاجية لرفض قرار تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيسا للحكومة، قبل أن يعلن الأخير اعتذاره عن قبول المنصب، وقال الحوثي في كلمة متلفزة أول من أمس: «إن المسيرات سترافقها خطوات مهمة لتصحيح خطأ غير مقبول ولا يمكن التغاضي عنه»، واتهم الرئيس هادي بالخضوع للخارج ولإملاءات السفارة الأميركية، وهو ما عده مراقبون تصعيدا جديدا يستهدف هادي الذي تسلم السلطة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 2012.
من جانبه، قال السفير الأميركي في صنعاء ماثيو تولر: «إن هادي رئيس منتخب شرعيا لليمن، وندعم جهوده لقيادة البلاد خلال هذه الفترة الهشة»، وحذر تولر في بيان صحافي نشره أمس، من أن الأعمال العدائية الأخيرة ضد المدنيين الأبرياء تقوض التقدم الذي أحرزته اليمن منذ قيام الثورة عام 2011، مشيرا إلى أن بلاده تدين بشدة التفجير الذي وقع في ميدان التحرير أمس. وذكر أن «تحديات اليمن هي سياسية ويجب حلها من خلال الحلول السياسية»، داعيا «جميع الأطراف إلى الامتناع عن العنف والعودة إلى التعبير السلمي عن المعارضة، والعمل من خلال الوسائل الديمقراطية لجعل أصواتهم مسموعة»، مشددا على أهمية التنفيذ الكامل والسريع لاتفاق السلم والشراكة، الذي بني على مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وقد أدان الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة، وأحزاب سياسية وسفراء أجانب التفجيرات الأخيرة في كل من صنعاء والبيضاء وحضرموت، وقال هادي والحكومة في بيان مشترك: «إن ما حدث في ميدان التحرير ونقطة العبر ومدينة البيضاء جرائم بشعة وحشية تتنافى مع قيم ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وأخلاقيات شعبنا النبيلة وتعكس الوجه القبيح لعناصر الإرهاب»، مؤكدين «عزمهم على مواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب ودك أوكار الإرهابيين». ودعا البيان المواطنين إلى الوقوف مع الجيش «حتى يجري التخلص من خطر الإرهاب وتطهير الوطن من جرائمه البشعة».
من جانبه، طالب حزب الإصلاح الإسلامي بسرعة ملاحقة المتورطين في الحوادث الإرهابية التي شهدتها صنعاء وحضرموت، وفتح تحقيق عاجل في تلك الجرائم التي تستهدف الأمن والسلم الاجتماعي وإعلان النتائج للرأي العام، وأدان الحزب الذي استهدف الحوثيين مقراته ومنازل قادتها: «كافة إشكال العنف والإرهاب، ورفض الأساليب التي تؤدي إلى العنف وعزل كل من ينتهجها شعبيا ووطنيا»، وحذر «الإصلاح» «من خطورة السماح لهذه الظاهرة بالتمدد في أوساط المجتمع لما لها من آثار كارثية مدمرة على العملية السياسية وعلى البلاد برمتها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».