صلاة وإضاءة شموع وقرع على الطناجر... احتجاجات لبنان بطابعها الأنثوي

سيدات لبنانيات يضئن الشموع للتضامن مع الاحتجاجات المناهضة للسلطة في بيروت (رويترز)
سيدات لبنانيات يضئن الشموع للتضامن مع الاحتجاجات المناهضة للسلطة في بيروت (رويترز)
TT

صلاة وإضاءة شموع وقرع على الطناجر... احتجاجات لبنان بطابعها الأنثوي

سيدات لبنانيات يضئن الشموع للتضامن مع الاحتجاجات المناهضة للسلطة في بيروت (رويترز)
سيدات لبنانيات يضئن الشموع للتضامن مع الاحتجاجات المناهضة للسلطة في بيروت (رويترز)

على وقع ألحان النشيد الوطني اللبناني وأضواء الشموع، اجتمعت آلاف النساء مساء أمس (الأربعاء) في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت للصلاة معاً بعد نداء كانت قد أطلقته سيدتان على موقع «إنستغرام» لتعزيز مشاركة المرأة في الاحتجاجات المناهضة للسلطة والتي انطلقت قبل ثلاثة أسابيع.
ورفعت النساء الأعلام اللبنانية وأضأن الشموع، كما أقمن الصلوات المشتركة وساهمن بالقرع على الطناجر، في خطوة تندرج ضمن التحركات الشعبية التي دخلت يومها الـ22 للمطالبة بإسقاط السلطة ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
ونظمت هذا التحرك تحت عنوان «نور الثورة» سيدتان شاركتا في الحراك الشعبي منذ يومه الأول، هما خبيرة العلاقات العامة ماريانا وهبة ورائدة الأعمال سارة بيضون. ونشرتا صورة على موقع «إنستغرام» يوم الثلاثاء الماضي تحضّان من خلالها النساء من جميع الطوائف على المشاركة في مظاهرة سلمية والصلاة معاً وتوحيد الصورة العامة للاحتجاجات.
وقالت ماريانا وهبة لـ«الشرق الأوسط»، إن الفكرة بدأت بطريقة عفوية حين كانت تبحث مع صديقتها سارة عن طريقة لتنشيط الاحتجاجات بشكل مبتكر في قلب العاصمة، وتسليط الضوء على دور المرأة أيضاً. وأوضحت: «دعَونا أنا وسارة النساء للنزول إلى ساحة الشهداء للصلاة وإضاءة الشموع مسلمين ومسيحيين معاً، لتأكيد وحدة وطننا وقوة النساء في هذه الاحتجاجات منذ انطلاقها في 17 أكتوبر (تشرين الأول)».
وأضافت ماريانا: «آلاف النساء شاركن في المظاهرة السلمية التي لم يتخللها رفع شعارات سياسية كبيرة، واقتصرت مطالبهن على حض السلطة السياسية الفاسدة كاملة على التنحي والاستقالة، أي أن هذا التحرك ليس جزءاً منفصلاً عن التحركات الشعبية بل هو نوع من التظاهرات الداعمة لها».
وأكدت ماريانا أنها لاحظت مشاركة واسعة للرجال أيضاً في مظاهرة أمس النسوية دعماً لهن وتقديراً للجهود التي بذلتها نساء لبنان في «حماية المتظاهرين عندما حاولت القوى الأمنية تفريقهم، منذ الأيام الأولى لبدء الحراك الشعبي».
وجلست النساء في حلقات على الأرض بغية التعارف، وناقشن الخطوات التالية للحراك وما حققه حتى الآن.
وأشارت ماريانا وهبة إلى أن النساء أنشدن النشيد الوطني اللبناني الذي غنته الفنانة عزيزة، واللافت بالأمر أنها أنشدت مقطعاً منه، مضيفة في إحدى جمله كلمة «نساء» غير الموجودة في نص النشيد الأساسي وهو: «كلُّنـا للوَطـَن للعـُلى للعَـلَم..... ملءُ عينِ الزّمَن سـيفُنا والقَـلَم...سهلُنا والجبـل منبتٌ للرِجَـال». لنتشده عزيزة قائلة: «منتبٌ للرجال والنساء»، مما أثار إعجاب المشاركات وتأييدهن.
