«الجيش الوطني» الليبي يعلن انسحاب «عدد كبير» من ميليشيات طرابلس

روسيا تنفي تقارير أميركية حول إرسال مرتزقة للمشاركة في حرب العاصمة

«الجيش الوطني» الليبي يعلن انسحاب «عدد كبير» من ميليشيات طرابلس
TT

«الجيش الوطني» الليبي يعلن انسحاب «عدد كبير» من ميليشيات طرابلس

«الجيش الوطني» الليبي يعلن انسحاب «عدد كبير» من ميليشيات طرابلس

خفت نسبياً حدة القتال، الذي دخل شهره الثامن على التوالي في العاصمة الليبية طرابلس، لكن «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، اتهم القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، بالاستعانة بـ«إرهابيين»، معلنا «انسحاب عدد كبير من الميليشيات المسلحة» أمام ضرباته، فيما نفت روسيا إرسال مرتزقة إلى ليبيا.
وناقش السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، في اجتماعه أمس بطرابلس مع اللواء أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، ما وصفه مكتبه في بيان له بـ«الترتيبات المتخذة لحماية المدنيين، بعد أن أصبح استهداف المنشآت الأمنية عملاً ممنهجاً للميليشيات المعتدية على العاصمة وضواحيها».
وكان السراج قد ترأس اجتماعا أول من أمس مع «الفريق الوطني» لمكافحة الإرهاب، ضم ممثلين عن قطاعات متعددة من المنظومة الأمنية والعسكرية، حيث تمت مراجعة وتقييم الإجراءات المتخذة لدعم المناطق العسكرية، والخطط الموضوعة لمنع استغلال التنظيمات الإرهابية للوضع الاستثنائي الحالي، الناتج عن الاعتداء الغاشم على العاصمة طرابلس، والعمل من خلال استراتيجية شاملة تتضمن تطوير التنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة، وعمليات الرصد والملاحقة والاستهداف لفلول التنظيمات الإرهابية.
كما أكد السراج عقب لقائه مساء أول من أمس رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، على ضرورة دحر ما وصفه بالعدوان، والعمل على تسخير جميع الإمكانيات للوصول إلى هذا الهدف، مشيرا في بيان وزعه مكتبه إلى أنهما ناقشا أيضا تطورات الوضع الميداني في محاور القتال وملف النازحين، والرؤية المشتركة تجاه العملية السياسية.
بدوره، نقل فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، عن ريتشارد نورلاند، سفير أميركا لدى ليبيا، إعرابه عن قلق الولايات المتحدة بشأن تصاعد وتورط جهات خارجية حكومية ومرتزقة في ليبيا، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين. وقال أغا في بيان له إنه ناقش خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع السفير الأميركي ونائبه بتونس الجهود المستمرة لإنهاء الصراع في طرابلس.
وكشفت الوزارة عن اجتماع عقد في تونس مع شركة أميركية في مجال تقنية المعلومات، حول إصدار التأشيرات الإلكترونية للدخول والإقامة للأجانب، وتطوير عمل المنظومات الإلكترونية لدى مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب.
وناقش أغا أمس مع فلور ويلسون، القائم بأعمال السفارة البريطانية في ليبيا، التعاون الأمني المشترك بين البلدين، كما بحث مع السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا المواضيع المتعلقة بالمجالات الأمنية بين وزارتي داخلية البلدين.
وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» إعادة فـتح مـنفذ رأس جـدير الـحدودي مـع الـجانب التونسي أمـام الـمسافرين، وقالت في بيان أمس إن الـحركة «تـسير بـشكل طبيعي داخـل الـمنفذ، بـناء عـلى الاتفاق مـع الـجانب التونسي».
عسكريا، أعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، انسحاب عدد كبير من عناصر المجموعات الإرهابية ومسلحي الميليشيات الموالية لحكومة السراج من عدة مناطق في محيط العاصمة طرابلس، تحت وقع ضربات الجيش، الذي قال إن سلاحه الجوي «يسيطر على كامل المنطقة الممتدة من سرت حتى رأس أجدير عند الحدود الليبية - التونسية».
وهدد المسماري في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس في مدينة بنغازي (شرق)، بالرد الفوري على أي تهديد أمني في هذه المنطقة، لافتا إلى أن مدينة مصراتة، المعقل الرئيسي المعارض للجيش، تحت عمليات الاستطلاع المستمرة.
كما أوضح المسماري أن سلاح الجو نفذ ضربة على منطقة أبو معاذ بمدينة غريان، استهدفت تمركزا مسلحا توجد به دبابتان وعربات عسكرية من نوع غراد، ونجم عنها إصابة تسعة مسلحين، كما تم شن ضربات جوية أخرى في مواقع غرب العزيزية، مؤكدا «استعانة الميليشيات المسلحة بعناصر إرهابية من تنظيمات متطرفة للقتال إلى جانبها في المعارك، التي تستهدف تحرير العاصمة طرابلس».
إلى ذلك، نفت روسيا على لسان نائب وزير خارجيتها سيرغي ريباكوف، تقارير صحافية أميركية وغربية بشأن وجود مرتزقة روس في ليبيا.
واعتبر ريباكوف في تصريحات لوسائل إعلام روسية، نقلتها الوكالة الفرنسية، أن «ما يشاع عن وصول 200 قناص روسي إلى ليبيا مؤخرا للالتحاق بمعارك العاصمة طرابلس، مزاعم لا صحة لها»، مؤكدا في المقابل أن بلاده، التي تدعم الجهود الرامية إلى إيجاد تسوية سياسية في ليبيا، «تسعى لتحقيق ذلك».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.