القوات الحكومية السورية تنتشر شرق القامشلي للمرة الأولى منذ عام 2012

انفجار سيارة مفخخة في مدينة تل أبيض

جنود سوريون خلال انتشارهم في ريف القامشلي الشرقي بمحافطة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
جنود سوريون خلال انتشارهم في ريف القامشلي الشرقي بمحافطة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات الحكومية السورية تنتشر شرق القامشلي للمرة الأولى منذ عام 2012

جنود سوريون خلال انتشارهم في ريف القامشلي الشرقي بمحافطة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
جنود سوريون خلال انتشارهم في ريف القامشلي الشرقي بمحافطة الحسكة أمس (أ.ف.ب)

انتشرت وحدات من القوات النظامية السورية، أمس (الثلاثاء)، في المناطق الحدودية مع تركيا بالريف الشرقي لمدينة القامشلي (محافظة الحسكة)، في أول انتشار من نوعه في هذه المنطقة منذ عام 2012.
وأوضحت وكالة «سانا» الحكومية السورية، أن تحرك الجيش النظامي شرق القامشلي يأتي «استكمالاً لعملية الانتشار» التي بدأتها القوات النظامية في محافظة الحسكة قبل أيام، في إطار اتفاق رعته روسيا مع تركيا التي كانت تهدد باجتياح المنطقة لطرد «وحدات حماية الشعب» الكردية منها. وأشارت الوكالة إلى أن وحدات الجيش النظامي «انتشرت على الشريط الحدودي مع تركيا بدءاً من مدينة القامشلي غرباً إلى مدينة المالكية شرقاً، وعلى امتداد نحو 60 كيلومتراً، وأقامت نقاط تمركز في المنطقة لتوفير الأمان والحماية لأهلها»، بحسب ما ذكرت الوكالة الحكومية. ولفتت الوكالة أيضاً إلى أن وحدات الجيش بدأت صباحاً «الانتشار في الريف الشرقي لمدينة القامشلي مروراً ببلدتي القحطانية والجوادية قاطعة مسافة أكثر من 120 كلم انطلاقاً من مدينة الحسكة»، مضيفة أن هذا الانتشار يهدف إلى «حماية الأهالي» من هجمات تشنها «مجموعات إرهابية مدعومة من النظام التركي»، بحسب ما جاء في وصف «سانا».
وكانت القوات النظامية السورية انتشرت في الأيام الماضية بريف الحسكة الشمالي ودخلت مدينتي الدرباسية وعامودا، وقرى وبلدات دودان في تل عفر وخراب كورد بريف القامشلي الغربي وقرى وبلدات أخرى بريف الحسكة الشمالي الشرقي على الحدود السورية - التركية من ريف رأس العين الشرقي غرباً وصولاً إلى القامشلي شرقاً، بحسب «سانا».
أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فأشار، من جهته، إلى «انتشار جديد لقوات النظام ضمن مناطق شمال وشمال شرقي سوريا»، موضحاً «أن آليات عسكرية تابعة لقوات النظام تحمل جنوداً ومعدات عسكرية ولوجيستية انتشرت في الضواحية الشرقية لمدينة القامشلي، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2012». وتابع: «إنه جرى إبلاغ وجهاء في المنطقة حول اتفاق روسي - تركي - أميركي يفضي إلى انتشار قوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري عند الشريط الحدودي ضمن المنطقة الواقعة بين القامشلي والقحطانية، على أن يكون هناك تواجد للقوات الأميركية في عمق هذه المنطقة».
ولفت «المرصد»، في هذا الإطار، إلى حصوله على معلومات تؤكد «أن القوات الأميركية تقوم بتحضيرات لإنشاء قاعدة عسكرية جديدة تابعة لها في قرية زغات - ينبوع الواقعة بريف المالكية على طريق معبر سيمالكا عند مثلث تركيا – العراق – سوريا».
في غضون ذلك، أعلن معارضون سوريون أن سيارة مفخخة انفجرت بمدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ظهر أمس. وقال قائد في «الجيش الوطني» التابع لـ«الجيش السوري الحر» المعارض لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «انفجرت سيارة مفخخة في ساحة لصيانة السيارات وسط مدينة تل أبيض، واقتصرت الأضرار على الماديات، لعدم تمكن من يقودها من الدخول إلى الشارع الرئيسي، بعد منع الجيش الوطني تحرك السيارات في الشارع الرئيسي اليوم (أمس)».
ونقلت الوكالة أيضاً عن مصدر في «الجيش الوطني»: «بعد تكرار حوادث التفجير، تم تعزيز الحواجز على مداخل مدينة تل أبيض، ومنع دخول الدراجات النارية إلى المدينة. كما تم وضع حواجز مشتركة مع الجيش التركي وعلى مداخل المدينة وبداخلها».
وشهدت مدينة تل أبيض، السبت الماضي، تفجير سيارة مفخخة وسط السوق الرئيسية؛ ما أدى إلى مقتل 18 شخصاً وإصابة 30 آخرين بجروح. وسيطر الجيش التركي وفصائل «الجيش الوطني السوري» على مناطق ريف الرقة الشمالي بعد إطلاق عملية «نبع السلام» في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد معارك مع «وحدات حماية الشعب» الكردية.
إلى ذلك، أعلن مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية سقوط تسعة جرحى بينهم اثنان في حالة حرجة جراء غارات للطيران الحربي الروسي على مدن وبلدات في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، أمس الثلاثاء. وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية إن «التحذيرات التي عممتها المراصد على الأهالي دفعتهم للتوجه إلى الأراضي الزراعية والدخول إلى الملاجئ». وأشار إلى أن نزوح أغلب سكان تلك المناطق قلل من أعداد الجرحى رغم الدمار الكبير الذي خلفه القصف.
ونقلت «الوكالة الألمانية» أيضاً عن قائد عسكري في فصيل «الجبهة الوطنية للتحرير» أن «الطائرات الحربية الروسية أطلقت أكثر من 20 صاروخاً على مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وبلدات النفير وكفرسجنة والشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي مخلفة دماراً واسعاً». وأكد القائد العسكري أيضاً أن القوات الحكومية السورية قصفت «بلدة كفرنبل بأكثر من 35 صاروخاً من نوع أرض – أرض، وأكثر من 50 قذيفة مدفعية، مما أدى إلى دمار في أغلب أحياء المدينة المدمرة (أصلاً)».
وأكد مصدر قريب من القوات الحكومية السورية للوكالة الألمانية أن «الطيران الحربي السوري والروسي استهدف أكثر من 9 مواقع لمسلحي المعارضة في ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي مخلفاً قتلى وجرحى».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.