السيسي: إرادتي قوية لمجابهة «الإرهابيين» وسنواجه الفتن بالتماسك

قال إنه لم يكن ينتوي الترشح للرئاسة وطالب عدلي منصور بالتقدم للمنصب

السيسي: إرادتي قوية لمجابهة «الإرهابيين» وسنواجه الفتن بالتماسك
TT

السيسي: إرادتي قوية لمجابهة «الإرهابيين» وسنواجه الفتن بالتماسك

السيسي: إرادتي قوية لمجابهة «الإرهابيين» وسنواجه الفتن بالتماسك

كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن أنه لم يكن ينتوي الترشح لرئاسة مصر عام 2014، وطالب المستشار عدلي منصور (الرئيس المؤقت للبلاد عقب عزل محمد مرسي عام 2013)، بالترشح لهذا المنصب حينها، قائلاً: «حاولت معه (أي عدلي منصور) عدة أشهر، وقلت له من فضلك اتخذ هذا القرار، وسأقف معك في موقعي كوزير للدفاع (في ذلك الوقت)؛ إلا أنه رفض... ورد عليَّ: (كده تمام وكفاية قوي كده)». وشدد السيسي، أمس، على أن «لديه إرادة قوية لا تلين في محاربة الجماعات الإرهابية، وأن التطرف والإرهاب والتشكيك الكاذب والافتراء على الحق وجميع محاولات التدمير والتخريب المادية والمعنوية التي نواجهها، لن تثني الشعب المصري عن المضي في طريقه نحو المستقبل الأفضل، وسنواجه الشر بالخير، والهدم بالبناء، واليأس بالعمل، والفتن بالوحدة والتماسك».
وأكد السيسي خلال احتفال مصر بذكرى المولد النبوي بالقاهرة، أمس: «ضرورة غرس الأسر في أبنائها (مناعة) ضد الفكر الإرهابي الذي راح ضحيته الكثير في الدول الإسلامية، فالجماعات الإرهابية تقوم بتدريب وتعليم وتكليف الأشخاص بالقيام بالأعمال الإرهابية عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي»، مضيفاً: «هناك أشخاص لديهم نفوس وقلوب مريضة تحاول المحاربة بالكلمة والافتراءات، فضلاً عن السلاح والتخريب والتدمير في البلاد».
وكرم السيسي أمس عدداً من الشخصيات من مصر والعالم الإسلامي؛ تقديراً لما قدموه من إسهامات في إثراء الفكر الإسلامي بعلمهم وجهدهم، وتقديراً لتفانيهم في العمل الدعوي. ومنح الرئيس المصري «وسام العلوم والفنون» من الطبقة الأولى للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس رابطة الجامعات الإسلامية، الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وتسلمه نيابة عنه وكيل رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن سعيد المجدوعي. كما كرم الدكتور محمد خاطر عيسى، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بتشاد.
وقال الرئيس السيسي في كلمته أمس، إن «محاربته ومكافحته للإرهاب من أجل الدين؛ لأن الإرهاب كان له تأثير سلبي كبير جداً على فكر الأجيال»، مضيفاً: «لا نلتفت إلى محاولات التعطيل والإعاقة التي يقوم بها أعداؤنا، ويكون ردنا عليها هو المزيد من العمل، والكثير من الجهد، والنظر إلى الأمام بأمل وثقة، موقنين بوعد الله بأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض».
ودعا السيسي إلى عقد مؤتمر للنقاش في «الشأن العام» المصري من المنظور الديني أو الثقافي أو الفكري أو الاجتماعي أو السياسي، مؤكداً أن «أهل الدين هم الأولى بالحديث في هذا الشأن». بينما أعلنت وزارة الأوقاف أمس عن أنها «سوف تبدأ على الفور بالتنسيق مع الأزهر، وبشراكة وطنية واسعة في التحضير للمؤتمر».
من جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: «إننا نحتاج إلى (ثورة) تعود بالخطاب الديني إلى مساره الصحيح دون إفراط أو تفريط؛ بحيث تكون المصلحة المعتبرة للبلاد والعباد هي الحاكمة لمسارات الاجتهاد والتجديد»، مضيفاً: «نبني نسقاً معرفياً مستنيراً يقوم على إعمال العقل في فهم صحيح النص، وإحلال مناهج الفهم والتفكير محل مناهج الحفظ والتلقين، دون تأمل أو تحليل، والانتقال من فكر الجماعة النفعي إلى فقه بناء الدول، ومن فقه دولة الأغلبية القديمة إلى دولة المواطنة المتكافئة الحديثة، متجاوزين مصطلح الأقلية والأكثرية إلى مصطلح الدولة الوطنية».
ودعا السيسي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، إلى ضرورة بدء تنفيذ «إجراءات ملموسة» في إطار المساعي لـ«إصلاح الخطاب الديني»، وذلك في مواجهة ما وصفه بـ«الآراء الجامحة والرؤى المتطرفة». وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، دشن الأزهر أكاديمية دولية للأئمة والوعاظ، للتدريب على محاربة الإرهاب والفكر المتشدد، ونشر التعايش بين الجميع، كما أطلقت «الأوقاف» أكاديمية لتأهيل الأئمة وإعداد المدربين من داخل مصر وخارجها. وقال الأزهر حينها عن أكاديميته الجديدة، إنها «خطوة عملية لتجديد الخطاب الديني والاشتباك مع الواقع، وترجمة عملية لجهود الدولة والرئيس السيسي، في مواجهة الإرهاب والتطرف».
بدوره، أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن «الأزهر عاكف على صياغة خريطة ثقافية لتجديد الخطاب الديني، وترشيد الوعي الثقافي، والوقوف إلى جوار كل المؤسسات التي تسهر على حماية هذا الوطن من عدوى الإرهاب الفكري والجسدي، وتقاوم تيارات الغلو والإفساد، بمنهج إسلامي يجعل من مقاصد الشريعة في حماية الدين والنفس والمال والعرض، حماية للإنسان قبل أن تكون حماية للأديان».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».