المسيرات الطلابية تعمّ لبنان واحتجاجات أمام مؤسسات رسمية

طلاب يتظاهرون في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)
طلاب يتظاهرون في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

المسيرات الطلابية تعمّ لبنان واحتجاجات أمام مؤسسات رسمية

طلاب يتظاهرون في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)
طلاب يتظاهرون في وسط بيروت أمس (أ.ف.ب)

عمّت المسيرات الطلابية، أمس، مختلف المناطق اللبنانية، حيث توسّعت دائرة المشاركة من طلاب الجامعات والمدارس في موازاة استمرار المتظاهرين في استراتيجيتهم الجديدة في التحرك بالاعتصام أمام المؤسسات الرسمية.
كانت محطة الاحتجاج الأكبر في بيروت عند وزارة التربية، حيث أُقفلت الطريق بشكل كامل وتم تحويل السير إلى معابر فرعية وسط حضور لافت لعناصر من قوى الأمن الداخلي ومكافحة الشغب والجيش اللبناني، ورفع المحتجون الأعلام اللبنانية ويافطات تطالب باستحداث مدارس رسمية وتندد بارتفاع الأقساط في المدارس الخاصة. وحاول عدد من الطلاب الدخول عنوة إلى مبنى الوزارة لإقفال المكاتب وإخراج الموظفين وتصدت لهم قوة من مكافحة الشغب فعادوا إلى الشارع.
وبعدما كانت مجموعة من الطلاب تنقلت بين الجامعات داعين زملاءهم للانضمام إليهم ومطالبين الإدارات بإقفالها، توافد مئات الطلاب إلى ساحة رياض الصلح بعد الظهر وهم يهتفون بالشعارات الوطنية الموحدة بين كل اللبنانيين بعيداً عن الطائفية، مطالبين بـ«إحداث تغيير وطني صحيح يبدأ بمحاسبة الفاسدين وإعادة المال المنهوب».
في موازاة ذلك، اعتصم المتظاهرون أمام مؤسسة كهرباء لبنان ومنعوا الموظفين من الخروج منها، وحصل تدافع وتلاسن بين القوى الأمنية والمتظاهرين حول تنظيم حق التظاهر أمام المؤسسة. وأكد المعتصمون «أن المؤسسة كانت قد أقفلت أبوابها ثلاثة أشهر من قِبل الموظفين لتحصيل حقوقهم، يحق لنا اليوم أن نقفل المؤسسة من أجل الوطن».
وخطوة الاحتجاج نفسها نُظمت أمام مبنى بلدية بيروت في الوسط التجاري وعلى مقربة من مقر مجلس النواب في وسط بيروت وأمام مبنى ديوان المحاسبة في فردان بعدما كانت قد انطلقت في مسيرة من برج المر، وأقفلت المدخل الرئيسي للمبنى حاملة الأعلام اللبنانية.
ونُظمت مسيرة مماثلة في جونية وانتقلت إلى ساحة المدينة حيث افترش الطلاب الأرض، وأُغلقت الطريق الداخلية قرب المستديرة وحُوِّل السير إلى الطرق المحاذية، وانتقلوا بعدها إلى مكاتب شركة «ألفا» مغلقين مدخلها وسط انتشار عناصر قوى الأمن الداخلي أمامها.
وفي منطقة المتن، نظم المتظاهرون وقفة احتجاجية أمام شركة الاتصالات «ألفا» في الدكوانة، حيث انضم الموظفون إلى صفوفهم ووجهوا رسالة إلى وزير الاتصالات يطالبون فيها بـ«عدم المس بحقوقهم لأنهم ليسوا مسؤولين عن السرقات في قطاع الاتصالات». وفي جبيل توجه الطلاب المتظاهرون إلى عدد من المدارس الخاصة التي استمرت بالتدريس. وكانت هذه المدارس قد أرسلت بيانات إلى أولياء الطلبة تبلغهم أنه في حال قرر أولادهم النزول إلى الاعتصام تكون مشاركتهم على مسؤولية الأهل، والتدريس سيستمر بمن حضر.
وفي عاصمة الشمال، طرابلس، التي نُزعت عنها أمس صور المسؤولين، خرج آلاف الطلاب بمسيرات عدة جابت شوارع المدينة، رافعين الأعلام اللبنانية ولافتات تطالب بـ«الإسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة»، وهتفوا: «لمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة».
وانضم إلى مسيرات طرابلس أبناء وسكان الأحياء التي شملت مناطق الميناء والقبة والتبانة وأبي سمراء إضافةً إلى أساتذة وطلاب الجامعات الوطنية والخاصة، وتوقف العمل في المؤسسات الرسمية والمرافق العامة. وكان لافتاً التجاوب بنزع صور القيادات المحلية من شوارع المدينة أو تغطية هذه الصور العملاقة بالأعلام اللبنانية. وفي الجنوب، تواصل التحرك الطلابي في مدينة صيدا لليوم الثالث على التوالي ما بين ساحة إيليا وشوارع المدينة، حيث انطلق الطلاب بمظاهرة حاشدة من مختلف المدارس والمعاهد والجامعات في صيدا جابت شوارع المدينة، متوقفين أمام مرافق عدة ولا سيما شركة الكهرباء و«أوجيرو» وعدد من المصارف. وتابعت المسيرة باتجاه ساحة الشهداء حيث توقفت أمام سراي صيدا الحكومي وسط هتافات الطلاب بـ«التغيير» وتأكيدهم «مواصلة الحراك، لتعود المسيرة إلى ساحة إيليا مجدداً التي أُقفلت اتجاهاتها الأربعة وسط انتشار لعناصر الجيش». وأُلقيت في الساحة كلمات أكدت «حقوق الطلاب في التعلم ولا سيما تطوير التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية، وتأمين فرص عمل للطلاب وإعادة النظر بالمنهج التعليمي وتطويره بما يتناسب وتطورات العصر».
وكانت المدينة قد شهدت صباحاً تجمعاً لعدد من المحتجين أمام مصلحة تسجيل السيارات التي تم إقفال أبوابها وسط انتشار لعناصر الجيش.
وفي صور نظمت مجموعة من الطلاب مسيرة راجلة من أمام الجامعة اللبنانية حيث كانوا ينفّذون اعتصاماً، وتوجهوا إلى الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم، حيث نفّذوا اعتصاماً ورددوا هتافات مطلبية تتعلق بالمناهج، فيما عملت القوى الأمنية على منع الطلاب من الدخول إلى حرمها.
ولم تغب بعلبك عن التحركات، حيث نفذ المتظاهرون والطلاب وقفة احتجاجية أمام فرع مصرف لبنان في المدينة، ورددوا شعارات ضد سياسات مصرف لبنان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».