معرض «الفرعون الذهبي» في لندن... درس للمتاحف العربية

رحلة نحو العالم الآخر على طريقة هوليوود

معروضات من الألباستر  وفي الخلفية جدار يحمل رسومات من مقبرة الفرعون الشاب (الشرق الأوسط)
معروضات من الألباستر وفي الخلفية جدار يحمل رسومات من مقبرة الفرعون الشاب (الشرق الأوسط)
TT

معرض «الفرعون الذهبي» في لندن... درس للمتاحف العربية

معروضات من الألباستر  وفي الخلفية جدار يحمل رسومات من مقبرة الفرعون الشاب (الشرق الأوسط)
معروضات من الألباستر وفي الخلفية جدار يحمل رسومات من مقبرة الفرعون الشاب (الشرق الأوسط)

«لقد عاد!» هكذا وصفت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، معرض «توت عنخ آمون... كنوز الفرعون الذهبي»، الذي فتح أبوابه في غاليري «ساتشي» بلندن، وبدا وكأن الفرعون الشهير قد عاد لموطن ثانٍ له، حيث قوبل بترحيب كبير، وحملة دعاية أكبر. ومن المؤكد أنه سيكون من أكثر العروض حضوراً جماهيرياً بلندن. زيارة المعرض في حد ذاتها مبهرة، حيث بدا المجهود المبذول في الإعداد والتنسيق، واختيار القطع، وما صاحبها من شروحات وفقرات توضيحية ممتعة على الدليل الصوتي؛ بدا كل ذلك واضحاً، وترك المهمة بعد ذلك للهالة الذهبية الساحرة التي تحيط بالفرعون الشاب لتجذب الزوار، ليتجمعوا أمام كل خزانة عرض في حالة انبهار واضحة، تتخللها بعض الكلمات من هنا وهناك، لتعبر عن تأثير الفن الفرعوني الذي برز بأجمل صوره هنا. وربما يحتاج منسقوا المعارض في العالم العربي إلى الإلتفات لطريقة تقديم المعارض الناجحة في الغرب والتي تقدم كنوز وحضارات الشرق الأوسط. بأسلوب رشيق وممتع.
عرض المعرض 150 قطعة، منها 60 لم تعرض خارج مصر من قبل، وضم تماثيل الأوشابتي المذهبة والصناديق الخشبية والأواني الكانوبية وتمثال الكا الخشبي المذهب وأواني من الألباستر.
ويرى جوناثان جونز، محرر الفنون بصحيفة «الغارديان»، أن العرض غلب عليه الطابع الهوليوودي، من حيث الإبهار والاستعانة بالموسيقى والأغاني والتكنولوجيا الحديثة، ولم يجانبه الحق في ذلك، فمجرد الوقوف في القاعة الأولى قبل بداية العرض، حيث عرض فيلم على شاشة بانورامية تسرد قصة اكتشاف الأثري الإنجليزي هوارد كارتر لمقبرة توت عنخ آمون، يأخذ الزائر لتجارب مماثلة تفننت في تقديمها استديوهات هوليوود في حدائقها الترفيهية بأميركا.ولكن لنعد للفرعون الذهبي، وعبر تلك القاعة الأولى التي تثير الفضول وتوقظ الانبهار بالحضارة الفرعونية، ندخل لنرافق الفرعون الشاب في رحلته نحو الخلود. وبعبور بوابة تحمل جمل من «كتاب الموتى»، يقدم العرض ما أعده الحرفيون المصريون القدماء من قطع مذهلة لتوضع في مقبرة الفرعون الشاب، لترافقه في رحلته للعالم الآخر. ومن خلال الخزانات غير المزدحمة بالقطع، والتركيز على كل قطعة، لتمنحنا الفرصة للتركيز على التفاصيل الدقيقة لها، نقف لنقرأ الشرح المختصر عن كل قطعة، مع الاستعانة بالدليل الصوتي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في الجولة: نرى القطع الفخارية التي أعدت لحمل الأطعمة في المقبرة، ونرى التماثيل الذهبية لتوت عنخ آمون الذي يقف بشموخ تميزت بها التماثيل الفرعونية؛ تنجذب الأبصار، وتصبح محاولة إيجاد مكان أمام الخزانات أمراً يحتاج للتسلل الاستراتيجي للوقوف أخيراً أمام أحدها. ولا تختلف التماثيل عن قطع أخرى، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، في العرض؛ هنا بعض القطع المصنوعة من المرمر تأخذ بالأنفاس، أو هناك عرش صغير للفرعون في طفولته. ومن القطع الأخرى التي نتوقف عندها لبعض الوقت نماذج لألعاب وضعت أيضاً في قبر الفرعون، كذلك هناك عرض لعدد من القطع الخشبية الملتوية «البومرانغ» التي كان توت عنخ آمون يحب اللعب بها.
ولمصاحبته في رحلته نحو العالم الآخر، أعد الكهنة عدد من مراكب الشمس الخشبية المصغرة لنقل الفرعون، أحدها يحمل عرشاً مصغراً، ثم هناك تماثيل الكا (خادم الفرعون) المذهبة الضخمة، ويقف أحدها أمامنا بنظراته الصارمة، وبلمعة الذهب على ملابسه. وفي العرض أيضاً، نرى عصا خشبية مذهبية كانت محاطة بريش النعام في زمنها، واستعاض العرض عنها بصورة جميلة للريش؛ العصا تحمل في أعلاها مشهداً منقوشاً لتوت عنخ آمون وهو يصيد النعام، ولا يمكن التوقف عن تأمل تلك التفاصيل الدقيقة أو رشاقة النقوشات التي صورت الملك جالساً في عربته مصوباً سهمه نحو صيده المذعور في طرف اللوحة، وتبرز تفاصيل الجياد التي تقود العربة بينما يجري كلب صيد أمامها؛ لوحة نتوقف عندها وكأنها مشهد من فيلم سينمائي حافل بالحركة والجمال. وفي خزانة مجاورة، نرى درعاً خشبياً منقوشاً بإبداع يصور الفرعون على هيئة «سفينكس» وتحت أقدامه يندحر أعداؤه من النوبة.
ولا شك أن استخدام التكنولوجيا في العرض يمنحه المزيد من السحر، ويأخذنا في رحلة مع الفرعون الذهبي نحو الأبدية. وفي قاعة مجاورة، نجد عرضاً على الحائط يوضح عدد الحاويات المزخرفة التي وضعت داخلها مومياء الملك في حاوية داخل أخرى، في طبقات تشبه الدمى الروسية، لنصل في النهاية لمومياء الفرعون المنشود، غير أننا لا نرى المومياء هنا، ولكن نرى زوجاً من الصنادل الذهبية، وقطعاً على هيئة أصابع القدم، صنعت من الذهب لحماية قدم الفرعون. وهنا أيضاً قطع من الحلى المطعم بالزجاج الملون، يحمل الجعران الأسود، وقفاز طويل من الكتان. ومن القطع الساحرة المليئة بالنقوشات البديعة الملونة، نرى تابوتاً صغيراً مزيناً بالذهب كان يوضع فيه الكبد المحنط للملك، وسريراً خشبياً مذهباً بأقدام منحوتة على شكل أسد صنع خصيصاً لجنازة توت عنخ آمون.
ولا ينسى المعرض أن يختم بالإشارة للانبهار الغربي بكل ما يتعلق بالفرعون منذ اكتشافه، سواء عبر الأغاني أو الأفلام أو الأزياء، وإن كانت تلك القاعة هي الأقل جذباً في نظري، فليس هناك ما يضاهي سحر الفرعون وكنوزه الحقيقية التي رأيناها في ست قاعات موزعة على دورين في الغاليري.
أخرج من المعرض في حالة من الانتشاء الفني، فالآثار هي ذاتها التي نعرفها عبر الكتب والأفلام والبرامج، ولكن طريقة عرضها، والسخاء في الإنفاق على الإضاءة والعروض السينمائية والتقنية، إضافة إلى ترقيم الخزانات بلمسة فرعونية لطيفة، كل ذلك يجعلنا نتمنى أن يكون ذلك درساً للمتاحف العربية في تقديم بعض من كنوزنا الكثيرة للجمهور.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.