مصادر لـ («الشرق الأوسط»): الرئيس المصري السابق عدلي منصور يرفض ضغوطا للترشح لمجلس النواب

بعد شروط موسى ونفي الجنزوري وتدشين حملة شعبية تطالب به «رئيسا للبرلمان»

مصادر لـ («الشرق الأوسط»): الرئيس المصري السابق عدلي منصور يرفض ضغوطا للترشح لمجلس النواب
TT

مصادر لـ («الشرق الأوسط»): الرئيس المصري السابق عدلي منصور يرفض ضغوطا للترشح لمجلس النواب

مصادر لـ («الشرق الأوسط»): الرئيس المصري السابق عدلي منصور يرفض ضغوطا للترشح لمجلس النواب

رفض الرئيس المصري السابق عدلي منصور، ضغوطا من أحزاب وقوى سياسية تطالبه بالترشح على قوائمها في انتخابات مجلس النواب (البرلمان) المقبلة، ومن ثم ترؤسه للمجلس الجديد، كشخصية سياسية توافقية تحظى بإجماع وتقدير بين جميع المصريين. وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «المستشار منصور أكد اعتزازه بموقعه في القضاء كرئيس للمحكمة الدستورية العليا، مفضلا الابتعاد عن السياسة في هذه المرحلة».
وتولى المستشار منصور رئاسة مصر في يوليو (تموز) من العام الماضي، كرئيس مؤقت للبلاد عقب عزل الجيش للرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي ووجه برفض شعبي. وبعد عام من توليه المهمة، سلم منصور منصبه للرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، في سابقة هي الأولى من نوعها في مصر.
ومن المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب قبل نهاية العام الجاري، لتصبح ثالث وآخر استحقاقات «خارطة المستقبل»، التي توافقت عليها القوى السياسية في أعقاب عزل مرسي.
وعاد اسم منصور للواجهة السياسية مجددا، عبر حملات شعبية دشنها نشطاء سياسيون لإجباره على الترشح في الانتخابات البرلمانية. لكن مصدرا قضائيا مقربا من الرئيس السابق رفض التعليق على هذه الحملات، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «موقع المستشار منصور الحساس كرئيس للمحكمة الدستورية العليا يجعل من الصعب الحديث عن ذلك حاليا»، مؤكدا «أنه لا يتوقع قبوله».

فيما أكد قدري أبو حسين رئيس حزب مصر بلدي، عضو المجلس الرئاسي لائتلاف الجبهة المصرية، لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يتوقع قبول المستشار منصور بنزول الانتخابات في الوقت الحالي. وأطلق عدد من النشطاء حملة شعبية تدعو لانتخاب منصور لرئاسة البرلمان المقبل. وذكر بيان لكل من جبهة «إرادة شعب مصر»، وحركة «شباب مصر بالخارج» أن «حملة منصور رئيسا للبرلمان تأتي إيمانا منها بأهمية وجود هذا الرجل الوطني على رأس البرلمان لإدارته، بما عهد فيه من حكمة واتزان، يجب توافرها في أي شخص يشغل هذا الموقع الشديد الأهمية، والذي يعد من أخطر المجالس النيابية في تاريخ مصر». وقال عبد العزيز سمير منسق جبهة «إرادة شعب مصر»، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «لديهم معلومات عن تقدير المستشار منصور للفكرة والمطالب الشعبية برئاسته للبرلمان، لكنه لم يتخذ أي قرار بعد بالموافقة أو الرفض».
من جانبه، قال عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع إن المستشار منصور «له قيمة في تاريخ مصر خلال الفترة التي تولى فيها الرئاسة، ولا يمكن أن ندخله في معركة السياسة، أو نقلل من قيمته ونجعله بين مرشحين منافسين».
واستطاع المستشار منصور، الذي عاد لرئاسة المحكمة الدستورية العليا، أن يكتسب احترام وتقدير غالبية المصريين، خلال فترة توليه رئاسة البلاد في ظل الظروف العصيبة التي مرت بها.
وظهر منصور الأسبوع الماضي في احتفالات القوات المسلحة بالذكرى الـ41 لانتصارات السادس من أكتوبر (تشرين الأول) في الكلية الحربية بالقاهرة، بجانب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، بعد أيام من تكريم الأزهر الشريف له تقديرا لجهوده في إدارة شؤون الدولة المصرية.
ويعد اسم منصور أحد الأسماء التي تم طرحها سياسيا وإعلاميا لتكون شخصية توافقية من أجل رئاسة مجلس النواب المقبل، بجانب كل من الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق، وعمرو موسى رئيس لجنة إعداد الدستور.
وقد نفى الجنزوري نيته للترشح في تصريحات إعلامية سابقة، بينما أعلن موسى أنه «لن ينضم إلى أي قائمة انتخابية لا تلبي مطالبه، وهي أن تكون جامعة غير حزبية، وهو ما لم يتوافر حتى الآن»، مضيفا في بيان أصدره أول من أمس «أشكر كل من أشار إلى اسمي.. لكن قراري بشأن دخول الانتخابات من عدمه يخضع للكثير من المعطيات، ولم يتخذ بعد».
ودعا الأمين العام السابق للجامعة العربية إلى «إعداد قائمة مدنية وطنية تستهدف انتخاب كفاءات وقدرات تستطيع ممارسة عملية التشريع والرقابة البرلمانية، وتلبي مطالب الدستور وشروط القانون».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.