قال ميكيل أولمو الذي لعب في صفوف عدة أندية إسبانية، ثم تولى في وقت لاحق تدريب أندية عدة منها: «أخبروني أنني مجنون. كنت مدرباً في دوري الدرجة الثانية الإسباني وذبحوني من أجل ذلك، وقالوا إنني دمرت مسيرة ابني المهنية. بالتأكيد لم يكن الرحيل عن برشلونة هيناً، خاصة عندما تكون قائد الفريق، وكان يلعب كذلك في المنتخب الوطني. كان ذلك القرار الأصعب في حياتي».
والآن، مر أكثر من خمس سنوات منذ رحيل ابنه دانييل ـ المعروف باسم داني ـ عن أكاديمية برشلونة للناشئين العريقة والتي تشتهر باسم «لا ماسيا» من أجل الانضمام إلى نادي دينامو زغرب. ولم يقدم داني على هذه الخطوة لشعوره بإغراء أموال ضخمة أو وعود كبرى. في الواقع، كان داني في الـ16 بالكاد وكان قائداً لفريقه وتتابعه عن قرب أندية نخبوية أوروبية أخرى ـ
وأفادت تقارير صحافية أن مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي على وجه التحديد كانا مهتمين باقتناص اللاعب الناشئ بعيداً عن كامب نو. الحقيقة أن أسرة أولمو سعت نحو خيار رأته الأمثل لمصلحة تنمية مهارات داني. كانت الأسرة قد شعرت بأن الفرصة الأمثل أمام داني ليست في برشلونة، حيث قد يجابه صعوبة في اجتياز الطريق نحو الفريق الأول رغم مواهبه الاستثنائية، وإنما تكمن في اختيار كرواتيا، حتى وإن كان نادياً كبيراً هنا، معروف بأن الأكاديمية التابعة له تنتج لاعبين أمثال لوكا مودريتش وماتيو كوفاتشيتش. وجاء هذا القرار بمثابة صدمة للجميع. إلا أنه في زغرب، حيث تشكل عملية تنمية مهارات اللاعبين وتطوير أدائهم ثم بيعهم نشاطاً تجارياً مهماً، تحول اللاعب إلى «مشروع» للنادي.
من جانبه، كان أولمو قد وقع للتو عقداً مع دينامو زغرب عندما تلقى رسالة من مدربه في برشلونة تقول: «دعك من هذا الهراء. تدريبات الاثنين تبدأ في العاشرة». يذكر أن آندي بارا، وكيل أعمال كرواتي، هو من تفتق ذهنه عن فكرة نقل أولمو إلى زغرب بعدما التقى والده داخل أحد معسكرات ناشئي برشلونة حيث كان يتولى التدريب. وقال عن هذا الأمر: «رفض برشلونة تصديق فكرة أن داني رحل عن النادي، ناهيك عن أنه انضم إلى دينامو زغرب. وظلوا يبعثون إليه باستمرار رسائل من عينة: «إلى أين ذهبت؟» و«ماذا فعلت؟»»
في البداية، لا بد أن الفكرة بدت مجنونة بالفعل، لكن عندما يلقي المرء نظرة الآن على الفترة الماضية يتضح أمامه أن أولمو الأب والابن اقتنعا بهذه الخطوة تحديداً لأن أولمو الأب كان مطلعاً على مسيرة تطور اللاعبين داخل برشلونة. الحقيقة أن ثقتهما بالنادي كانت ضئيلة للغاية لدرجة أنهما فضلا المجازفة وخوض غمار المجهول والانطلاق في بداية جديدة داخل ثقافة كروية جديدة تماماً وبعيدة عن الأضواء، عن الاستمرار داخل المكان الذي كان داني قد رسخ وجوده فيه بالفعل باعتباره واحداً من المهارات الرائدة.
وبالتأكيد، يطرح ذلك بعض التساؤلات غير المريحة إزاء مستقبل تطور أي لاعب في الأندية الأوروبية النخبوية ـ تساؤلات تبدو مألوفة بالتأكيد أمام أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، خاصة بعد انتقال جيدون سانشو الناجح إلى بوروسيا دورتموند.
الآن، ستتحول مسيرة داني أولمو إلى نموذج لما يمكن تحقيقه، وذلك بفضل تمكنه من تحقيق نجاح كبير في دينامو زغرب. وكان الموسم الماضي بالتأكيد نقطة انطلاقه الحقيقية عندما جرى التصويت له كأفضل لاعب في دوري الدرجة الأولى الكرواتي، وذلك من جانب مدربين وقادة فرق، بعد أن قدم داني موسماً رائعاً ببطولة الدوري الأوروبي عندما بلغ دينامو زغرب الأدوار الإقصائية في البطولة وأنجز الموسم بالفوز ببطولة أمم أوروبا لأقل عن 21 عاماً مع إسبانيا.
وقد انضم داني لدينامو زغرب كلاعب بديل، لكن انتهى به الحال إلى إحراز هدف في مباراة النهائي واختير في أفضل فريق بالبطولة. اليوم، ما يزال داني في الـ21. واستمر في قيادة المنتخب الإسباني للناشئين في أدوار التأهل هذا الموسم، وسجل ثلاثة أهداف في مباراتين.
خلال مباراة دينامو زغرب أمام أتلانتا في بطولة دوري الأبطال والتي انتهت بفوز الأول بنتيجة 4 - 0. لم يحرز داني أو يساعد في أي أهداف، ومع ذلك ظل أداؤه رائعاً بصورة كبيرة، وكانت تلك مباراته الأولى ببطولة دوري الأبطال، الواضح أن اللاعب أصبح بارعاً للغاية على نحو يفوق مستوى دينامو زغرب ويتوقع الجميع الآن انتقاله إلى واحد من الأندية الأكبر، لكن دينامو زغرب يطلب مبلغاً ضخماً للغاية للتنازل عنه ـ 40 مليون يورو، وهو سعر لم يسمع بمثله من قبل مقابل لاعب يشارك في الدوري الكرواتي. وإذا استمر داني في اللعب بهذا المستوى، فإن النادي ربما يرفض السماح بانتقاله لنادٍ آخر من الأساس.
سيبقى لزاماً على داني استغلال فرصة تألقه مع دينامو زغرب في إثبات مهارته على ساحة أكبر، على أرض نادٍ كان يمكن أن ينتقل إليه منذ خمس سنوات ماضية لو أن أسرته اختارت المال، بدلاً عن التركيز على الفرصة الأمثل لتطوير مهارته. والآن، باستطاعة داني تحقيق القفزة نحو واحد من الأندية النخبوية على أي حال. من جهته، قال أولمو الأب: «كل شيء تغير. اليوم، يقولون إننا شجعان واتخذنا القرار الأمثل».
داني أولمو... غامر وترك برشلونة فأصبح من أبرز صانعي الألعاب الصاعدين في أوروبا
داني أولمو... غامر وترك برشلونة فأصبح من أبرز صانعي الألعاب الصاعدين في أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة