في تقديمها لمعرض «التعايش»، الذي نظم ضمن فعاليات مهرجان «أندلسيات أطلسية»، في دورته الـ16. بالصويرة، تتذكر الفنانة المغربية مليكة الدمناتي المنصوري جيداً ذلك اليوم المشمس، على شاطئ البحر، حين وقفت على هويتين، شخصيتين، عقليتين وحياتين مختلفتين، بل متناقضتين تماماً، من خلال سيدتين، واحدة تبلس البرقع وأخرى لباس البحر.
تشير الدمناتي، في ورقة تقديم معرضها، إلى تأثرها بما صادفته، لتستبد بها رغبة الرسم، وخصوصاً رسم هذا المغرب الذي تحبه كثيراً، مغرب التسامح، المتعدد والمختلف في آن.
وكتبت الدمناتي أن لكل واحدة من النساء اللواتي يقصدن شاطئ البحر من دون إصدار أحكام مسبقة، تبادل الحديث أو التعبير عن الفرح أو الحزن، حكايتها الخاصة وخصوصيتها القريبة والبعيدة في آن، مشددة على أنهن أثــّـرن فيها بشكل عميق.
تشير الدمناتي إلى أنها رسمت، قبل ذلك، على ضوء شمس المغرب، الأمكنة والورود والحركة والجدران والقباب والأضرحة والمناظر الخلابة وكل ما يثير العين ويجذب الأنظار. غير أن ذلك المشهد على الشاطئ، أيقظ في داخلها رغبة التطرق لموضوع آخر، شخصيات، أجساد وحيوات أخرى؛ مشيرة إلى أن ما تشاهده كل يوم، في فصل الصيف، على الشاطئ، هو دليل على أننا مجبرون على التعايش، وعلى أن يقبل ويتقبل الواحد منا الآخر في احترام تام للاختلاف، الذي يبين قوة المغرب، أي هذا «التنوع الذي يمنحنا غنى عجيباً»، حسب تعبيرها، مشددة على أن كل هؤلاء النسوة، اللواتي يتجاورن في لوحاتها هن جميلات وتوجدن في الواقع، صادفن بعضهن على الشاطئ في سعادة وصفاء، متمنية أن يبقى حالهن كذلك.
في معرض «التعايش»، نكون مع نساء وحيدات أو بمعية رجالهن وأطفالهن. ألبوم صور مرسومة، يستعيد يوماً على الشاطئ، تخفف خلاله الجميع من التعب اليومي وضغط البيت والعمل واختناقات الشوارع والأزقة. لحظة سعادة تجد امتداداتها في زرقة البحر والسماء وفتنة انعكاس الأشعة على سطح المياه. فيما تنقل عناوين اللوحات لخيط ناظم يربطها بالموضوع العام للمعرض، حيث نكون مع لوحات بعناوين، من قبيل «حتى النهاية» و«نظارات شمسية» و«أبداً من دون هاتفي المحمول» و«سلة الشاطئ» و«شقيقات» و«سيلفي أم صورة» و«طرق متقاطعة» و«لاعبة كرة قدم».
وأبرز الكاتب والإعلامي محمد أمسكان، في ورقة تقديمية لمعرض «التعايش»، بالصويرة، تحت عنوان «مليكة في بلاد النوارس»، أن الدمناتي تلخص المغرب المختلط، المنفتح والمتسامح. المغرب المتعدد، مشيراً إلى أن «العيش المشترك والتعايش واحترام الآخر هي مواضيع ظلت دائماً تثير ملكة الإبداع لدى الدمناتي».
قبل أن يختم: «بعد الأضرحة، المناظر الخلابة والطبيعة الميتة، الأزقة، شرفات وأبواب المدن العتيقة، تتناول الدمناتي في أعمالها البشر: نساء وحيدات، أو برفقة صديقة أو زوج، أو أطفالهن، يلبسن ما يلائمهن من ثياب. يلاقين بعضهن في احترام متبادل. تمنحهن الفنانة تكريماً خاصاً، فيما تدعونا لتذوق أعمالها. وبين صور مقترحة ورسومات زيتية ومائية، تمر أمامنا الإبداعات كيوميات أو مذكرات فنان، نتصفحها في الطريق بين شاطئ بوزنيقة والصويرة موغادور».
في معرض فني بالصويرة... التعايش و الحوار
في معرض فني بالصويرة... التعايش و الحوار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة