الأمم المتحدة تطالب إسرائيل بإلغاء قانون القومية

TT

الأمم المتحدة تطالب إسرائيل بإلغاء قانون القومية

أصدرت لجنة الأمم المتّحدة للحقوق الاقتصاديّة، الاجتماعيّة والثقافيّة، قرارا لها تطالب فيه حكومة إسرائيل بالتراجع عن «قانون القوميّة اليهودية» وبإجراء تعديل جوهري عليه أو حتى بإلغائه. كما أوصت اللجنة بإعادة اللغة العربيّة لغة رسميّة في إسرائيل، ووقف انتهاكات حقوق السكان العرب في إسرائيل عموما، وفي منطقة النقب بشكل خاص.
وقد جاءت هذه المطالب الحادة في ختام الأبحاث التي أجرتها هذه اللجنة الأممية، واستغرقت أكثر من سنة، من 30 سبتمبر (أيلول) 2018 وحتى 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. والتي تم تلخيصها أمس ضمن جلسة استماع للملاحظات الختاميّة. وتتضمّن الملاحظات قائمة توصيات لخطوات إسرائيليّة مطلوبة حتّى تفي إسرائيل بما قدّمته من التزامات في المعاهدة التي وقّعتها عام 1966 وصدّقت عليها في عام 1991. وفي هذه التوصيات، عبّرت اللجنة لأوّل مرّة عن قلقها من الإسقاطات التمييزيّة المحتملة لقانون القوميّة، وطالبت إما بإصلاح القانون بحيث يتماشى مع شروط المعاهدة، وإما بإلغائه.
وعلى إثر نشر هذه الملاحظات، توجّهت المحاميّة ميسانة موراني من مركز «عدالة» للشؤون القانونية للعرب في إسرائيل، إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة، أبيحاي مندلبليت، وطالبته بإعادة النظر في موقفه بشأن القانون.
وكان مركز عدالة قد قدّم تقارير مشتركة بالتعاون مع منتدى التعايش السلمي في النقب، عرض فيها قانون القوميّة باعتباره من المنظومات التشريعيّة التي تؤدّي إلى مسٍ في حقوق المواطنين العرب في النقب. وعلى إثر التقارير، طلبت اللجنة من مندوبي إسرائيل استعراض تأثير قانون القوميّة على الشرائح غير اليهوديّة، وتأثيره على حقوق هذه الشرائح التي تكفلها المعاهدة الدوليّة، وخاصة حق تقرير المصير، والحق في الحماية من التمييز، كما الحقوق الثقافيّة. كذلك طُلب من إسرائيل أن تقدّم ردها بخصوص التخوّفات التي عبّرت عنها اللجنة، من تصعيد الفصل العنصري القائم أصلًا، وتعميق التمييز في الميزانيّات كذلك.
وبعد أن قدّمت إسرائيل نصّ ردّها، الذي جرت مناقشته في المراجعة الدوريّة في جنيف، نشرت اللجنة استنتاجاتها في وثيقة ملاحظات ختاميّة.
يذكر أن هذا لم يكن أوّل تطرّق لقانون القوميّة في مؤسسات الأمم المتّحدة. ففي شهر يناير (كانون الثاني) 2018، وإثر توجّه مركز عدالة، طالب أربعة من مقرّري مفوّضيّة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توضيحات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي نتيجة هذا القانون. كذلك، في بداية أكتوبر من هذا العام، قدّمت لجنة مراقبة تطبيق معاهدة الأمم المتّحدة المعنيّة بالقضاء على التمييز العنصري (CERD)، قائمة بالمواضيع التي ستبحثها اللجنة في مراجعتها الدوريّة لإسرائيل. بحسب هذه القائمة، يتوقّع النظر في قانون القوميّة في جلسة شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل في بروكسل، وذلك بعد أن قدّم مركز عدالة تقريراً يتضمّن هذا الشأن للّجنة. مع هذا، فإن الملاحظات الختاميّة التي نُشرت الآن هي المرّة الأولى التي تؤكّد فيها لجنة مراقِبة من الأمم المتّحدة أن قانون القوميّة لا يفي بشروط معاهدة دوليّة وقّعت وصدّقت عليها إسرائيل.
وعبرت اللجنة عن قلقها الجدّي من الإسقاطات التمييزيّة المحتملة للقانون، وطالبت إسرائيل بإصلاح القانون بما يلائم تعليمات المعاهدة الدوليّة، أو إلغاء القانون كلياً. كذلك، طالبت اللجنة إسرائيل بزيادة مساعيها لمكافحة التمييز ضدّ الشرائح غير اليهوديّة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.