حلول مبتكرة لاستيطان الفضاء

تقنيات لإنتاج الأكسجين والماء واللحوم الطازجة

المحطة الفضائية الدولية رمز التعاون العلمي بين الأمم
المحطة الفضائية الدولية رمز التعاون العلمي بين الأمم
TT

حلول مبتكرة لاستيطان الفضاء

المحطة الفضائية الدولية رمز التعاون العلمي بين الأمم
المحطة الفضائية الدولية رمز التعاون العلمي بين الأمم

عند الحديث عن استيطان الإنسان للفضاء، يثار تساؤل منطقي عن توافر مقومات الحياة من ماء وغذاء وأكسجين، وهي المشاكل التي سعى أكثر من فريق بحثي للتغلب عليها عبر توفير حلول مبتكرة أُعلن عنها مؤخراً.
لحوم ومياه
أحدث هذه الحلول كانت إنتاج اللحوم الطازجة، حيث حملت الأنباء الواردة من محطة الفضاء الدولية نجاح تجربة لإنتاج اللحوم باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد.
وطورت «إنفيرتو» (Invitro)، وهي شركة أدوية روسية خاصة هذه التقنية، التي تم خلالها اصطحاب أنسجة بقرية إلى محطة الفضاء الدولية، ثم تم تنميتها في ظروف صناعية تحاكي جسم البقر في طابعة ثلاثية الأبعاد لتنمو وتصبح نسيجاً عضلياً، يكون شريحة صغيرة من اللحم، يتم طباعتها لتصبح جاهزة للأكل.
تم تنفيذ هذه التجربة تحت إشراف مؤسسة الفضاء الحكومية الروسية، التي صرح مديرها التنفيذي نيكولاي بورديني في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بأن «جميع الخلايا أظهرت نتيجة جيدة في الفضاء».
وأبدى رائد الفضاء المخضرم أوليغ كونونينكو، سعادته بنجاح التجربة، وقال إن اللحوم التي يحملها رواد الفضاء معهم لمحطة الفضاء الدولية تكون مجففة على الأرض، لكن هذه التكنولوجيا ستمكنهم من تناول لحوم طازجة الفضاء السحيق.
ومن اللحوم للمياه، حملت دراسة نشرت في أكتوبر الماضي بدورية «Nature Astronomy» أنباء عن نجاح تجربة لتجديد جزيئات الماء على الكويكبات التي تتحرك عبر الفضاء، في إنجاز مثير قد تمتد آثاره لأجسام أخرى مثل القمر.
ووجد الفريق البحثي من جامعة كورتين الأسترالية، أنه يمكن إعادة ملء المياه على سطح الكويكبات إذا تجمعت كل من الرياح الشمسية والنيازك المؤثرة في ظروف درجات حرارة منخفضة للغاية.
وتوصل الفريق البحثي لهذه النتيجة المهمة، بعد أن أخذوا قطعة من نيزك «Murchison» الأسترالي، الذي سقط على الأرض في فيكتوريا قبل 50 عاماً، ثم وضعت داخل آلة بنيت خصيصاً لمحاكاة الظروف المناخية لحزام الكويكب، ثم تم استخدام إلكترونات نشطة لمحاكاة الرياح الشمسية التي تصطدم بالكويكب.
وخلال التجربة بدأ النيزك في التفاعل، ثم هبت الرياح الشمسية على السطح تاركة ذرات الأكسجين والهيدروجين غير المحصنة في رابطة؛ مما ساعد على تكوين الماء.
تقول الدكتورة كاترينا ميلكوفيتش، من مركز علوم وتكنولوجيا الفضاء بجامعة كورتين والباحثة الرئيسية بالدراسة في تقرير نشره موقع الجامعة، إن هذه العملية المعقدة لتجديد جزيئات المياه السطحية يمكن أن تكون أيضاً آلية ممكنة لتجديد إمدادات المياه على أجسام أخرى بلا هواء مثل القمر.
إنتاج الأكسجين
ولا تستقيم الحياة بالطعام والمياه فقط، بل إن الأكسجين أحد المقومات المهمة للحياة، ونجح الباحث بيث لوماكس من جامعة غلاسكو الاسكوتلندية من التوصل لطريقة يمكن استخدامها لاستخلاص الأكسجين بسهولة من تربة القمر.
واستخدم الباحث تربة تحاكي تربة القمر (الريغوليث)، وتم إجراء معالجة لها باستخدام طريقة تسمى التحليل الكهربائي للملح المنصهر.
وخلال هذه العملية وضع الباحث مسحوق التربة القمرية في سلة مبطنة بالشبكة مع ملح كلوريد الكالسيوم المنصهر الذي يتم تسخينه إلى 950 درجة مئوية، وهي درجة حرارة لا تسمح بذوبان المادة، ثم يتم تطبيق التيار الكهربائي، وهذا يؤدي لاستخراج الأكسجين. وخلال 50 ساعة من إجراء هذه العملية تم استخراج 96 في المائة من إجمالي الأكسجين الموجود في التربة وهي نتيجة دفعت جيمس كاربنتر، مسؤول الاستراتيجية القمرية في وكالة الفضاء الأوروبية إلى التعليق في تقرير نشره موقع وكالة الفضاء الأوروبية في الشهر الماضي قائلاً: «ما توصل له الباحث سيمكّن مستوطني القمر في المستقبل من الوصول إلى الأكسجين للحصول على الوقود ودعم الحياة».
يقول الدكتور خالد أشرف، الباحث بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، إن ما توصلت له هذه الدراسات مهم جداً؛ إذ إنها توفر حلولاً لثلاثة من أهم مقومات الحياة، وهي الغذاء والماء والأكسجين.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك كواكب أخرى غير الأرض كشفت دراسات سابقة عن وجود ماء عليها، لكن كانت المشكلة هي عدم وجود الماء في صورته السائلة، وهي المشكلة التي حلتها جامعة كورتين الأسترالية».
وإذا كان الغلاف الجوي للأرض من أبرز مقومات الحياة؛ لأنه يوفر الأكسجين اللازم للحياة، فإن الدراسة الاسكوتلندية وضعت الأساس الذي يمكن أن يوفر هذا العنصر المهم بالفضاء، وهذا أيضاً إنجاز مهم، كما يؤكد أشرف.



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً