مصر: تعاون بين «التعليم» و«الأوقاف» لتضمين «مفاهيم قبول الآخر» في المناهج

مسؤول مصري يدعو لدراسة ظاهرة انضمام المتعلمين لـ«داعش»

TT

مصر: تعاون بين «التعليم» و«الأوقاف» لتضمين «مفاهيم قبول الآخر» في المناهج

طالب الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر، «بدراسة ظاهرة انضمام المتعلمين إلى تنظيم (داعش) الإرهابي»، مؤكداً أن «70 في المائة من المنتمين للتنظيم مؤهلات جامعية»؛ على حد قوله. مضيفاً خلال كلمته خلال افتتاح «الدورة التدريبية لمعلمي التربية الدينية» بمقر أكاديمية الأوقاف أمس، أن «التحاق المتعلمين بالجماعات الإرهابية يحتاج إلى دراسة بعيدة المدى، تشمل كيف انضموا إليها؟، والدوافع والأسباب المؤدية لذلك؟، وكيف آمنوا بأفكار التطرف؟»، منوهاً إلى أنه «لا بد أن تكون هناك قدرة على حماية الطلاب من الأفكار المتطرفة، والحول دون انضمامهم لتلك الجماعات الإرهابية».
وقد أعلنت وزارة التربية التعليم أمس عن «تعاون مع وزارة الأوقاف لصياغة كُتب التربية الدينية بالمراحل الدراسية في المدارس، لتُعرف الطالب هويته، ووطنه، ودينه، وتعلمه مفاهيم قبول الآخر»، مؤكدة أن «هناك جهوداً تبذل لإعداد جيل جديد بفلسفة جديدة، لكى يفهم الآخر، وينبذ فكرة التعصب».
في السياق ذاته، قالت وزارة الأوقاف المصرية، إن «الخلط بين مفاهيم التدين الصحيح والتطرف من أهم التحديات التي تواجه تجديد الخطاب الديني»، مضيفة أن «مصر تعيش الآن مناخاً ذهبياً لفهم العلاقة الصحيحة بين الدين والمجتمع ونشر التدين الصحيح، الذي هو جزء من حل أي مشكلة خاصة بالتطرف».
«الدورة التدريبية لمعلمي التربية الدينية» تستمر ثلاثة أيام في إطار التنسيق والتعاون بين «الأوقاف» و«التربية والتعليم» لنشر صحيح الدين الوسطي... وتناقش الدورة كُتب «حماية دور العبادة، والحوار الثقافي بين الشرق والغرب، وبناء الشخصية الوطنية، وفقه الدولة وفقه الجماعة، والفهم المقاصدي للسنة النبوية، ومفاهيم يجب أن تصحح»، التي صدرت عن «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية» التابع لـ«الأوقاف».
وأطلقت «الأوقاف» في يناير (كانون الثاني) أكاديمية لتدريب وتأهيل الأئمة وإعداد المدربين من داخل مصر وخارجها. وقالت الأوقاف حينها إنها «ترجمة عملية لما طلبه الرئيس عبد الفتاح السيسي من ضرورة تكوين رجل الدين المثقف المستنير». وقال مصدر بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إن «الأكاديمية تساهم في تدريب الأئمة والدعاة ومعلمي التربية الدينية في المدارس، لمواجهة أفكار الجماعات المتطرفة، والتصدي لخطاب الكراهية التي تطلقه خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي».
من جهته، حذر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، «من التفسيرات الخاطئة للأديان، ومن (الإسلاموفوبيا) التي تسيء إلى الدين»، مبيناً أمس خلال افتتاحه فعاليات الدورة أن «الإنسان متدين بفطرته بالدين الصحيح»، مشيراً إلى «أهمية الإمام المجتهد النشط في مجتمعه، وكذلك المدرس المستنير، بما يساهم في التصدي للفكر المتطرف».
وأكد وزير الأوقاف، أمس، «أهمية تدريس التربية الدينية الصحيحة للطلاب والطالبات في المرحلة الابتدائية، لشرح صحيح الدين السليم الوسطي المعتدل، ومواجهة أي فكر متطرف، وتقديم معلومات دينية صحيحة، وحماية الأطفال والنشء من أي فكر مخالف للدين»، منوهاً «بتعاون وزارته مع مختلف الوزارات في مصر لنشر الثقافة المجتمعية الصحيحة، والتعريف بصحيح الدين، والتحرك بذات الفكر والمنهج بين مختلف طوائف المجتمع خاصة الشباب، لتحصينهم من الإشاعات والفتن التي تسعى لبثها الجماعات المتطرفة»، مضيفاً أن «الإنسان بطبيعته يميل إلى الفكر المستنير، والجماعات المتطرفة تستغل أي منطقة ليس فيها إمام من الأزهر أو الأوقاف لنشر أفكارها المتشددة»، موضحاً أن «الطفل الذي يتعلم في الأزهر يفهم جيداً حرمة القتل، لأنه يحفظ ويفهم القرآن الكريم جيداً، فلا يستطيع أحد أن يغير مفاهيمه أو يختطفه».
في غضون ذلك، لفت وزير التربية والتعليم، إلى أن «وزارته تبذل قصارى جهدها لتنمية مهارات الطلاب، ضمن خطة تأهيل الشخصية المصرية»، مشيراً إلى أن «وزارة (التربية والتعليم) تقوم ببناء مناهج للسنوات المقبلة، وتطبق منظومة جديدة متطورة»، مشدداً على «ضرورة تنمية الوازع الديني للطلاب، ونشر الوعي الديني والوطني».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.