كوالالمبور والرياض تعتزمان تطوير صناعة الوقف الإسلامي

لال الدين: تجاوز استثمارات صندوق الحج 30 مليار دولار ونمو أرباحه بـ6 %

الدكتور محمد أكرم لال الدين المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية («الشرق الأوسط»)
الدكتور محمد أكرم لال الدين المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية («الشرق الأوسط»)
TT

كوالالمبور والرياض تعتزمان تطوير صناعة الوقف الإسلامي

الدكتور محمد أكرم لال الدين المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية («الشرق الأوسط»)
الدكتور محمد أكرم لال الدين المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية («الشرق الأوسط»)

كشف المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتزام الأكاديمية لتعزيز تعاون ماليزي - سعودي، في مجال صناعة الوقف وتطويره.
وقال الدكتور محمد أكرم لال الدين، المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، في اتصال هاتفي من كوالالمبور: «إن تجربة الوقف الإسلامي في ماليزيا، حققت قفزة نوعية في تطويره وتوسيع قنواته».
وأوضح لال الدين، أن «صندوق الحج الاستثماري، الذي أطلقته بلاده، أنموذج عصري للوقف»، مشيرا إلى أنه يعد من أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم الإسلامي.
وقال إن «هذا الصندوق الذي يزيد عمره عن 52 عاما، حقق نقلة في صناعة الوقف وانتقل به من المرحلة التقليدية إلى المرحلة العصرية؛ حيث تحول من مجرد صندوق لاستقبال الودائع والاحتفاظ بها لصرفها على الحجاج إلى قناة استثمارية ضخمة».
وأضاف لال الدين: «تزيد استثمارات صندوق الحج عن 30 مليار دولار، وتصل خدماته للحجاج من داخل وخارج ماليزيا؛ حيث يمثل أهمية كبرى لدى القاصدين إلى الحج في السعودية؛ حيث إن هناك بعض البلدان، التي طلبت نقل هذه التجربة إليها ونقل هذا الأنموذج لتطبيقه في بلدانهم».
وأوضح أن «هناك تعاونا وثيقا بين الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية والصندوق، بجانب الجهات المعنية الأخرى ذات الصلة»، مبينا أنه أسس في البداية بوصفه صندوقا لاستقبال الودائع المالية من الراغبين، للاحتفاظ بها حتى موسم الحج.
وتابع: «الآن وظّف الصندوق في أكثر من مجال وأصبح دوره أشمل وغير محصور في الاحتفاظ بودائع الناس؛ حيث تطورت الأمور كثيرا من ناحية عملية تنظيم الحجاج الماليزيين، وبات ينفذ أكثر من نشاط تجاري، بغية جني أكبر قدر من الأرباح».
ولفت إلى أن «الصندوق حقق نجاحا كبيرا في استثماراته؛ حيث تجاوزت نسبتها على مدى الأعوام الماضية 6 في المائة سنويا»، مبينا أن الحكومة الماليزية «ساهمت في تعزيز دوره بوصفه صندوقا يعنى بالحجيج، كهدف أساسي له، الأمر الذي جعل فكرة تحويله إلى صندوق استثماري خطوة لتطويره».
وقال لال الدين: «إن دور صندوق الحج، لا يختصر خدماته على الحجاج الماليزيين فقط، بل يتجاوزهم إلى نظرائهم في بعض بلاد الجوار الأخرى، مثل أندونيسيا وتايلاند»، مشيرا إلى أن «صناعة الوقف تطورت كثيرا في تركيا وسنغافورة في شكل أراض استثمارية».
من جهة أخرى، قال المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية: «نخطط لإجراء مباحثات للتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، العضو بمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، حول كيفية تطوير صناعة الوقف وتوسيع مواعينه». ولفت إلى أن بعض البنوك الماليزية، تدخل في مجال صناعة المنتجات الوقفية، مبينا أن «هناك تحديات تقف حجرا عثرة أمامها، ومنها الجوانب التي تتعلق بحدود مجال المسؤولية بالوصاية كبديل للمسؤولية الفيدرالية للوقف الذي يقع الآن تحت مسؤولية الحكومة المركزية».
وقال لال الدين: «في كل ولاية من ولايات ماليزيا توجد إدارة مستقلة خاصة بالوقف، ولذلك يصعب علينا في بعض الأحيان توحيد القوانين التي تتعلق بالمنتجات الوقفية، لأن الأخيرة، تحتاج إلى التنسيق مع جميع الجهات في كل الولايات وهذا فيه بعض العقبات».
وعلى المستوى العالمي أوضح لال الدين، أن «هناك تحديات عامة، غير أنه في نفس الوقت، هناك الكثير من المبادرات الوقفية، التي عززت الثقة في التعاطي معه»، مبينا أنه أصبح هناك استعداد عام من الكل لإعطاء أموالهم للوقف، مشيرا إلى أنه من الأهمية بمكان تعزيز ثقة الناس، خصوصا في المسؤولين الذين أولوا إدارة الوقف مسؤولياتهم.
وتابع المدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، أن «هناك تحديا آخر يتمثل في تشعب القوانين التي تحكم الوقف، خصوصا في كيفية وآلية إدارته»، مبينا أن «هناك بعض القوانين هنا وهناك، ولكن كل هذه القوانين بها ثغرات وغير مكتملة، لأنها تتطرق إلى جانب من الوقف وتجهل جوانب أخرى».
وشدد لال الدين على ضرورة العمل على «إيجاد قانون شامل لضبط صناعة الوقف»، مشيرا إلى أن جلب الأموال وصرفها من قبل الذين يرغبون في تعزيز هذا التوجه، «يحتاج إلى نوع من الضبط من الناحية القانونية لزرع الثقة فيه والتعاطي معه بكل أريحية».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.