حمدوك يتعهد لنازحي دارفور تنفيذ مطالبهم

ضحايا الحرب يتمسكون بتسليم البشير إلى «الجنائية الدولية»

TT

حمدوك يتعهد لنازحي دارفور تنفيذ مطالبهم

تعهد رئيس الحكومة الانتقالية في السودان عبد الله حمدوك، بالاستجابة لمطالب النازحين، في تحقيق العدالة والاقتصاص من كل مجرم وفاسد، وإحقاق العدالة من المظالم التي تعرض لها سكان معسكرات النازحين، باعتبارها واحدة من أوليات حكومته.
ووصل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أمس، إلى ولاية شمال دارفور، في أول زيارة داخلية له منذ توليه السلطة، وتكوين الحكومة الانتقالية في سبتمبر (أيلول) الماضي. وخاطب حمدوك النازحين في معسكر «زمزم» للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر حاضرة شمال دارفور، قائلاً إن العدالة مطلب أساسي لكل المتضررين، وتحقيقها من أولويات الحكومة الانتقالية. وأضاف: «نعرف كل المجازر التي حدثت بدارفور، ونسعى لوضع حد لهذه القضية».
وأشاد رئيس الوزراء بشعارات وأهداف الثورة السودانية وبتميزها، فقال: «أكثر ما يميز الثورة السودانية، اصطفاف الشعب السوداني خلف الشعار الذي هتفوا به في وجه الرئيس المخلوع (يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور)».
وتعهد حمدوك باصطحاب رؤية نساء السودان اللائي تقدمن الصفوف في أيام الحرب وفي السلام في مفاوضات السلام مع الحركات المسلحة، وتمثيلهن بشكل عادل في مؤسسات السلطة الانتقالية.
وحمل النازحون لدى استقبالهم حمدوك، لافتات تطالب بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير وقادة النظام السابق للمحكمة الجنائية الدولية، وإيقاف الانتهاكات المستمرة إلى الآن في الإقليم.
وكتب حمدوك على صفحته الرئيسية بـ«فيسبوك»، إن زيارتي للفاشر هي الأولى لي من زيارات عدة سأقوم بها للعديد من ولايات السودان، مضيفاً أن الأولوية في زياراته لمختلف ولايات السودان، هي «الاستماع لأولئك الذين عانوا التهميش، واستشراف خطط واضحة من أجل تحقيق السلام والاستقرار». وتابع: «أدرك تماماً أن إشراك أي جزء من الوطن في مسيرة التغيير، هو أحد أهم دعائم تطبيق شعار ثورتنا المجيدة حرية، سلام، عدالة».
ومنذ عام 2003 شهدت ولايات دارفور حرباً بين القوات الحكومية والقوات الموالية لها وحركات مسلحة تطالب بإنهاء التهميش، وهيمنة المركز على مقدرات الولايات، وأدت إلى مقتل 300 ألف شخص، حسب تقارير الأمم المتحدة، وتشريد أكثر من 2.5 مليون نازح يعيشون في المعسكرات، ولاجئين في دول الجوار.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق الرئيس المعزول عمر البشير، وبعض معاونيه، واتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم تصفية عرقية، عامي 2009 و2010، بيد أنه احتمى بسلطته ورفض تسليم نفسه لتلك المحكمة.
وبعد عزل البشير بثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان) الماضي، وإلقاء القبض عليه، تزايدت المطالبات بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، فيما تجري محاكمته محلياً على قضايا تتعلق بالثراء الحرام وحيازة عملات أجنبية، وينتظر أن يواجه محاكمات بالجرائم الموجهة له من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وتوافقت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، التي تقود الحكومة الانتقالية، على تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، إذا حصل على براءة من التهم الموجهة له داخلياً.
ويتمسك ذوو الضحايا والنازحون والمتضررون من حرب دارفور بتسليم البشير لمحكمة الجنايات الدولية، وتعتبر تسليمه خطوة تمهيدية لإحلال السلام في الإقليم المضطرب، في الوقت الذي لم تتخذ فيه الحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري خطوات محددة بشأن محاكمته داخلياً، أم تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية. وقال القيادي بـ«قوى التغيير» إبراهيم الشيخ، في مؤتمر صحافي أول من أمس، «إذا أفلت البشير من المحاكمة على الجرائم التي ارتكبها بالداخل، سينال عقابه في الجنائية الدولية».
وأودعت «قوى إعلان الحرية والتغيير»، على طاولة وزارة العدل مشروع قانون تفكيك نظام الإنقاذ، وحل مؤسساته ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة. وكشفت عن تلقي اللجنة القانونية 214 شكوى في رموز النظام البائد على الاعتداءات والانتهاكات على الأشخاص والأموال بحق عدد من المواطنين، تتزامن مع اللجان الخمس التي كونها النائب العام للتحقيق في جرائم انقلاب الإنقاذ والانتهاكات التي ارتكبها نظام الرئيس المخلوع منذ عام 1989، وإلى الانتهاكات التي وقعت إبان الاحتجاجات، وحتى سقوط النظام في أبريل الماضي. ووقعت الحكومة الانتقالية اتفاقيات سياسية مع الحركات المسلحة في «الجبهة الثورية» والحركة الشعبية - شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، بجوبا، الشهر الماضي، للقضايا التي تحكم عملية المفاوضات، ومن المقرر العودة إلى طاولة المفاوضات في 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».