كيف تبلور الدور السعودي منذ أغسطس الماضي في إخماد أزمة عدن؟

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى استقباله الأمير خالد بن سلمان في لقاء سابق (سبأ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى استقباله الأمير خالد بن سلمان في لقاء سابق (سبأ)
TT

كيف تبلور الدور السعودي منذ أغسطس الماضي في إخماد أزمة عدن؟

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى استقباله الأمير خالد بن سلمان في لقاء سابق (سبأ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى استقباله الأمير خالد بن سلمان في لقاء سابق (سبأ)

منذ اللحظات الأولى لـ«فتنة عدن» التي اشتعل فتيلها في الثامن من أغسطس (آب) الماضي بسيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على مقار ومؤسسات الحكومة الشرعية، رفضت السعودية استخدام السلاح والإخلال بالأمن والاستقرار، داعية إلى الحوار وتغليب مصلحة اليمن وشعبه.
وكتب حينها الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي معلقاً على هذه الأحداث بقوله: «نرفض أي استخدام للسلاح في عدن والإخلال بالأمن والاستقرار، وندعو لضبط النفس وتغليب الحكمة ومصلحة الدولة اليمنية، لذلك دعت المملكة لحوار سياسي مع الحكومة اليمنية الشرعية في مدينة جدة».
وأضاف على حسابه الرسمي بتويتر «أكد المجتمع الدولي على مواقفه الرافضة تجاه ما يحدث في العاصمة المؤقتة عدن، والمملكة لن تقبل إشعال فتنة جديدة هي بمثابة إعلان حرب على الشعب اليمني الشقيق الذي عانى طويلاً من هذه الأزمة».
وكانت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن دخلت منعطفاً أمنياً جديداً في الثامن من أغسطس الماضي، بعد أن إعلان قادة المجلس الانتقالي الجنوبي النفير لاقتحام القصر الرئاسي الموجود في منطقة معاشيق، ومشاركة الآلاف من أتباعهم في تشييع جثمان القيادي في الحزام الأمني العميد منير اليافعي، المعروف بـ«أبو اليمامة»، إلى مقبرة قريبة من القصر الرئاسي.

خالد بن سلمان وحلحلة الخلاف
لعب نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان دوراً بارزاً في حلحلة الخلافات بين وفدي الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وبحسب سالم الخنبشي نائب رئيس الوزراء اليمني وعضو الفريق المفاوض فإن الأمير خالد لديه رؤية شاملة لحل الأزمة، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «كان الأمير خالد يعمل على سجيته، وبخبرة كبيرة اكتسبها أثناء عمله في دوائر صنع القرار».
وتابع: «كان يعمل بشكل متواصل، زار الرئيس هادي ربما أربع مرات، والتقى وفدنا مرات كثيرة، إلى جانب رده على كافة استفساراتنا عبر الهاتف في أي وقت».
ويؤكد الخنبشي أن «نائب وزير الدفاع السعودي لديه رؤية شاملة وأظهر حنكة ونجاحاً كبيراً في إدارة ملف أزمة عدن، لقد كان ملماً بكافة التفاصيل وذلل الصعوبات للطرفين».
من جانبه، قال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية: «ونحن نحتفي باتفاق الرياض بما يمثله من توحيد للصف والبدايات الجديدة المشجعة، ونحرص على التطبيق الملتزم لبنوده، لا يسعنا إلا أن نثمن دور الأمير خالد بن سلمان في التوصل إلى هذا الاتفاق، فكل الشكر على إصراره ومثابرته وجلده وإدراكه العميق بأن لا خيار إلا النجاح».
مسيرة الأحداث تكشف منذ اندلاع الأزمة الدور السعودي الكبير في تغليب الحكمة أمام أزمة يمنية - يمنية، بداية من تحذيرات ودعوات للحوار وحوارات غير مباشرة قبل أن يتم التوقيع دون ضجيج.

11 أغسطس
حذّر تحالف دعم الشرعية في اليمن في بيان شديد اللهجة من العبث بالأمن اليمني، رافضاً وبشكل قاطع الأحداث التي وقعت في عدن، وذلك على لسان المتحدث باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي. فيما عبّرت السعودية عن قلقها البالغ لتطور الأحداث العسكرية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، مؤكدة أنها تتابع التطورات، داعية إلى تغليب صوت العقل ووقف الفتنة.

دعوة للحوار
أعلن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية بعد ثلاثة أيام على نشوب الأزمة، أن المملكة وجّهت الدعوة للحكومة اليمنية ولجميع الأطراف التي نشب النزاع بينها في عدن، لعقد اجتماع عاجل في بلدهم الثاني السعودية، لمناقشة الخلافات وتغليب الحكمة والحوار، ونبذ الفرقة ووقف الفتنة وتوحيد الصف، والتصدي لميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران والتنظيمات الإرهابية الأخرى، واستعادة الدولة وعودة اليمن آمناً مستقراً.

12 أغسطس
عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قمة في منى بمكة المكرمة، حيث تزامنت تلك الأحداث مع موسم الحج، وبحثا مستجدات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً على الساحة اليمنية، ومختلف الجهود تجاهها في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار.

15 أغسطس
وصلت لجنة عسكرية سعودية إماراتية مشتركة إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن لدراسة انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من المواقع التي سيطروا عليها في المدينة.

21 أغسطس
وصل إلى مدينة جدة السعودية فريق من قيادات المجلس الانتقالي برئاسة عيدروس الزبيدي، وذلك تلبية لدعوة المملكة للحوار مع الحكومة الشرعية اليمنية.

5 سبتمبر
بعد نحو عشرة أيام على أحدث عتق، وتحديداً في 5 سبتمبر كشف نزار هيثم المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي عن وجود لقاءات غير رسمية مع أطراف في الحكومة الشرعية بمدينة جدة.

6 سبتمبر
بعد يوم واحد فقط بدأت المشاورات غير المباشرة بين الطرفين في جدة، وأصدرت السعودية بياناً شددت فيه على رفضها «الفتنة» التي نشبت بين الأطراف اليمنية في عدن، محذرة من «أي تصعيد عسكري أو فتح معارك جانبية لا يستفيد منه سوى الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة إيرانياً» و«داعش» و«القاعدة».

5 نوفمبر
بعد نحو شهرين من المشاورات غير المباشرة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية سعودية، أكد مصدر سعودي أن الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي توصلا إلى اتفاق، وهو ما تحقق بدايات الشهر الجاري.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.