وفد أميركي يبحث في بغداد تداعيات المظاهرات

بعد أيام من انتقاد واشنطن لسلوك الحكومة العراقية

TT

وفد أميركي يبحث في بغداد تداعيات المظاهرات

بحث وفد من مجلس النواب الأميركي مع الرئاسات الثلاث العراقية التطورات السياسية في البلاد، بعد دخول المظاهرات شهرها الثاني دون وجود بوادر لحل الأزمة التي تمر بها البلاد. وتأتي زيارة الوفد الأميركي بعد أيام من سلسلة انتقادات وجهتها الولايات المتحدة إلى السلطات العراقية، جراء أعمال العنف التي رافقت المظاهرات التي شهدت وقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وفي هذا السياق بحث الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، التداعيات السياسية للمظاهرات مع وفد مجلس النواب الأميركي برئاسة النائب عن الحزب الديمقراطي في واشنطن، ورئيس لجنة القوات المسلحة آدم سميث. وحسب بيان رئاسي فإن صالح بحث مع الوفد الأميركي «سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطوير آفاق التعاون المشترك، بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين؛ حيث تم التأكيد على دعم الخطط والإجراءات الإصلاحية في العراق لتحقيق مطالب المواطنين، من خلال إصلاح المنظومتين السياسية والاقتصادية، وتوفير الحياة الحرة الكريمة». وأضاف البيان: «كما جرت مناقشة تطورات الحرب على الإرهاب، واستعراض آخر المستجدات الإقليمية والدولية».
من جهته، أكد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال لقائه الوفد الأميركي، «حرص العراق على إقامة أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة ومع محيطه العربي والإقليمي، وأن الحكومة جادة في عملية الإصلاح منذ بداية تشكيلها، وماضية في تنفيذ خططها وإجراءاتها الإصلاحية، وقدمت كثيراً من مشروعات القوانين التي تلبي حقوق ومطالب الشعب العراقي، في إصلاح المنظومة السياسية والاقتصادية، وتحقيق تطلعاته في العيش الكريم». وأشار إلى «السعي المتواصل لزيادة فرص العمل، وجذب الاستثمارات، وتوفير أجواء آمنة ومستقرة تساعد على دفع عجلة الإعمار والبناء وتشغيل الشباب».
من جهتهم، أكد رئيس وأعضاء الوفد الأميركي استمرار التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وخصوصاً في مكافحة الإرهاب، والتنسيق مع الحكومة العراقية فيما يخص التعاون العسكري. وأعربوا عن دعمهم للحكومة العراقية وإجراءاتها الإصلاحية وأدائها لواجباتها الدستورية، ولجهودها في الاستجابة للمطالب المشروعة لأبناء الشعب العراقي في ضوء حق التظاهر السلمي.
وفي السياق نفسه، أكد أعضاء الوفد الأميركي دعمهم للإجراءات التي اتخذها البرلمان العراقي لمواجهة أزمة المظاهرات. وكان رئيس البرلمان العراقي قد بحث مع وفد الكونغرس الأميركي مطالب المتظاهرين، وحزم الإصلاح التي أقرها البرلمان العراقي، والإجراءات المتعلقة بالتعديلات الدستورية وقانون الانتخابات. وأكد الحلبوسي على «ضرورة حماية المتظاهرين، وعدم الاعتداء على القوات الأمنية، مع الحفاظ على سلمية المظاهرات، والعمل على إجراء إصلاحات جذرية؛ لتوفير الحياة الكريمة للشعب العراقي».
وتأتي زيارة هذا الوفد في وقت كانت فيه الولايات المتحدة الأميركية قد حثت العراق على إجراء تحقيق «شفاف» في أعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات الشعبية مطلع الشهر الماضي، والتي خلفت عشرات القتلى وآلاف الجرحى بين المتظاهرين.
كما وجه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو انتقادات عنيفة إلى العراق، جراء استخدام العنف الذي رافق المظاهرات، والذي لم يتطرق إليه التقرير الذي أعدته لجنة حكومية خاصة أمر بتشكيلها رئيس الوزراء، بناء على طلب المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».