دعوات لتحويل الدستور العراقي من «جامد» إلى «مرن»

TT

دعوات لتحويل الدستور العراقي من «جامد» إلى «مرن»

رغم البداية ذات الطابع المطلبي الخدمي للمتظاهرين في العراق لكنها سرعان ما تحولت إلى أكثر القضايا السياسية سخونة. الدستور العراقي الذي تم التصويت عليه عام 2005 بنسبة أكثر من 80 في المائة من العراقيين لا سيما المناطق والمحافظات الشيعية والكردية (مقاطعة سنية شبه كاملة له) بات اليوم أحد أسباب ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد.
واستبق زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني أي مسعى لتعديل الدستور يمس حقوق الشعب الكردي ووفقا لخبراء القانون لا يمكن تعديل الدستور ما لم يتحول من «جامد إلى مرن». ويرى الخبير القانوني أحمد العبادي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة الأساسية في الدستور العراقي تكمن في المادة 126 التي تضع المزيد من العراقيل أمام أي إمكانية لتعديله». وطبقا للعبادي فإن «هذه المادة تنص على أنه في حال كان أي تعديل دستوري يقلل من صلاحيات الإقليم (والمقصود هنا إقليم كردستان) فإن المواد التي يراد تعديلها تعرض على برلمان الإقليم لكي يقرها نواب الإقليم ومن ثم تعرض على استفتاء داخل الإقليم مفاده هل توافقون على تقليل صلاحيات الإقليم وهذا أمر مستحيل أن يوافق طرف على تقليل صلاحياته».
ويؤكد العبادي إنه «ما لم يتم الاتفاق على تحويل الدستور العراقي من جامد إلى مرن أولا وقبل كل شيء فإنه لا يمكن تعديله بأي حال من الأحوال». ويرى أن «الآليات التي تتبع في حال أردنا تعديل الدستور بصيغته الجامدة الحالية وفقا للمادة 142 هي تشكيل لجنة وهو ما عمله البرلمان مؤخرا تقدم توصياتها في غضون 4 شهور بشأن المواد التي يراد تعديلها وفي حال تم الاتفاق عليها داخل البرلمان بالأغلبية تعرض على الاستفتاء العام وفي حال لم يعترض ثلثا سكان ثلاث محافظات تعد التعديلات سارية وهو أمر يكاد يكون مستحيلا لأن الدستور كتب لكي يرضي المكونات الثلاثة الشيعية والكردية والسنية»، مبينا أن «أي تعديل لا يقبل به الشيعة سوف يصوت ثلثا سكان ثلاث محافظات شيعية ضده والأمر نفسه بالنسبة للأكراد والسنة وبالتالي نبقى ندور في حلقة مفرغة تماما».
وردا على سؤال بشأن مطالب الناس بتعديل الدستور بينما الخدمات الأساسية التي يعانون منها لا صلة مباشرة لها بالدستور، يقول العبادي إن «السبب الرئيسي لمطالبة الناس بتعديل الدستور تتمثل في أن المساومات الخاصة بتشكيل الحكومات تقوم على مبدأ المحاصصة التي أعاقت الكثير من جوانب العمل التنفيذي تحت ذريعة الاستحقاق الانتخابي وبالتالي أصبح الوزير تابعا للكتلة التي ينتمي إليها ويمثل المكون الذي ينتمي إليه وليس العراق وبالتالي تراكم الفشل طوال السنوات الستة عشر الماضية لأن المواطن البسيط سواء كان شيعيا أم سنيا أم كرديا لم يستفد من هذه المساومات بقدر استفادة ممثلي الأحزاب ومن هو قريب منهم».
الأكراد أعلنوا رفضهم أي تعديل يمس حقوقهم طبقا لما أعلنه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني. وقال بارزاني في بيان أمس إن «ما يجري حاليا ليس وليد اليوم بل هو نتاج تراكم 15 عاماً من الفشل الذي جعل الناس يتحملون وجعاً وأذى كبيرين». وأضاف: «من حق المواطنين التعبير عن سخطهم من أوضاعهم الراهنة، ولكن يتعين الأصغاء لمطالبهم بعيداً عن العنف وسفك الدماء». وتابع بارزاني أن «من أهم المشاكل التي تواجه العراق هو عدم تطبيق الدستور ولو أنه تم تنفيذه لما واجهنا غالبية المشاكل السابقة والحالية».
وأنحى بارزاني باللائمة على قانون الانتخابات الحالي، وقال إنه «سبب الوضع الراهن ولا بد من إعادة النظر به لكي تعكس نتائج الانتخابات مطالب المكونات كافة». ومضى يقول «نرى أن تغيير الدستور لا يكون بالقوة أو بالفرض، وفي جميع الأحوال يجب ألا يكون تغيير الدستور سبباً في تقويض النظام الديمقراطي، وكذلك انتقاص حقوق الشعب الكردي وباقي المكونات». وختم بارزاني بيانه بالقول إن «النظام الديمقراطي هو من يصب في صالح الشعب العراقي، وليس النظام الديكتاتوري، ونأمل أن تجرى كل التغييرات المطلوبة ضمن أطر القانون والآليات الدستورية». ويأتي الموقف الكردي الذي من شأنه أن يضيف مزيدا من التعقيد على الأوضاع الحالية في وقت دخلت الاحتجاجات شهرها الثاني وأسفرت عن سقوط أكثر من 250 قتيلا من المتظاهرين والقوات الأمنية، وإصابة الآلاف منهم.
من جهته يقول حسن توران نائب رئيس الجبهة التركمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الدستور العراقي وقع هو الآخر ضحية التوافقات السياسية حيث إنه حتى الآن نصف مواده تحتاج إلى تشريعات قانونية بينما لم يحصل هذا ونحن الآن في الدورة البرلمانية الرابعة». ويضيف توران: «حتى المواد التي جرى تشريعها فإن الحكومات المتعاقبة تقاعست في تنفيذها». ويؤكد توران أن «هذا لا يعفينا من القول بأن الدستور كتب على عجالة وفيه فقرات تعبر عن رغبة مكون واحد مثل المادة 140 التي تتعلق بما يسمى المناطق المتنازع عليها». وبشأن ما إذا كان الدستور أنصف المكونات والقوميات يقول توران إن «الدستور يتضمن موادا إيجابية لصالح التركمان ولكن لم تطبق مثل المادة 125 وكذلك مواد أخرى تنصف المكونات لكنها لم تأخذ سياقها القانوني بعد».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.