«الجيش الوطني» الليبي يواصل قصف قوات «الوفاق» في طرابلس

أعلن مقتل وأسر أكثر من 30 عنصراً من الميليشيات

صورة وزعتها داخلية «الوفاق» لتعرض إحدى آلياتها لقصف جوي شنته قوات الجيش الوطني جنوب طرابلس أمس
صورة وزعتها داخلية «الوفاق» لتعرض إحدى آلياتها لقصف جوي شنته قوات الجيش الوطني جنوب طرابلس أمس
TT

«الجيش الوطني» الليبي يواصل قصف قوات «الوفاق» في طرابلس

صورة وزعتها داخلية «الوفاق» لتعرض إحدى آلياتها لقصف جوي شنته قوات الجيش الوطني جنوب طرابلس أمس
صورة وزعتها داخلية «الوفاق» لتعرض إحدى آلياتها لقصف جوي شنته قوات الجيش الوطني جنوب طرابلس أمس

واصلت قوات «الجيش الوطني» الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أمس شن غارات جوية على مواقع لقوات «الوفاق» الموالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، جنوب وشرق العاصمة طرابلس، ومدينة سرت الساحلية.
وتحدث بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع لـ«الجيش الوطني»، عن مقتل وأسر أكثر من 30 عنصرا من الميليشيات، في كمين محكم لقوات الجيش بعد إيهامهم بانسحابها وتراجعها في محور صلاح الدين بجنوب العاصمة، مشيرا إلى وقوع اشتباكات في مشروع الهضبة، وصفها بأنها محاولات يائسة للميليشيات لتحقيق أي تقدم، أو ثبات في مواقعهم أمام ضربات الجيش.
وقال بيان للجيش أول من أمس إن «سلاح الجو نفذ ضربة استهدفت تجمعا للميليشيات داخل معسكر أبو معاذ بمدينة غريان، كما استهدفت ضربة ثانية بوابة غوط الريح»، التي تبعد عن المدينة بنحو 80 كيلومترا جنوب العاصمة طرابلس.
وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة السراج مقتل عنصرين من رجال الأمن، وإصابة أربعة أشخاص آخرين بعد استهداف مقر (قوة التدخل السريع) بالإدارة العامة للدعم المركزي بعين زارة (جنوب طرابلس)، ونشرت صورا فوتوغرافية تظهر احتراق سيارات شرطة داخل المقر الذي تعرض للقصف الجوي.
بدوره، قال فوزي أونيس، الناطق باسم وزارة الصحة بحكومة «الوفاق»، إن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم، فيما جرح أربعة أشخاص آخرين نتيجة القصف الذي وقع قرب محطة وقود بالمنطقة، مشيرا في تصريحات تلفزيونية أمس إلى أن من بين القتلى عنصرين من الشرطة وشخصا مدنيا.
وهذه هي المرة الثانية التي يستهدف فيها «الجيش الوطني» مقرا تابعا للوزارة، بعدما استهدف مؤخرا مقرها في العاصمة طرابلس.
وقالت الوزارة في بيان لها، إنها لن تتهاون في ملاحقة ومحاسبة مرتكبي هذه الأفعال الإجرامية، وتقديمهم للعدالة على ما اقترفت أيديهم.
من جانبها، قالت (قوة حماية وتأمين مدينة سرت)، التابعة لحكومة السراج، إن ثلاثة أفراد من عناصرها أصيبوا خلال غارة جوية مساء أول من أمس، استهدفت أحد تمركزات القوة، وأشارت في بيان لها إلى أن هذا القصف يأتي بعد يومين من توقيف سيارة تهريب هجرة غير نظامية، وعلى متنها 14 شخصا من الجنسية المصرية قادمين من مدينة البيضاء بشرق البلاد.
لكن «الجيش الوطني» قال في بيان مقتضب لمركزه الإعلامي إنه وجه ضربة جوية لموقع تستخدمه الميليشيات بمعسكر الساعدي بسرت، الذي يقع على بعد 450 كيلومترا شرق طرابلس، والذي تستخدم مرافقه ودشمه كمخازن للأغراض العسكرية ومخازن للمعدات والأسلحة.
إلى ذلك، حث المجلس الأعلى للدولة بطرابلس حكومة «الوفاق» على تسخير كافة الإمكانيات لدعم «المجهود الحربي، ودحر العدوان وتوفير كل ما يلزم لذلك، مع محاسبة المتقاعسين عن أداء واجبهم الوطني في صد العدوان».
وطالب المشري أول من أمس بإنشاء هيئة خاصة للجرحى وحصرهم، وتوفير أقصى درجات الاهتمام والرعاية لهم، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع أي فساد في هذا الملف.
وبعدما أعلن ترحيبه بأي مبادرة لصد العدوان ودحره، وتسعى لحقن الدماء والخروج بالبلاد من أزمتها، للوصول إلى رؤية وطنية مشتركة تقام بها دولة الدستور والقانون، دعا الحكومة إلى مقاطعة ومقاضاة الدول، التي تدعم الحرب على الشرعية، والمتورطة بشكل مباشر في العدوان وتوثيق جرائمها، ومتابعتها أمام المؤسسات القضائية المحلية والدولية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم