مطلوبو «عين الحلوة» يستغلون انشغال القوى الأمنية للفرار

المقدح لـ«الشرق الأوسط»: 5 أشخاص غادروا المخيم إلى تركيا عبر سوريا

TT

مطلوبو «عين الحلوة» يستغلون انشغال القوى الأمنية للفرار

استغلّ عدد من المطلوبين المتوارين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين انشغال القوى الأمنية بالحراك الشعبي المستمر منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للفرار باتجاه سوريا وتركيا، خارقين الطوق الأمني الذي كان يفرضه الجيش اللبناني على المخيم. وتجددت هذه الظاهرة التي كانت برزت قبل نحو عامين بعد رفع «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» الغطاء عن معظم المطلوبين لانتمائهم وقتالهم إلى جانب تنظيمات إرهابية، انسجاماً مع قرارهما الانفتاح على حركة «فتح» والدولة اللبنانية.
وبينما تردد أن عدد المطلوبين الذين فروا من المخيم باتجاه سوريا بلغ نحو 10، تحدث نائب قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان منير المقدح عن مغادرة نحو 5 منهم المخيم في الأيام الماضية إلى سوريا، ومنها إلى تركيا، لافتاً إلى أنهم «ليسوا من مطلوبي الصف الأول، وبالتالي غير معروفين، ولعل هذا ما سهل هروبهم عبر حواجز الجيش اللبناني». وقال المقدح لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء يعتمدون عادة على تزوير بطاقات هوياتهم، وقد استغلوا الوضع الراهن في لبنان كي يجدوا ممراً للهروب». ووصف المقدح الوضع الأمني في المخيم الذي عادة ما يشهد توترات أمنية بـ«الجيد»، مشيراً إلى أن «ذلك يعود لوجود موقف فلسطيني موحد، وللتواصل والتنسيق القائم مع الجيش اللبناني للحفاظ على أمن المخيم والجوار».
وشدد على وجود قرار فلسطيني واضح برفض أي مربعات أمنية داخل المخيم، وهو ما يتم التصرف على أساسه.
وفي العامين الماضيين، فر كثير من قيادات المجموعات الإرهابية إلى محافظة إدلب السورية، وأبرزهم شادي المولوي وأبو خطاب المصري وعناصر مجموعة أحمد الأسير، وغيرهم من المطلوبين من قبل السلطات اللبنانية والفصائل الفلسطينية على حد سواء. وكانت «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على معظم محافظة إدلب وتشكل «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة» عمودها الفقري، هي التي تتولى التنسيق المباشر مع الراغبين بالاستقرار في المحافظة السورية الواقعة على الحدود التركية، وتؤمن لهم مكاناً للسكن والمصاريف اللازمة، علماً بأن مصادر في المعارضة السورية موجودة في إدلب تحدثت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن «تجمع أقامه هؤلاء الخارجون من عين الحلوة»، مشددة في الوقت عينه على أنهم «لا يمارسون أي نشاط أمني أو عسكري يُذكر».
وقال مصدر فلسطيني داخل «عين الحلوة» لـ«الشرق الأوسط» إنه تم أخيراً التأكد من فرار 4 مطلوبين على الأقل من المخيم، هم حسن الشبلي ومحمود الحايك وشادي السوري ويحيى أبو السعيد، لافتاً إلى أنهم فروا من المخيم باتجاه سوريا عبر الحدود في منطقة البقاع.
وأوضح المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن كثيراً من الشبان المطلوبين لانتمائهم لمجموعات متطرفة يبحثون اليوم عن طريق للفرار، لا سيما بعدما باتوا يشعرون بأنهم محاصرون من قبل حركة «فتح» والأجهزة الأمنية اللبنانية، وبالتحديد بعد رفع الغطاء عنهم من قبل «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة»، وأضاف: «مَن سبقوهم إلى سوريا يحاولون التوجه إلى تركيا وإلى دول أوروبية، وهذا ما يطمح إليه مَن ما زالوا داخل المخيم».
وفي الوقت الذي تحدثت فيه المعلومات عن أن من فرّوا أخيراً من «عين الحلوة» سلكوا طريقاً عبر البساتين المحيطة به من خلال شبكات التهريب، أشار المصدر إلى ثغرة أمنية يستفيد منها هؤلاء لم يتم كشفها حتى الساعة، معتبراً أنه ليس من المستبعد أيضاً أن يكون هناك نوع من التراخي الأمني للسماح لهؤلاء بالفرار والتخلص منهم، وإراحة المخيم والمنطقة المحيطة به.
وقال: «أما عدد المطلوبين المتبقين في المخيم فهو ما دون الـ100، وأبرزهم هيثم ومحمد الشعبي، وبلال بدر، وأسامة الشهابي، وزياد أبو النعاج».
وبينما سلّم كثير من المطلوبين أنفسهم للسلطات اللبنانية في السنتين الماضيتين، عمد آخرون مطلوبون بتهم أكبر إلى التنكُّر للتمكن من المرور على حواجز الجيش الثابتة عند مداخل المخيم. وكان 127 شخصاً في «عين الحلوة» سجلوا أسماءهم لدى القيادات الفلسطينية، معظمهم مقرب من «جبهة النصرة»، طلباً لتأمين ممر آمن لهم للخروج باتجاه الأراضي السورية على غرار ما حصل مع عناصر «النصرة» الذين تركوا جرود عرسال، واتجهوا إلى الشمال السوري مع انطلاق معركة الجرود الشرقية، إلا أن السلطات اللبنانية رفضت حينها دمج الملفين، خصوصاً أن قيادة «النصرة» طالبت في وقتها بخروج مطلوبين لبنانيين متورطين بقتال الجيش اللبناني تصرّ الدولة اللبنانية على محاكمتهم وترفض خروجهم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».