رحلة مع الممثلة منال سلامة: أبحث عن البصل في كل بلد أزوره

في استوديوهات يونيفرسال
في استوديوهات يونيفرسال
TT

رحلة مع الممثلة منال سلامة: أبحث عن البصل في كل بلد أزوره

في استوديوهات يونيفرسال
في استوديوهات يونيفرسال

تقول الممثلة المصرية منال سلامة، إن زيارتها لأي بلد لا تكتمل من دون زيارة كل معالمه وأسواقه الشعبية، والأهم من هذا مسارحه وحضور عروضها. بحكم عملها تسافر منال كثيراً، ومع ذلك لا تتعب أو تمل، بل تحرص أن تقتنص لنفسها أوقاتاً تسافر فيها برفقة زوجها المخرج عادل أديب، إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية، حيث تدرس ابنتها وكندا، حيث يعيش ابنها حالياً. فالسفر أصبح بالنسبة إليها «أسلوب حياة»، كما قالت في هذا اللقاء الخاص مع «الشرق الأوسط»:
* إذا كنت قد زرت نصف الكرة الأرضية فأنا أتمنى زيارة نصفها الآخر، فالسفر في غاية الأهمية للتعرف على ثقافات الشعوب المختلفة واكتسابات معارف ومهارات جديدة. وأنا شخصياً أدين له بتحسن لغتي الإنجليزية.
* عموماً، أفضل السفر مع زوجي وأولادي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأوروبا. ولا أخفي أنني لا أحب السفر بمفردي، فمتعتي الحقيقية حين تجتمع عائلتي الصغيرة في مغامرة ما.
أول رحلة قمت بها خارج مصر كانت للإمارات لتصوير مسلسل «شارع المواردي» عام 1991، وبعد سنوات عدت إلها لأكتشف تغييراً كبيراً ونهضة معمارية وثقافية وفنية لا مثيل لها. كذلك سافرت إلى الأردن لتصوير بعض الأعمال الفنية وحرصت على زيارة الأماكن التاريخية في جرش والبحر الميت. ومن البلاد العربية الأخرى التي أعشقها سوريا، التي زرتها لحضور مهرجان دمشق السينمائي واكتشفتها من خلال زيارة أسواقها ومسارحها مثل سوق الحميدية والمسرح الروماني. أتمنى أن تعود سوريا كما كانت عليه، بمعالمها التي ألفناها. سافرت بمفردي إلى المغرب، وطفت في كثير من أحيائه ومدنه وعشقت مطبخه المتميز. ومنه توجهت إلى إسبانيا نظراً لقُربها الجغرافي منه. كان لا بد لي من هذه الخطوة لأستمتع بمعالم برشلونة الأثرية والفنية على حد سواء.
* رغم استمتاعي بالسفر في كل بلد أكون فيه، فإنني ومنذ أن أديت العمرة وقلبي متعلق بمكة المكرمة والمدينة المنورة، إلى حد أني قمت بأدائها مرات عدة إلى جانب فريضة الحج لي ولأبي. لا يمكن أن أصف كمّ الراحة التي أشعر بها كلما زرت هذه البقعة من الأرض.
* حضرت مهرجان كان السينمائي مرات عدة برفقة زوجي. وكانت التجربة في غاية المتعة، ليس لجمال المدينة وشواطئها ومطاعمها وطقسها فحسب، بل للفرصة التي أتاحتها لي لمتابعة أفلام رائعة من مختلف دول العالم. لكني ما زلت أقول إن السياحة الداخلية لا تقل أهمية عن السفر إلى الخارج؛ لذا أحرص على زيارة محافظات مصر من الإسكندرية شمالاً، التي تحمل ذكريات الطفولة، إلى أسوان جنوباً بمعالمها السياحية وآثارها الخالدة. وللأقصر مكانة خاصة في نفسي، حيث تحوي كنوزاً من المواقع الأثرية المهمة، عدا عن أسوان والنوبة اللتين أحبهما والواحات وغيرها. في كل هذه المحافظات لمست جمالها الطبيعي والإنساني المتمثل في طيبة أهلها. هناك بلدان تقع في حبها من أول زيارة وأخرى لا تشعر فيها بالألفة. فأنا مثلاً أتردد على الولايات المتحدة كثيراً بحكم وجود ابنتي بها، لكني أتعجل انتهاء دراستها حتى تعود إلينا، فإيقاع الحياة الأميركي لا يستهويني أبداً.
* أسوأ ما أتعرض له في السفر هو المرض، فعادة ما أعاني من «احتقان الحلق والإنفلونزا»، كان هذا يحدث معي باستمرار وظللت أعاني منه حتى علمت أنه يجب أن أتناول البصل الذي تزرعه كل دولة؛ لأنه يمنح الجسم مناعة. وهكذا صرت أفعل ذلك في كل بلد أحط فيه. اليوم يمكنني أن أؤكد صدق المعلومة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».