حيوات بشر مبتورة وحلول مستحيلة

رواية ألمانية عن «المستشفى الأميركي»

حيوات بشر مبتورة وحلول مستحيلة
TT

حيوات بشر مبتورة وحلول مستحيلة

حيوات بشر مبتورة وحلول مستحيلة

تأتي أهمية رواية «المستشفى الأميركي» للكاتب الألماني ميشائيل كليبرغ، في المشهد الإبداعي الألماني المعاصر، بسبب تمتعها بقدر كبير من السرد الذي يمزج بين الشعر والتحليل الواقعي، وذلك بجمل نثرية قصيرة ذات قدرة كبيرة على سبر أغوار أبطالها، فضلاً عن الوصف الجغرافي لأنحاء كثيرة من العاصمة الفرنسية باريس.
وترصد «المستشفى الأميركي»، التي صدرت حديثاً بالعربية عن هيئة الكتاب المصرية، وترجمتها الدكتورة أميرة أمين، قصة معاناة بطليها: هيلين التي تسعى لإنجاب طفل بالتلقيح الصناعي، في محاولات تذهب جميعها سدى، وتفضي بها إلى الطلاق من زوجها، وكوت الذي يخضع لجلسات علاج نفسي للخروج من حالة رهابه وصدمة ما بعد العنف الذي عاش أحداثه في المعارك، وتدور الأحداث بين «المستشفى الأميركي» في ضاحية نويي الباريسية، ومحطة مترو بون دي لوفلوا وشارع دو شاتو، وفيكتور هوجو، فيما يحاول كليبرج رسم حيوات أبطاله القلقة والمبتورة وغير المحققة، على مستوياتها العاطفية والوظيفية، فضلاً عن تلك المرتبطة بالصحة النفسية.
تعمل هيلين مهندسة ديكور، وتحب الشعر، خصوصاً ما تكتبه النساء، لأن لديهن، في رأيها، رؤية للعالم تختلف عن تلك التي يتبناها الشعراء الرجال، بينما تبدأ الأحداث في خريف عام 1991، عندما تلتقي جندياً أميركياً برتبة نقيب عائداً للتو من العراق بعد حرب الخليج هو ديفيد كوت، المولود في ورسستر، إحدى مقاطعات ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة. هو يقرأ أشعار إليزابيث بيشوب، وإيملي ديكينسون، وغيرهما من شعراء أميركا، وهي رغم حبها للشعر النسائي تقرأ لأراجون.
هناك في قاعة استقبال المستشفى كان مشهد اللقاء الثاني لبطلي الرواية اللذين يعيشان طموحات لا تعرف التحقق، بعد لقاء حارق جمع بينهما قبل أربعة أسابيع؛ حيث سقط الجندي جراء حالة «رهاب» يمر بها إثر مشاركته في العمليات الحربية، في ذلك اليوم هرعت هيلين لمساعدته، وتمزقت ملابسها تحت قسوة قبضة يده التي تشبثت بها دون إرادة منه.
وتتلخص حياة المؤلف كليبرغ في مدينة شتوتجارت عام 1959، التي ولد فيها، ودرس العلوم السياسية والتاريخ. وبعد إقامته في روما وأمستردام، عاش في باريس. وهو يعمل كاتباً متفرغاً ومترجماً في برلين. وقد حاز العديد من الجوائز عن أعماله الأدبية، منها جائزة كاتب مدينة ماينز عام 2008، ومن أهم أعماله كتاب «حديقة في الشمال» 1998.
وعبر أحداث الرواية التي لا تتألف من فصول، بل عدد من المقاطع، يلاحظ القارئ أن هناك علاقة حب لا تتطور، تراوح في طور الصداقة بين الأميركي والفرنسية هيلين، وعلى مدار الأحداث يتابع الكاتب عبر حواراتهما الكثير من إبداعات الشعراء وبعض حكاياتهم وأسرارهم، لكن تظل الألفة التي تنبني عبر اللقاءات المختلفة غير قادرة على كسر حد الصداقة وتجاوزها إلى علاقة عاطفية تجمع بين شخصين محبطين في حياة مشتركة، وتبقى الكآبة التي تذكر كل منهما بماض كان يحمل أثراً عاطفياً، لكنه لم يكتمل. ويتمتع كليبرغ بالشهرة إلى حد ما في العالم العربي، لا سيما بعد ترجمة كتابه «الحيوان الذي يبكي»، الذي يتناول الوضع في لبنان. وخلال السرد، تمكن كليبرغ عبر متابعة أحداث روايته التي حصلت على جائزة «الكتاب الإنجيلي» لعام 2010، من لمس موضوعات وجودية مثل الخسارة والشعور بالذنب والوحدة والأمل والمرض والشفاء. كما راح يعري أفعال الإنسان ودوافعه للقتل والحياة، ومبررات الحرب، وهذا ما يتجلى واضحاً في سياق الحوارات التي تجمع بين كوت وهيلين، وتظهر من خلالها إشكاليات حادة في الزمن الذي نعيشه تحتم على الجميع البحث عن صيغة للعيش المشترك.
وتسعى شخصيات «المستشفى الأميركي» إلى البحث عن حلول غير قابلة للتحقق أصلاً، عبرت عنها الظلال التي تجلت في الرواية من خلال استحضار عوالم الشعراء والمبدعين، لتتجاور مع حياة بطلي الرواية هيلين بعمليات تلقيحها الفاشلة، والجندي الأميركي في رهابه، لكن السؤال الذي يظل مطروحاً في ثنايا رواية كليبرج، هل سيظل العالم الغربي متوحشاً تجاه الآخر البعيد عن جغرافيته، في مناطق كثيرة بالعالم، فيما هو غير قادر على الائتلاف في قصة لا تتجاوز إطار الصداقة، ولا تصل إلى حد الاندماج العاطفي.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.