أنقرة: سنعيد مقاتلي «داعش» الأجانب إلى بلدانهم

وزير الداخلية التركي أكد أن تجريدهم من جنسياتهم ليس حلاً

TT

أنقرة: سنعيد مقاتلي «داعش» الأجانب إلى بلدانهم

قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن بلاده ستعيد أعضاء تنظيم «داعش» الإرهابي الأجانب المعتقلين لديها والذين نقلتهم من تل أبيض ورأس العين في شمال شرقي سوريا إلى بلادهم، وشكا من التقاعس الأوروبي في هذا الصدد، لافتا إلى أن بلاده ليست فندقا لإيواء هذه العناصر.
وأضاف صويلو أن الموقف الأوروبي جعل تركيا تتعامل بمفردها مع مسألة سجناء «داعش»، قائلا: «هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا وغير مسؤول أيضا... سنرسل أعضاء (داعش) المعتقلين إلى بلادهم».
وتابع صويلو، في تصريحات أمس، أن تركيا «ليست فندقاً لعناصر (داعش) من مواطني الدول الأخرى»، مشيرا إلى أن تركيا نقلت عناصر «داعش» الأجانب الذين جرى ضبطهم في رأس العين وتل أبيض، خلال العملية العسكرية «نبع السلام»، إلى سجون محصنة بمنطقة عملية «درع الفرات»، شمال سوريا، وبعد احتجازهم لفترة في تلك السجون، سيتم إرسالهم إلى البلدان التي ينتمون إليها.
وقال الوزير التركي إن هناك دولا تتملص من تسلم رعاياها المنتمين إلى «داعش»، عبر إسقاط الجنسية عنهم... «لا يمكن قبول تجريد عناصر (داعش) من الجنسية وإلقاء العبء على عاتق الآخرين فهذا تصرف غير مسؤول». وأوضح أنه ليست هولندا فقط من تجرد إرهابيي «داعش» من الجنسية، فبريطانيا أيضا تقوم بذلك، «فالجميع يلجأ لأسهل السبل» بهدف التملص من المسؤولية الملقاة على عاتقه.
واعتقلت تركيا بعض أعضاء «داعش» الفارين في شمال شرقي سوريا خلال الشهر الماضي بعد أن بدأت هجومها العسكري هناك. وتحول هؤلاء السجناء إلى ورقة ضغط في يد تركيا على الدول الأوروبية، التي ترى في عودة مقاتلي «داعش» خطرا على أمنها القومي، لا سيما أنها تعرضت لهجمات إرهابية عدة في السابق. وبدوره سبق أن هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بنقل سجناء «داعش» إلى حدود الدول الأوروبية، في حال لم تبادر دول مثل فرنسا وألمانيا إلى استعادة من يحملون جنسيتها، مشيرا إلى أن بلاده لن تتحمل عبء سجن أولئك الإرهابيين وأن الدول الأوروبية لا تتعاون كثيرا في ملف مقاتلي «داعش» الذين يقبع الآلاف منهم في سجون تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يغلب على قوامها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية. وأثار الهجوم التركي في شمال شرقي سوريا مخاوف غربية من احتمال تسلل عناصر «داعش»، لا سيما أن العملية العسكرية التركية أضعفت المقاتلين الأكراد في المنطقة، بعدما أدوا دورا بارزا في دحر التنظيم الإرهابي. وقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في عملية عسكرية أميركية في ريف إدلب، شمال غربي سوريا، الأسبوع الماضي، لكن واشنطن ترى أن التنظيم لم ينته بعد بشكل نهائي رغم فقدانه السيطرة على الأرض بنسبة مائة في المائة. وأعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستحافظ على وجودها العسكري، شمال شرقي سوريا؛ تفاديا لوقوع حقول النفط في يد «داعش»، ما قد يضمن تمويلا للتنظيم. في السياق ذاته، تعتزم السلطات الأمنية التركية تسليم المديرية العامة لإدارة الهجرة مواطنتين هولنديتين من زوجات عناصر «داعش» جرى توقيفهما عقب دخولهما الأراضي التركية من سوريا بطريقة غير قانونية؛ وذلك لاتخاذ إجراءات ترحيلهما.
وقالت مصادر أمنية إن «كوثر. س» و«فاطمة. هـ» تعرفتا من هولندا عام 2013 على اثنين من عناصر «داعش» عبر الإنترنت، وجاءتا إلى تركيا ومنها إلى سوريا للزواج منهما. وأوضحت المصادر أن «كوثر» و«فاطمة» عبرتا إلى سوريا بطريقة غير قانونية باستخدام قضاء ريحانلي التابع لولاية هطاي جنوب تركيا المتاخمة للحدود السورية، وتزوجتا من عنصري «داعش»، وأنجبت الأولى طفلين والثانية طفلاً واحداً. وقُتل أحد الزوجين جراء هجوم بقذيفة هاون، والآخر في حادث سير.
وتقدمت «كوثر» و«فاطمة»، اللتان أرادتا في وقت لاحق العودة إلى هولندا مع أطفالهما، بطلب إلى السفارة الهولندية في أنقرة، بعد الدخول من سوريا إلى تركيا بطريقة غير قانونية بمساعدة أقاربهما. وتواصلت السفارة الهولندية مع السلطات التركية، وتمكنت قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن أنقرة من القبض عليهما. وأكّدت المصادر أن مديرية الأمن ستقوم بتسليم المرأتين إلى المديرية العامة لإدارة الهجرة لاتخاذ إجراءات ترحيلهما. وقبل أكثر من عام، أكدت الناطقة باسم السفارة الروسية في أنقرة، أن السلطات التركية تحتجز مواطنين روسيين مرتبطين بتنظيم «داعش» هما رشيد ينيكييف وإيلان رحمانوف.
وسبق أن قامت السلطات التركية، باعتقال أشخاص يشتبه بارتباطهم بـ«داعش»، بينهم مواطنون روس، انضموا إلى «داعش» في سوريا، ويحاولون الخروج باتجاه بلادهم بعد سقوط التنظيم.
إلى ذلك، قالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية إن هناك شكوكا كبيرة لدى واشنطن حول علاقة تركيا بتنظيم «داعش»، وعلمها السابق بمكان اختباء زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، الذي أعلنت أميركا مقتله في غارة على قرية في إدلب قرب الحدود التركية.
وأثار مقتل زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، قرب الحدود التركية وفي منطقة داخل سوريا يوجد لتركيا حضور عسكري ملموس فيها، شبهات بشأن علاقة أنقرة بالتنظيم الإرهابي. وتحدث مسؤولون بالمخابرات الأميركية بشأن وجود علاقة تربط تركيا بتنظيم «داعش»، مشيرين إلى أن الدليل على ذلك هو أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه أبو الحسن المهاجر، قتلا في محافظة إدلب في مواقع قريبة جدا من الحدود التركية، وحيث توجد قوات عسكرية تركية وأخرى موالية لها في تلك المناطق. وطرح الكاتب في «بلومبرغ» إيلي ليك، العديد من علامات الأسئلة بناء على معلومات قال إن مصدرها مسؤولون استخباراتيون أميركيون، عن قصة البغدادي مع تركيا، وتشير إلى علاقة وثيقة بين الاستخبارات التركية وتنظيم «داعش». وأشار إلى أنه في بداية الصراع في سوريا، سمحت المخابرات التركية بتسلل مسلحين من أوروبا وأفريقيا وبقاع أخرى إلى سوريا، بل ودعمت، حسب تقديرات استخباراتية، أسوأ العناصر في الصراع السوري.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.