تضارب حول قرار أميركي بتجميد مساعدات عسكرية

«تويتر» تحظر قناة «المنار»

TT

تضارب حول قرار أميركي بتجميد مساعدات عسكرية

تضاربت المعلومات، أمس، حول قرار أميركي يقضي بتجميد المساعدات العسكرية والأمنية للجيش اللبناني. وفي ظل غياب أي إعلان رسمي، تتباين المعلومات بين قرار بالتجميد لم تتبلغ به وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، وبين اقتصاره على ميزانية 2020، ولا يشمل ميزانية 2019، في مقابل التزام أميركي بتمكين قدرات الجيش اللبناني والقوى العسكرية والأمنية الشرعية.
ولم تتبلغ السلطات اللبنانية بعد بأي قرار رسمي، بحسب ما قالته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فيما أكّد مصدر في الكونغرس الأميركي لـ«الشرق الأوسط» أنّ مجلس الأمن القومي ومكتب الميزانيّة التابعين للبيت الأبيض قد جمّدا لأجل غير مسمّى برنامج التمويل العسكري الخارجي للقوى الأمنيّة اللبنانيّة. وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: «إنّ وزارتي الخارجية والدفاع لم يتم إبلاغهما، على ما يبدو، بآليّة تنفيذ هذا التجميد»، مشيراً إلى أنّ وزارة الدفاع «أبلغت بعض موظفي مجلس النواب (يوم الخميس) بأنّ هناك توافقاً في الإدارة الأميركية حول السياسة المعتمدة في هذا المجال، لكنّ الوزارة (وزارة الدفاع) لا تريد الإجابة عن أي أسئلة مرتبطة بالموضوع في الوقت الحالي».
وتابع المصدر، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إنّ هناك تحرّكاً متزايداً في الكونغرس يهدف إلى قطع أي تمويل ومساعدات إلى قوى الأمن اللبنانية، بسبب ما وصفه بـ«تغلغل حزب الله»، مشيراً إلى أنّ مكتب السيناتور الجمهوري تيد كروز «يعمل على مشروع من هذا القبيل، وأنّ هناك مجهوداً مشابهاً في مجلس النواب».
ورجّح المصدر أن يكون سبب هذا التجميد للمساعدة العسكرية للبنان شخصاً، أو أكثر من شخص، في مجلس الأمن القومي ممن يدعمون هذه السياسة.
وقال المصدر: «واضح أنّ الفوضى تعم لبنان حالياً، وهذا يستدعي طرح نقاش حول قوى الأمن اللبنانية». لكنّ ما قاله المسؤولون في الإدارة إلى الكونغرس هو أن قرار التجميد «يشمل مبلغ 105 ملايين دولار تمت الموافقة عليها في سبتمبر (أيلول) الماضي، إضافة إلى أي تمويل عسكري مستقبلي للبنان».
والتمويل العسكري الخارجي هو برنامج يقدّم مساعدات وديوناً لمساعدة بلدان معينة على شراء أسلحة ومعدات دفاعية من الولايات المتحدة، إضافة إلى التدريبات العسكريّة. ولطالما أعلنت الولايات المتحدة عن جهودها لتمكين الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية.
ونقلت قناة «الحرة» عن مسؤول في الخارجية الأميركية، أمس (السبت)، أن الولايات المتحدة لم تقم بتأخير أي نفقات أو مشتريات لمعدات عسكرية أميركية للجيش اللبناني. وأضاف المسؤول أن «الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بتقوية قدرة القوات المسلحة اللبنانية لتأمين حدود لبنان، والدفاع عن سيادته، والحفاظ على استقراره».
وتفاجأ لبنان، كما يبدو، بالخطوة الأميركية التي لم تعلن رسمياً. وقال وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال إلياس بوصعب، مساء أول من أمس: «الجميع تفاجأ بهذا القرار، وهو قرار مسرّب، ولم يصدر أي بيان رسمي (يؤكده)»، وقال في حديث تلفزيوني أنه «لا علاقة للأمر بالحوادث الأخيرة، ولبنان ليس مستهدفاً»، موضحاً أن «هناك برنامجاً أميركياً للمساعدات توقف، وهو لا يشمل لبنان فقط، بل دولاً أخرى أيضاً».
على صعيد آخر، أفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» بأن شركة «تويتر» حظرت معظم الصفحات الخاصة بها عن منصتها وذلك «دون أي إنذار مسبق». وأوضحت القناة أن الحظر والإيقاف شملا حسابات الأخبار والبرامج، معتبرة الخطوة «رضوخاً لضغوطات سياسية».
وعلّق متحدث باسم «تويتر» لوكالة الصحافة الفرنسية قائلاً: «لا مكان في (تويتر) للمنظمات الإرهابية غير القانونية وللتطرف العنيف. لدينا تاريخ طويل في اتخاذ إجراءات إنفاذ قوية، بواسطة آلية تجمع بين الناس والشراكات والتكنولوجيا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.