الجيش اللبناني يفتح الطرقات بناء على «قرار حاسم ونهائي»

المحتجون انتقلوا إلى استراتيجية إقفال المؤسسات العامة

جانب من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين في منطقة الزوق شمال بيروت قبل فتح الطريق أمس (أ.ب)
جانب من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين في منطقة الزوق شمال بيروت قبل فتح الطريق أمس (أ.ب)
TT

الجيش اللبناني يفتح الطرقات بناء على «قرار حاسم ونهائي»

جانب من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين في منطقة الزوق شمال بيروت قبل فتح الطريق أمس (أ.ب)
جانب من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين في منطقة الزوق شمال بيروت قبل فتح الطريق أمس (أ.ب)

فتح الجيش اللبناني أمس، الطرقات التي أقفلها محتجون في منطقتي جل الديب والذوق في شمال بيروت، بعد تمنّع المحتجين عن فتح المعابر الرئيسية المؤدية إلى بيروت في شمال العاصمة وجنوبها، بموازاة انحسار خريطة قطع الطرقات التي استبدل الناشطون بها إقفال المؤسسات العامة.
وأوضحت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» أن فتح الطرقات من قبل الجيش اللبناني «جاء بناء على قرار حاسم ونهائي، مع الإشارة إلى أن المواطنين فرضوا على الجيش حفظ الأمن واتخاذ هذه الخطوة، خصوصاً أنه تبين أن استمرار إقفال الطرق كاد يؤدي إلى مشاكل لا تحمد عقباها»، وأضافت: «من هنا وخوفاً من انفجار الاحتقان الذي كان سيحدث في الشارع اتخذ الجيش خطوته بفتح كل المعابر».
وشهد أوتوستراد الزوق وجل الديب تدافعاً بين المتظاهرين والجيش أثناء محاولته فح الطريق على المسلكين الشرقي والغربي. والتزم المتظاهرون الأرض، قبل أن يعمد عناصر الجيش بعد ساعة من المفاوضات ومحاولات الإقناع إلى فتح الطريق. وفكّك عناصر الجيش خيم المعتصمين والتجهيزات الصوتية الموضوعة في منتصف الأوتوستراد. وسجّلت حالات إغماء في صفوف المتظاهرين نتيجة التدافع ونُقل بعضهم إلى المستشفيات.
وأوقف الجيش خلال المواجهات عدداً من المتظاهرين في جل الديب والزوق ممن كانوا يقطعون الأوتوستراد في المنطقتين بعدما اعترضوا طريقه أثناء قيامه بفتح الطريق، قبل أن يُفرج عنهم في وقت لاحق.
وفي جنوب العاصمة، تدخل الجيش في منطقة الناعمة لإعادة فتح الطرقات بعد إقفالها من قبل محتجين، حيث جرى التواصل معهم ومع فاعليات في المنطقة لإقناعهم بفتحها.
إضافة إلى الجيش، قامت قوة من المديرية العامة للأمن العام بإزالة خيم المعتصمين عند دوار ساحة ساسين في الأشرفية، وأعادت فتح الطرق أمام المواطنين، وذلك في إطار الخطة الأمنية المشتركة.
وفي الشوف، ظلت المنطقة مشلولة تماماً بفعل الإضراب المستمر، والإقفال العام للمؤسسات الرسمية بما فيها المدارس والجامعات والمعاهد الرسمية والخاصة.
واتبع الحراك بشكل عام أمس، استراتيجية إقفال المؤسسات العامة، في اليوم العشرين للتحركات الاحتجاجية، بما يتخطى قطع الطرقات الرئيسية، وعمد عدد من المحتجين إلى إقفال المؤسسات العامة والدوائر الرسمية والمصارف في طرابلس. وتجمهروا أمام شركة قاديشا في الميناء ورددوا هتافات تطالب بمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، كما طلبوا من الموظفين مغادرة مكاتبهم، ومنعوا موظفين آخرين من الدخول إلى مراكز عملهم، مؤكدين أنهم سيستمرون في إقفال المؤسسات حتى تحقيق مطالبهم.
وفي صيدا، تجمّع عدد من المحتجين صباحاً أمام مداخل المرافق العامة بدءاً من شركة الكهرباء، فمؤسسة المياه، واوجيرو وغرفة التجارة والصناعة والزراعة وشركتي الخليوي وأجبروها على الإقفال، وذلك ضمن حملة الضغط على السلطة لتلبية مطالب الحراك. كما أجبر المتظاهرون مصارف المدينة على الإقفال اعتراضاً على سياسات القطاع المصرفي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».