موسكو تدعو لشراكة واسعة بين «آسيان» و«الاتحاد الأوراسي» و«شنغهاي»

نددت بالسياسات الأميركية وبحثت اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري

القادة المشاركون في قمة آسيان لدى التقاطهم صورة تذكارية في بانكوك أمس (إ.ب.أ)
القادة المشاركون في قمة آسيان لدى التقاطهم صورة تذكارية في بانكوك أمس (إ.ب.أ)
TT

موسكو تدعو لشراكة واسعة بين «آسيان» و«الاتحاد الأوراسي» و«شنغهاي»

القادة المشاركون في قمة آسيان لدى التقاطهم صورة تذكارية في بانكوك أمس (إ.ب.أ)
القادة المشاركون في قمة آسيان لدى التقاطهم صورة تذكارية في بانكوك أمس (إ.ب.أ)

برزت جلية يوم أمس، اليوم الثاني من أعمال قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في بانكوك، طبيعة التنافس بين روسيا والولايات المتحدة على النفوذ - وبصورة خاصة الاقتصادي - في أسواق دول الرابطة.
وخلال مشاركته في قمة آسيان في بانكوك، انتقد رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف السياسات الأميركية، وحذر من أنها تهدد بتقويض أسس منظمة التجارة العالمية وتسعى إلى إيجاد صيغة تعاون بديلة عن آسيان، وعرض بالمقابل آفاق التعاون بين الرابطة ومنظمات تكامل إقليمية ترعاها روسيا، مثل منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، داعيا إلى تشكيل اتحاد أوراسي واسع يضم آسيان إلى جانب تلك المنظمات. وعكست مشاركة ميدفيديف في قمة آسيان تعويل روسيا المتزايد على «التوجه شرقاً»، في ظل تعقيدات تقيد تطوير علاقاتها مع الغرب، واستياء متزايد، بما في ذلك ضمن رابطة آسيان، من السياسات الاقتصادية الأميركية.
وخلال مؤتمر صحافي عقده يوم أمس، في ختام مشاركته بأعمال قمة آسيان في العاصمة التايلاندية بانكوك، أكد رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف على أنه «لا بديل عن منظمة التجارة العالمية»، وانتقد «الموقف الصارم» الذي تبنته بعض الدول تجاه المنظمة، وأضاف: «أقصد بصورة خاصة الولايات المتحدة، التي أخذت في الآونة الأخيرة تقوض بشدة أسس عمل المنظمة، ولا تعترف بإجراءاتها القضائية، وتريد تغيير قواعد عملها». وشدد مرة ثانية على أنه لا بديل عن المنظمة في الوقت الحالي لتنظيم التجارة العالمية، محذرا من أن تقويض عملها يعني العودة إلى القرن التاسع عشر.
قبل ذلك، وفي مستهل مشاركته في القمة أشار ميدفيديف إلى «العقيدة الأميركية» لمنطقة آسيان، لافتاً إلى «محاولات الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة تعزيز نفوذها في جنوب شرقي آسيا، بما في ذلك عبر عقيدة منطقة الهند المحيط الهادي الحرة والمنفتحة»، وحذر من أن «تلك العقيدة ترمي لتكون بديلا عن الصيغة المعتادة للتعاون في المنطقة»، ويقصد بذلك رابطة آسيان، مؤكدا تمسك روسيا بصيغة التعاون الحالي، وقال إن «رابطة آسيان قدمت نفسها بصورة إيجابية طيلة السنوات الماضية».
تصريحات ميدفيديف جاءت في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام محلية عن استياء من عدم مشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قمة آسيان. وأشارت صحيفة «بانكوك بوست» إلى أن قادة 7 دول من أصل 10 أعضاء في آسيان قاطعوا منتدى الأعمال الهندي المحيط الهادي، الذي تنظمه واشنطن بالتعاون مع مجلس الأعمال آسيان - الولايات المتحدة وغرفة التجارة الأميركية، وانعقد يوم أمس في صالة ليست بعيدة عن موقع انعقاد قمة آسيان.