وبعدما انتهين من الصلاة معاً وإضاءة الشموع، توجهت المشاركات إلى ساحة رياض الصلح القريبة من ساحة الشهداء في وسط بيروت وشاركن مع المتظاهرين هناك في القرع على الطناجر.
وقالت وهبة: «قرعنا بالأمس على الطناجر تضامناً مع مدينة صيدا التي بدأت منها هذه الفكرة. وبدأ استخدام هذه الطريقة في الأصل عدد من النساء وكبار السن في المنازل الذين لم يتمكنوا من النزول إلى الشارع للمشاركة في المظاهرات، وذلك تأييداً للمعتصمين لتنتشر هذه الظاهرة على نطاق واسع في الساحات أيضاً».
وقد سُمعت أمس أصوات الطرق على الطناجر في أحياء عدة بمدينة بيروت تضامناً مع المتظاهرين اللبنانيين أينما كانوا.
بدورها، أكدت سارة بيضون التي نظمت مظاهرة الشموع بالأمس إلى جانب ماريانا وهبة، أن الفكرة كانت وليدة لحظتها وأحد أهدافها «دعم الثورة وضخ الإيجابية في النفوس». وأضافت في حديثها مع «الشرق الأوسط»: «النساء كنّ جزءاً من الثورة ولا يزلن، وقد استلهمت مدن عدة من مسيرة الشموع والصلاة التي أقيمت في بيروت، منها طرابلس الشمالية وصيدا الجنوبية اللتان طبقتا الفكرة أيضاً».
وقالت بيضون إن النساء بالأمس سلطن الضوء على أهمية وجودهن ومشاركتهن في الحياة العامة، وأكدن مطالبتهن «ببلد يجمعنا جميعاً».
وفي ما يتعلق بمطالب النساء الأساسية ضمن هذه الاحتجاجات الأخيرة، تتفق سارة وماريانا على أن أهم مطلب يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هو حق إعطاء اللبنانيات الجنسية لأطفالهن. كما أكدت السيدتان ضرورة تمثيل النساء بشكل كبير في الحكومة الانتقالية الجديدة التي ينتظر لبنان بدء الاستشارات لتأليفها بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري على إثر التحركات الشعبية.
وعلقت مديرة الإعلام والحملات في منظمة أبعاد (مركز الموارد للمساواة بين الجنسين)، علياء عواضة، على التحركات النسوية التي يشهدها لبنان، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «العنصر النسائي ظهر بكثافة في الاحتجاجات منذ 17 أكتوبر، وهو جزء أساسي من الحراك الشعبي، وقادت النساء العديد من المظاهرات في مدن مثل طرابلس والنبطية (جنوب لبنان) وصيدا».
وقالت عواضة إن مظاهرة أمس التي شاركت فيها آلاف النساء تتخطى حدود «الرمزية وتظهر قدرة النساء على قيادة الثورات والتغيير خاصة أن كل امرأة في لبنان تُقمع مرتين أكثر من الرجل في النواحي الاقتصادية والاجتماعية وغيرها». وأكدت أن أبرز مطالب النساء اليوم في زمن التحركات الرافضة للسلطة، خاصة أننا على عتبة تأليف حكومة جديدة، هي «المناصفة في المقاعد الوزارية الجديدة، خاصة أن هناك الكثير من السيدات من صاحبات الكفاءات في مجتمعنا».
ونادت علياء عواضة بضرورة «تحقيق المطالب النسوية الأساسية مثل حق إعطاء الجنسية للأولاد وحق الحضانة وسن قوانين للتشديد على منع التعنيف الأسري ومحاربته».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.