الجزائر: طلاب الجامعات يتظاهرون ضد «تطويع القضاء»

نواب المعارضة ينددون بقانون المحروقات المثير للجدل

جانب من المظاهرات ضد قانون المحروقات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات ضد قانون المحروقات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: طلاب الجامعات يتظاهرون ضد «تطويع القضاء»

جانب من المظاهرات ضد قانون المحروقات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات ضد قانون المحروقات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

ندد العشرات من طلاب الجامعات الجزائرية، أمس، خلال مظاهراتهم الأسبوعية بقانون المحروقات، الذي كانت الحكومة تعرضه على البرلمان في نفس الوقت، وطالبوا بإلغاء انتخابات الرئاسة المقررة في 12 من الشهر المقبل، ووصفوا المرشحين الخمسة لها بـ«العصابات»، مؤكدين دعمهم للقضاة في صراعهم مع الحكومة.
وهاجم الطلاب في المظاهرات، التي نظموها بالقرب بالبرلمان وزير العدل بلقاسم زغماتي الذي يبحث، حسبهم، عن «تطويع جهاز القضاء لمصلحة العصابة»، في إشارة إلى صراعه منذ أسبوع مع مئات القضاة المضربين بسبب حركة تغييرات طالت المناصب، وأثارت سخطهم الشديد.
واستنكر المتظاهرون استمرار اعتقال عشرات المتظاهرين، وإدانة بعضهم بالسجن مع التنفيذ، وأظهروا دعما للقضاة المضربين، علما بأن عدة رفاق لهم جرى إيداعهم السجن من طرف قضاة التحقيق بعدة محاكم، إثر مظاهرات جرت في الأسابيع الماضية. وجابت المظاهرات أغلب شوارع العاصمة، ونظمها أيضا الطلاب في المدن الكبيرة، حيث توجد كليات ومدارس عليا كوهران بالغرب وقسنطينة بالشرق، وتيزي وزو بمنطقة القبائل.
في غضون ذلك، رفع نواب المعارضة بالبرلمان أمس، لافتات بداخله منددة بقانون المحروقات، الذي «تسعى حكومة غير شرعية إلى فرضه إرضاء لشركات نفطية عالمية»، بحسب تعبيرهم.
وتضمن عرض القانون، الذي قدمه وزير الطاقة محمد عرقاب بالبرلمان، أمس، تسهيلات للشركات النفطية العالمية، تتمثل في تقاسم الإنتاج أساسا. ويهدف هذا المسعى إلى استقطاب الاستثمارات في ميدان المحروقات، بالنظر لتراجع الإنتاج في المدة الأخيرة.
وقال عرقاب إن «اكتشاف احتياطيات بترولية وغازية جديدة أصبح ضرورة ملحة ومستعجلة بالنسبة للجزائر، وهو ما يتطلب إطارا قانونيا ملائما لذلك، والنص الذي اقترحته الحكومة يرمي إلى استعادة المكانة الدولية المرموقة، التي عرفتها الجزائر في سوق الطاقة العالمية خلال التسعينات، وذلك بفضل المزايا التي كان يمنحها قانون المحروقات لسنة 1986 لشركة سوناطراك (المملوكة للدولة) وشركائها».
وذكر الوزير بينما كان نواب المعارضة يحتجون عليه أن الجزائر «ظلت بعد تعديل هذا القانون سنة 1991 بلدا يستقطب الاستثمارات الأجنبية، إذ تمكنت الدولة من جذب 30 شريكا أجنبيا وقعت معهم سوناطراك 50 عقدا في البحث والإنتاج، وما زالت العقود سارية». مشيرا إلى أن الاستثمار الأجنبي في مجال المحروقات عرف تراجعا منذ تعديل القانون في 2005 «ولذلك كان لا بد من مراجعة جديدة للقانون ليكون أكثر جذبا».
وأضاف الوزير موضحا «ما يجعل تعديل قانون المحروقات الجديد ضرورة هو تراجع نشاط الاستكشاف النفطي في البلاد، في ظل عدم قدرة سوناطراك على تحمل الأعباء الضخمة لهذا النشاط، وفي الوقت الذي يعرف فيه الطلب الداخلي على الطاقة ارتفاعا غير مسبوق، وتعرف فيه السوق الأوروبية منافسة شرسة يفرضها كبار المنتجين».
مبرزا أن «نفور الشركات الأجنبية من الاستثمار، في نشاط الاستكشاف النفطي بالجزائر، أدى إلى ارتفاع الاستثمارات السنوية المتوسطة، التي تتحملها سوناطراك في مجال البحث والاستكشاف، من 370 مليون دولار ما بين سنوات 2000 و2009 إلى 1.67 مليار دولار ما بين 2010 و2016».
ونقلت قنوات جزائرية خاصة مشاهد لنواب من المعارضة رافعين لافتات، بينها واحدة كتب عليها «الجزائر ليست للبيع».
والقانون الذي يضم 238 مادة، وسيتم التصويت عليه في 14 من الجاري، يراجع الإطار القانوني والضريبي الذي يطبق على هذا القطاع في الجزائر بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. لكن بعض المراقبين يرون أن هذا القانون الجديد يرمي إلى تليين الإطار القانوني والضروري الملزم للغاية، وغير المحفز الذي ساهم في إبعاد المستثمرين الأجانب من الجزائر، وسط تراجع متواصل منذ نحو 15 عاما لإنتاج المحروقات الوطني (النفط والغاز) وانخفاض الأسعار. وفي المقابل يستمر الاستهلاك الوطني في الارتفاع، ما يحد من الصادرات (تشكل 95 في المائة من إيرادات البلاد الخارجية)، وهو ما يجعل من الضروري البحث عن حقول جديدة. ومنذ أسابيع يردد المتظاهرون شعارات منددة بقانون المحروقات.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة العدل الجزائرية أمس فتح تحقيق بشأن صدامات جرت، إثر تدخل قوات الأمن ضد قضاة مضربين داخل محكمة في وهران.
وأفادت الوزارة في بيان بأنها أمرت «بإجراء تحقيق معمق حول ما جرى بهدف تحديد المسؤوليات، ولمنع تكرار مثل هذه الأفعال، التي من شأنها المساس بسمعة القضاء».
واقتحمت قوات الأمن الأحد مجلس قضاء وهران لمحاولة فض إضراب قضاة اعتصموا داخل المحكمة، ما أدى إلى وقوع صدامات بحسب مشاهد بثتها مواقع إخبارية. وكان المضربون يريدون منع تنصيب قضاة جدد، عيّنوا حديثا في إطار حركة تغيير أجرتها وزارة العدل وشملت نصف الجسم القضائي. وقد أثار هذا التبديل المفاجئ لثلاثة آلاف قاض في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إضرابا «مفتوحا» غير مسبوق في هذا السلك، الذي يعرف بانصياعه للسلطة، ما شل محاكم الجزائر بصورة شبه تامة.
وحمّلت الوزارة القضاة المسؤولية بشكل ضمني في بيانها، مبدية أسفها لوقوع صدامات «ما كانت لتحصل» لو «تحلى الجميع بالاتزان وبالتحكم في النفس».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».