إدارة السجون تتهم جمعيات حقوقية بـ«تضليل الرأي العام» في المغرب

TT

إدارة السجون تتهم جمعيات حقوقية بـ«تضليل الرأي العام» في المغرب

اتهمت المندوبية العامة المغربية لإدارة السجون، جمعيات حقوقية بـ«تضليل الرأي العام»، و«خدمة أجندات مناوئة للمصالح العليا للوطن»، وذلك رداً على الضجة التي أُثيرت بسبب الإجراءات التأديبية، التي اتخذتها في حق مجموعة من السجناء المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، ضمنهم ناصر الزفزافي، متزعم الحراك والمحكوم بـ20 سنة سجناً، بعد تسريبه تسجيلاً صوتياً من داخل السجن يزعم فيه تعرضه للتعذيب وهتك عرضه.
في غضون ذلك، أعلنت النيابة العامة استعدادها لإعادة فتح التحقيق من جديد إذا ما قدم الزفزافي أي دلائل أو قرائن جديدة تثبت تعرضه للتعذيب إبان اعتقاله، مشككة في ادعاءاته.
وذكر بيان صادر عن الوكيل العام (النائب العام) للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أنه على أثر نشر تسجيل صوتي منسوب إلى المعتقل الزفزافي على بعض وسائل التواصل الاجتماعي، إبان فترة وجوده في السجن المحلي «رأس الماء» بفاس، يدّعي فيه تعرضه في أثناء إيقافه بمدينة الحسيمة للعنف وهتك العرض بطرق مشينة، فقد عُرضت هذه القضية على القضاء، حيث كان المعنيّ بالأمر قد ادّعى في أثناء تقديمه أمام النيابة العامة لأول مرة بتاريخ 5 يونيو (حزيران) 2017، وبحضور دفاعه، أنه تعرض للعنف فقط في أثناء إيقافه بالحسيمة، مستدلاً في ذلك بآثار بعض الإصابات الخفيفة، التي عوينت عليه ساعتها، والتي تبين أنه تم إثباتها في محضر إيقافه نتيجة المقاومة العنيفة والشرسة، التي أبداها لحظة ضبطه في حق عناصر الأمن.
وأضاف البيان أن المعنيّ بالأمر لم يُثر حينها إطلاقاً واقعة تعرضه لهتك العرض، وهو الأمر الذي كان بإمكانه إثارته أمام النيابة العامة مباشرةً بعد انتهاء المدة القانونية لإيقافه، بل إنه صرح بأن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي أنجزت البحث عاملته معاملة جيدة، ولم يتعرض للتعذيب أو التعنيف خلال عملية الاستماع إليه، وهي التصريحات نفسها التي أكدها دفاعه في بعض وسائل الإعلام الإلكترونية مباشرةً بعد انتهاء عملية تقديمه أمام النيابة العامة.
وأورد بيان النيابة العامة أن المعنيّ بالأمر ادّعى، لدى استنطاقه ابتدائياً من طرف قاضي التحقيق، تعرضه لمحاولة هتك العرض في أثناء إيقافه من طرف عناصر الأمن، حيث تم على أثر ذلك إخضاعه لخبرة طبية بتاريخ 8 يونيو 2017، أثبتت عدم تعرضه لأي اعتداء أو هتك عرض، وأن الإصابات اللاحقة به، المثبتة في محضر سماعه أمام الشرطة القضائية، ترجع لفترة تتوافق مع تاريخ إيقافه في 29 مايو (أيار) 2017.
ونظراً إلى عدم جدية ادعاءاته وعدم ثبوتها، أمر قاضي التحقيق بإحالته إلى المحاكمة، التي أعاد خلالها تكرار الادعاءات نفسها، وصاغها دفاعه في شكل دفوع قانونية أمام المحكمة، قضت هذه الأخيرة برفضها لعدم ثبوتها.
وشددت النيابة العامة على أن انتظار مرور أكثر من سنتين على متابعة المعنيّ بالأمر، وإدانته ابتدائياً واستئنافياً ليعود من جديد لتكرار نفس الادعاءات بطرق مشينة، من قبيل ما ورد بالتسجيل الصوتي، لم يسبق له إثارتها طيلة مراحل محاكمته، «أمر يدعو للاستغراب، ويثير الكثير من التساؤلات حول جدية هذه الادعاءات، والمبرر لإثارتها والطريقة المستعملة لذلك».
وخلصت النيابة العامة إلى القول إنها تبدي من جديد استعدادها لإعادة فتح التحقيق، إذا ما قدم المعنيّ بالأمر أي دلائل أو قرائن جديدة تسمح بذلك، وتؤكد رفضها المطلق للتعذيب أو المعاملة القاسية، كما أنها ترفض استغلال المساطر القضائية لغير أهداف تحقيق العدالة واستجلاء الحقيقة.
من جهتها، قالت المندوبية العامة لإدارة السجون إن الإجراءات التأديبية التي اتخذتها في حق مجموعة من السجناء المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة «أملتها ما ارتكبوه من مخالفات خطيرة جداً لمقتضيات القانون، المنظم للسجون والنظام الداخلي للمؤسسة السجنية، وذلك برفضهم تنفيذ الأوامر الصادرة عن موظفي المؤسسة السجنية، والاعتداء عليهم والتمرد».
وأوضحت المندوبية العامة في بيان توضيحي، رداً على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية عائلات السجناء المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، وكذا بعض ما جاء في تسجيل لوالد الزفزافي على مواقع التواصل الاجتماعي، أن اتخاذها تلك الإجراءات «جاء بغرض تطبيق القانون واستتباب الأمن بالمؤسسة السجنية المعنية، والحفاظ على سلامة نزلائه».
ونفت إدارة السجون إساءة معاملة أيٍّ من السجناء المعنيين، موضحةً أنه لم يتعرض أي منهم لما قيل إنه «تعذيب»، وقالت إنها سمحت لهؤلاء السجناء بالاتصال بذويهم.
وخلصت المندوبية إلى أن الجمعيتين المذكورتين ووالد السجين الزفزافي «يحاولون بترويجهم أخباراً وادعاءات كاذبة، تضليل الرأي العام من خلال توهيمه بوجود وقائع من صنع خيالهم، ويعملون على استغلال ظروف عائلات باقي السجناء، من أجل تحقيق مسعاهم، المتمثل في خدمة أجندات مناوئة للمصالح العليا للوطن، مع الاستمرار دائماً في الاقتيات على ما يستدرّونه من هذه القضايا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.