توصيات طبية بالتعامل المبكر مع الذهان

أهمية رصد التغير الحاد في المزاج والسلوك لدى الأطفال والمراهقين

توصيات طبية بالتعامل المبكر مع الذهان
TT

توصيات طبية بالتعامل المبكر مع الذهان

توصيات طبية بالتعامل المبكر مع الذهان

كشف «المعهد الوطني للصحة النفسية (National Institute of Mental Health)» بالولايات المتحدة عن بيانات تشير إلى خطورة عدم البدء مبكراً في علاج الذهان (Psychosis)، والخلل العقلي لدى الأطفال، حيث يمكن أن يصبح الأمر أسوأ ويؤدي إلى تفاقم الإصابة وتكرار حالات الانتكاس. وفي الأغلب تنتهي الحال بالمصابين به إلى ارتكاب الجرائم وإدمان المخدرات أو التشرد وضياع المستقبل.
كشف مبكر
ونصحت التوصيات بضرورة عدم الاستهانة بأعراض الذهان، التي في الأغلب تبدأ في مرحلتي الطفولة أو المراهقة؛ حيث يعاني المريض من ضلالات عدم القدرة على تحديد الخط الفاصل بين الحياة الحقيقية والخيال. ويجب على الآباء التعامل بجدية مع تصرفات الأبناء وعرضهم على الأطباء. ورغم عدم وجود سبب مؤكد للمرض، فإنه يوجد بعض النظريات عن أسباب حدوثه؛ أهمها العامل الوراثي.
في بعض الأحيان يعتقد الآباء أو المحيطون بالمراهق أنه يكذب أو يتوهم أشياء ليتفادى عقاباً معيناً، وعلى سبيل المثال يمكن أن يقوم المراهق بالاعتداء على زميله ويزعم أن هناك أصواتاً معينة أمرته بذلك. وفي الأغلب لا يبدأ التعامل الطبي والعلاج قبل مرور عام ونصف العام منذ بداية ظهور أول عرض على المراهق، وتعدّ هذه الفترة 6 أضعاف الفترة اللازمة لبدء العلاج؛ وهي 3 أشهر، وذلك تبعاً لتوصيات «منظمة الصحة العالمية (WHO)». وحتى يمكن تخيل حجم مشكلة الأمراض النفسية والذهان يكفي أن نعرف أن عدد المراهقين الذين يصابون بأول عرض للذهان يبلغ نحو 100 ألف مريض كل عام في دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية فقط.
ولفتت دراسة «المعهد» النظر إلى أن التعرف على أعراض الذهان وتشخيصه في فترة المراهقة ربما لا يكون بالقدر نفسه من البساطة كما هي الحال لدى البالغين، وذلك نظراً لطبيعة مرحلة المراهقة التي تضع ضغوطاً وتثير القلق لدى كل المراهقين.
وكلمة «الذهان» تطلق على كثير من أعراض الخلل النفسي؛ أهمها الشيزوفرينيا (Schizophrenia) أو الفصام. وليس بالضرورة أن تكون أعراض الذهان دائمة، وفي الأغلب تكون الأعراض مؤقتة تبعاً للسبب. وأيضاً في معظم الحالات لا تكون الصورة النمطية المرتبطة في الأذهان بلفظ الشيزوفرينيا الشهير موجودة (بمعنى وجود شخصيتين مختلفتين تماماً للمراهق نفسه). ويتميز الذهان بتغير حاد في المزاج والسلوك غير المتفاعل مع الأحداث، وعدم القدرة على التواصل الاجتماعي بشكل ناجح، وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، والتعثر الدراسي.
أعراض الذهان
تختلف حدة الأعراض من مراهق إلى آخر، ولكن يبقى العرض الأشهر والمشترك هو الهلاوس السمعية (Auditory hallucinations) التي يعبر عنها المراهقون بأنها أصوات داخلية أو يتم سماعها من الخارج، وهذه الأصوات تحذّر أو تأمر بعمل أشياء معينة. وأيضاً يعانى بعضاً من الهلاوس البصرية (Visual hallucinations) عن طريق رؤية أشياء أو أشخاص غير حقيقيين.
وهناك كثير من الأسباب للذهان؛ منها المؤقت مثل فقدان شخص عزيز، وفيها يكون إنكار الحدث نوعاً من الحماية النفسية، ويظل المراهق يتعامل مع الشخص كما لو كان ما زال موجوداً. وفي الأغلب هذا النوع لا تستمر أعراضه أكثر من شهر ويعود المراهق بعده إلى حالته الطبيعية. وفي بعض الأحيان يكون السبب عضوياً مثل وجود ورم في المخ، وأيضاً يمكن لبعض أنواع من المخدرات أن تسبب الهلاوس ولكن لفترة مؤقتة. وكذلك يمكن أن يتسبب الاكتئاب الشديد أو الاكتئاب ثنائي القطب (bipolar disorder) في حدوث الذهان.
يعاني معظم مرضى الذهان من الضلالات والأفكار الخاطئة، وتختلف بطبيعة الحال تبعاً لثقافة وبيئة كل مراهق، ولكن في الأغلب يجمع هذه الضلالات الإحساس بأنهم مراقبون؛ سواء من جهات حكومية تقوم بمراقبة هواتفهم أو الكومبيوتر الخاص بهم في البيئات المتطورة، أو من أشخاص عاديين مثل الجيران أو الأقارب في البيئات الأقل تطوراً. وأيضاً دائماً هناك محاولات لإيذائهم تصل إلى حد القتل، وهو الأمر الذي يفسر في بعض الأحيان إحجام هؤلاء المراهقين عن تناول أي أطعمة أو مشروبات لا يقومون بإعدادها بأنفسهم خشية القتل عن طريق التسميم. وهذه الضلالات تفقدهم الثقة، وتجعلهم محاطين بالخوف والارتباك، وتمثل حاجزاً أمام تواصلهم الاجتماعي مع الآخرين.
وأوضحت الدراسة أنه رغم عدم وجود علاج نهائي للذهان، فإنه كلما بدأ العلاج بشكل مبكر؛ أمكن الحفاظ على قدر معقول من الحياة النفسية السليمة وتجنب المضاعفات الحادة التي يمكن أن تؤدي إلى ارتكاب جرائم. كما أوضحت أن دور الأسرة يعدّ حيوياً في العلاج، وكلما كانت الأسرة على قدر من التفهم والوعي ووفرت الدعم النفسي للمراهق، أمكن تجنب حدوث انتكاسات.
وأكدت الدراسة على أن دور الأسرة يمكن عدّه نوعاً من العلاج (Family - based therapy) بمعنى أن الآباء والأبناء الآخرين أيضاً يجب أن يتعاملوا مع المراهق المصاب بالذهان بنوع من الإدراك لحالته وعدم تكليفه مهام يمكن أن تضع أعباء عليه، والتنبيه على الإخوة بعدم التعامل بسخرية أو حذر زائد من المريض.
كما يمكن استخدام العلاج الدوائي أيضاً مع العلاج النفسي والدعم العائلي، خصوصاً أن كثيراً من المرضى يتحسنون على العلاج الكيميائي لمضادات الذهان، والتي تقوم بمعادلة كيمياء المخ وتخلق نوعاً من التوازن وتحسن من علاج الهلاوس السمعية والبصرية والضلالات واضطراب التفكير. ومن أشهر هذه الأدوية عقار «هالوبيريدول (haloperidol)» الذي يمكن أن يسبب بعض الأعراض الجانبية مثل القيء والغثيان والصداع والأرق والرعشة في الأصابع والألم في العضلات.

- استشاري طب الأطفال



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».