وشارك في القمة والمنتدى ممثلا للولايات المتحدة كل من روبرت أوبراين مستشار الإدارة الأميركية لشؤون الأمن القومي، ووزير التجارة ويلبور روس، الذي شدد يوم أمس على أن بلاده لا تزال «منخرطة بشدة» في آسيا رغم عدم مشاركة ترمب في قمة إقليمية عالية المستوى، في إشارة إلى «آسيان».
وأكد روس أن «إدارة ترمب منخرطة بشدة وملتزمة بشكل كامل حيال هذه المنطقة». وأضاف: «نواصل التفاوض على اتفاقيات تجارية مع دول هذه المنطقة». وكان الرئيس الأميركي انتقد مرارا الدول الآسيوية جرّاء الفائض الكبير في ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة وتعهد بإبرام اتفاقيات ثنائية في المنطقة بدلاً من تلك متعددة الأطراف. وبعد دخوله البيت الأبيض، انسحب ترمب من اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» التي كان من المتوقع أن تصبح أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم، واصفاً إياها بأنها «قاتلة للوظائف».
ضمن هذه التصدعات في علاقات واشنطن مع رابطة دول آسيان، حمل رئيس الوزراء الروسي معه إلى بانكوك اقتراحات روسية لتعزيز التعاون مع الرابطة، منها اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري، وتشكيل اتحاد أوراسي واسع.
وفي حوار مع وسائل إعلام محلية يوم أمس، أشار ميدفيديف إلى تباطؤ حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول الرابطة، لافتا إلى أنه تضاعف منذ عام 2009 وحتى عام 2013، وبلغ 17.5 مليار دولار، وأضاف: «بعد هذه القفزة دخل التبادل التجاري مرحلة هدوء، على خلفية العمليات المعقدة في الاقتصاد العالمي والعقوبات ضد روسيا»، وعبر عن قناعته بأن الانتقال نحو اعتماد العملات الوطنية سيؤثر بصورة إيجابية على التبادل التجاري بين روسيا وآسيان، الذي وصل حجمه عام 2018، حتى 20 مليار دولار رغم كل التعقيدات.
وفي كلمته أمام القمة قال ميدفيديف إن روسيا تدعم تشكيل شراكة أوراسية واسعة، تضم الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ورابطة دول آسيان، ودول منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، وأعاد للأذهان أن قادة آسيان عبروا بالإجماع عن تأييدهم هذا الاقتراح خلال قمة روسيا - آسيان، في سوتشي عام 2016، وعبر عن قناعته أن مثل هذه الشراكة ستساهم على المدى البعيد في الربط بين بنى المشروعات التكاملية الإقليمية.
وقبل يوم واحد على عرضها أمام قادة آسيان، بحث رئيس الوزراء الروسي مسألة التحول نحو العملات الوطنية في التبادل التجاري، مع الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، وذلك خلال اجتماع مجلس رؤساء حكومات دول المنظمة، الذي استضافته العاصمة الأوزبكية طشقند يوم 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. إذ أولى المشاركون في اجتماع طشقند اهتماما خاصا لهذا الأمر، وعبر رئيس الوزراء القرغيزي محمد كالي أبيلغازييف عن قناعته بأن التحول نحو اعتماد العملات الوطنية لدول شنغهاي في التبادل التجاري واحدة من المهام الرئيسية التي يجب التركيز عليها، وذلك للتخفيف من المخاطر أمام الأزمات المالية العالمية. وسارع رئيس الوزراء الروسي إلى دعم تلك الفكرة، وقال: «إنها مبادرة جيدة ويجب العمل عليها، ووضع خطوات محددة للمضي في هذا الاتجاه».



دراسة لـ«المركزي الأوروبي»: المرونة الاستثنائية لسوق العمل قد لا تدوم

مبنى مقر البنك المركزي الأوروبي خلال غروب الشمس في فرنكفورت (رويترز)
مبنى مقر البنك المركزي الأوروبي خلال غروب الشمس في فرنكفورت (رويترز)
TT

دراسة لـ«المركزي الأوروبي»: المرونة الاستثنائية لسوق العمل قد لا تدوم

مبنى مقر البنك المركزي الأوروبي خلال غروب الشمس في فرنكفورت (رويترز)
مبنى مقر البنك المركزي الأوروبي خلال غروب الشمس في فرنكفورت (رويترز)

أظهرت دراسة للبنك المركزي الأوروبي أن المرونة الاستثنائية لسوق العمل في منطقة اليورو من غير المرجح أن تستمر، مع تراجع العوامل غير المتكررة التي أسهمت في تعزيز قوتها، على الرغم من عدم وجود مؤشرات على ضعف كبير في الأفق.

وسجل معدل البطالة أدنى مستوى تاريخي له عند 6.3 في المائة، في وقت استمرت فيه الشركات في التوظيف، وهو أمر يظل محيراً للبعض، خاصة في ظل الركود الذي شهده اقتصاد الكتلة العام الماضي؛ حيث تشير المؤشرات التاريخية إلى تزايد ضعف سوق العمل في مثل هذه الظروف الاقتصادية، وفق «رويترز».

وأشار البنك المركزي الأوروبي إلى أن التوظيف عادة ما ينمو بمعدل نصف معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، لكن في الواقع تجاوز نمو التوظيف نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2022.

وفي مقال في النشرة الاقتصادية، قال البنك المركزي الأوروبي: «كان أداء سوق العمل في منطقة اليورو استثنائياً بالنظر إلى التغيرات في الناتج المحلي الإجمالي». وأضاف: «تمكنت هوامش الربح المتزايدة من تمكين الشركات من الاحتفاظ بعمالها لفترة أطول من المعتاد، رغم تراجع الإيرادات».

لكن الآن، مع استقرار أسعار الطاقة، التي تعد من المدخلات الرئيسية في التكاليف، بدأت الأجور الحقيقية في الارتفاع لتلحق بالاتجاهات التاريخية، ما يقلل من الفجوة بين الناتج والتوظيف. كما أشار «المركزي الأوروبي» إلى أن مستوى «احتكار العمالة» قد بلغ ذروته في الربع الثالث من عام 2022، وأن قدرة الشركات أو رغبتها في الاحتفاظ بعمالها بدأت تتضاءل تدريجياً.

وأضاف: «من المتوقع أن يعود سوق العمل في منطقة اليورو إلى ارتباطه التاريخي بالناتج المحلي الإجمالي».

ورغم ذلك، لا يرى البنك المركزي الأوروبي أي ضعف كبير في المستقبل القريب. فقد أشار إلى أن بعض صناع السياسات يخشون تدهوراً سريعاً في سوق العمل، مما قد يقلل من الدخل المتاح، ويضعف الطلب، ويخفض التضخم بشكل أكبر من التوقعات الحالية للبنك. ومع ذلك، لا تدعم الدراسة هذه المخاوف.

وخلص المركزي الأوروبي إلى أن «من المتوقع أن يظل معدل البطالة منخفضاً خلال الأرباع المقبلة». وأضاف: «بشكل عام، تشير بيانات المسح إلى سوق عمل مستقر نسبياً في المستقبل القريب».

على صعيد آخر، أظهر مسح نُشر يوم الاثنين أن معنويات المستثمرين في منطقة اليورو تراجعت في يناير (كانون الثاني) إلى أدنى مستوياتها في أكثر من عام، مع استمرار الضغط على الكتلة من قبل الاقتصاد الألماني.

وانخفض مؤشر «سنتكس» لمنطقة اليورو إلى -17.7 في يناير مقارنة بـ-17.5 في ديسمبر (كانون الأول)، مسجلاً أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، على الرغم من أنه لم يكن أسوأ من توقعات المحللين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم؛ حيث كانت التوقعات تشير إلى -18.

وأشار المسح إلى أن «المحرك الاقتصادي في منطقة اليورو مهدد بالتجمّد على المدى البعيد»، مؤكداً أن الاقتصاد الألماني المتراجع «يعد عبئاً ثقيلاً على منطقة اليورو بأكملها».

وأظهرت نتائج المسح، الذي شمل 1121 مستثمراً في الفترة من 2 إلى 4 يناير، تحسناً طفيفاً في التوقعات المستقبلية؛ حيث ارتفعت إلى -5 في يناير من -5.8 في ديسمبر. ومع ذلك، تم تعويض هذا التحسن بتدهور في النظرة للوضع الحالي، الذي انخفض إلى -29.5 في يناير من -28.5 في ديسمبر، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وأظهر الاستطلاع أيضاً أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تبدو في حالة ركود ومن غير المرجح أن تتعافى منها في أي وقت قريب، وسط التحديات الاقتصادية المحلية والانتخابات الفيدرالية الشهر المقبل.