المغرب قلق من عودة مقاتلي «داعش»

وزارة الداخلية تتحدث عن تفكيك 13 خلية إرهابية حتى نهاية أكتوبر

TT

المغرب قلق من عودة مقاتلي «داعش»

وصفت وزارة الداخلية المغربية عودة مقاتلي التنظيمات الإرهابية من بؤر التوتر بسوريا والعراق وليبيا، بالأمر «المقلق» بالنسبة للبلاد، وأحد أهم التحديات المطروحة على الدول المعنية بالظاهرة. وأكدت أن الجهود المبذولة في المملكة مكَّنت من تفكيك 13 خلية إرهابية حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأفاد تقرير للوزارة، وزعته مساء أول من أمس على أعضاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، بمناسبة عرض الموازنة الفرعية للوزارة لسنة 2020، بأن آفة الإرهاب «تطال جميع مناطق العالم وتهدد أمن واستقرار الدول، من بينها المغرب». وأضاف التقرير أن «عودة هذا العدد المقلق من المقاتلين الأجانب ضمن التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتر (سوريا والعراق وليبيا)، أحد أهم التحديات المطروحة للدول المعنية بهذه الظاهرة».
وأكدت وزارة الداخلية أن التنظيمات الإرهابية تدعو مقاتليها العائدين للتسلل إلى «بلدانهم الأصلية بغية تنفيذ عمليات إرهابية، تساهم في استهداف الاستقرار وتعطيل الحركة الاقتصادية بها، وتشجع على إنشاء خلايا نائمة» لإحياء ما تُسمى «الخلافة» المزعومة لتنظيم «داعش».
وسجَّل التقرير أن مصالح وزارة الداخلية «واصلت العمل خلال هذه السنة بأعلى درجات اليقظة والتأهب، الواردة بالمخطط الوطني لمحاربة الإرهاب، سواء على مستوى الإدارة الترابية أو المصالح الأمنية»؛ حيث مكنت الجهود المبذولة حتى نهاية أكتوبر الماضي، من تفكيك «13 خلية إرهابية كانت تعد لارتكاب أعمال إجرامية، تستهدف أمن وسلامة المملكة أو الدول الصديقة، وتجنّد شباباً مغاربة للقتال في المناطق التي تنشط فيها الجماعات المتشددة».
وأضاف التقرير أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة للمحافظة على التراب الوطني (مخابرات داخلية)، تمكن من تفكيك عدد من الشبكات الإرهابية، من ضمنها إحباط مشروع شبكة إرهابية تنشط بالمغرب وإسبانيا، داخل المنظومة الإرهابية لما يسمى تنظيم «داعش».
واعتبر التقرير أن المملكة المغربية «راكمت تجربة مهمة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، بفضل نهج سياسة أمنية استباقية واحترازية في محاربة الخطر الإرهابي، وإفشال مخططاته في مهدها».
وأشارت وزارة الداخلية إلى أنها تتبنى بتنسيق مستمر مع المصالح الأمنية في مجال محاربة الإرهاب «سياسة تتغير وفق استراتيجيات المجموعات الإرهابية، التي تتوفر على موارد مالية كبيرة، وتستمر في الاستعانة بآيديولوجيات متطرفة وخطابات عنيفة، تسعى إلى تمريرها عبر وسائل التواصل والمواقع الحديثة في أوساط الفئات السكانية الهشة».
وأوضحت أن السلطات المغربية المختصة باشرت خلال مارس (آذار) الماضي، ترحيل مجموعة تضم ثمانية مواطنين مغاربة كانوا يوجدون في مناطق النزاع بسوريا، في إطار مساهمتها في الجهود الدولية المرتبطة بمكافحة الإرهاب؛ حيث خضع هؤلاء المرحلون لأبحاث قضائية تتعلق بتورطهم المحتمل في قضايا مرتبطة بالإرهاب، تحت إشراف النيابة العامة.
في غضون ذلك، قال عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، إن المخططات الأمنية التي يعتمدها المغرب استطاعت أن تحقق «نجاحات ومكاسب مهمة؛ خصوصاً على مستوى التدخل الاستباقي في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تحيط بالبلاد كخطر دائم ومستمر؛ حيث تقوم المصالح الأمنية بعملها بكل احترافية ومهنية مشهود بها داخلياً وخارجياً». وأوضح أن حصيلة الوزارة خلال السنة الجارية «تميّزت بمواصلة تفعيل الاستراتيجيات والمخططات الأمنية المتعددة الأبعاد، الرامية إلى ترسيخ قواعد الحكامة الأمنية الكفيلة بالتصدي للجريمة، ومكافحة الشبكات الإرهابية والمخدرات والجريمة العابرة للحدود، ومجابهة تدفقات الهجرة السرية في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل، فضلاً عن مكافحة بقية أشكال الجريمة المؤثرة على الإحساس بالأمن لدى المواطنين».
من جهة أخرى، قال الوزير المغربي إن الوزارة قامت في مجال التنمية البشرية باعتماد تصور جديد يقوم على إعطاء الأولوية للمناطق الفقيرة والفئات الهشة والمحددة حسب مؤشرات خريطة الفقر المتعدد الأبعاد. وأبرز لفتيت أنه في إطار هذا التصور الجديد، الذي يأتي بالموازاة مع التطور الحاصل في مجال الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري، يتم أيضاً تركيز العمل على الجوانب اللامادية للتنمية البشرية طيلة مراحل حياة الفرد، انطلاقاً من الاهتمام بتنمية الطفولة المبكرة إلى مواكبة الأطفال والشباب على مستويات الدعم المدرسي والإدماج المستقبلي في سوق الشغل، والعمل على «مواصلة جهود محاربة الفقر والإقصاء، وترسيخ قيم الكرامة والمساواة والتضامن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.