طوابير وازدحام أمام المصارف اللبنانية بعد أسبوعين من الإقفال

طوابير بشرية أمام البنوك في لبنان بعد 14 يوماً من الإقفال بسبب الاحتجاجات (رويترز)
طوابير بشرية أمام البنوك في لبنان بعد 14 يوماً من الإقفال بسبب الاحتجاجات (رويترز)
TT

طوابير وازدحام أمام المصارف اللبنانية بعد أسبوعين من الإقفال

طوابير بشرية أمام البنوك في لبنان بعد 14 يوماً من الإقفال بسبب الاحتجاجات (رويترز)
طوابير بشرية أمام البنوك في لبنان بعد 14 يوماً من الإقفال بسبب الاحتجاجات (رويترز)

شهدت المصارف اللبنانية إقبالاً غير مسبوق على فروعها المنتشرة في العاصمة والمناطق اللبناني، بعد 14 يوماً من الإقفال، بسبب احتجاجات دفعت رئيس الوزراء إلى الاستقالة، وبدأت بتطبيق بعض الإجراءات، بينها فرض قيود جديدة على التحويلات إلى الخارج.
وبموازاة استئناف المصارف لعملها، أمس، دخلت مجموعة من المحتجين إلى مبنى جمعية المصارف في الجميزة، وأقفلت المدخل الرئيسي، وتلت بياناً من داخل المبنى قالت فيه: «نحن اليوم هنا في جمعية المصارف التي تحمي أموال السلطة السياسية، وتشكل حزباً طبقياً بوجه الفقراء». ولخصت مطالبها بـ«تحويل القروض السكنية والشخصية إلى الليرة اللبنانية، بحيث لا تكون الطبقة الفقيرة مرهونة للدولار، وإعادة جدولة القروض الشخصية بحيث لا تستغل الطبقات الفقيرة بفوائد عالية، وتحرير الاقتصاد من الارتباط بالدولار واسترداد الأموال المنهوبة من قبل المصارف والأرباح غير المشروعة».
وتدخلت قوى الأمن الداخلي التي أخرجت المحتجين من مبنى جمعية المصارف في الجميزة، وأوقفت 4 منهم، قبل أن يتم إخلاء سبيل 3 منهم بعد الظهر.
واصطف العشرات في طوابير أمام فروع المصارف، صباح أمس، لإجراء معاملات مالية، وشهدت المصارف ازدحاماً في بعض المناطق. وتعاملت المصارف مع الزبائن بسلاسة، حيث كان ممكناً إجراء سحوبات مالية بالدولار الأميركي، رغم أن أحد المصارف اتخذ إجراء قضى بالحصول على عمولة 5 بالألف لقاء السحوبات النقدية بالدولار.
وأشادت جمعية مصارف لبنان بالتصرفات «المسؤولة» للشعب. وقال ثلاثة متعاملين إن الليرة اللبنانية ارتفعت مقابل الدولار في السوق الموازية التي نشأت في الأشهر القليلة الماضية. وبعدما شهدت سوق الصيرفة انخفاضاً بسعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار في الأسبوعين الماضيين بالتزامن مع الاحتجاجات، ووصل إلى 1740 ليرة مقابل الدولار الواحد، تحسّن سعر صرف الليرة، أمس، وسجل انخفاضاً حتى 1570 ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق الموازية، رغم أن سعر الدولار الرسمي هو 1515 ليرة.
وتعهد «مصرف لبنان المركزي» بعدم فرض قيود على حركة الأموال حين تستأنف البنوك عملها، وهي إجراءات قد تعرقل تدفقات العملة والاستثمار التي يحتاج إليها لبنان على نحو ملحّ لتجاوز أسوأ أزماته الاقتصادية منذ الحرب الأهلية، التي دارت في الفترة بين 1975 و1990. ورغم عدم فرض قيود رسمية، قال عملاء ومصادر مصرفية إن بنوكاً أبلغت العملاء بأنه ليس بمقدورهم تحويل الأموال إلى لخارج إلا لو كانت لسداد قروض أو للتعليم أو للرعاية الصحية أو لدعم الأسر أو الالتزامات التجارية.
كما يواجه العملاء سقفاً جديداً على المبالغ بالدولار التي بمقدورهم سحبها من حسابات بالعملة الأميركية. وأشاد رئيس «جمعية مصارف لبنان» الدكتور سليم صفير، في تصريح «بوعي الشعب اللبناني وتحليه بالمسؤولية، هذا الوعي الذي تجلى اليوم مجدداً بعد أن فتحت المصارف أبوابها للعمل بشكل طبيعي وكيفية تعاطي المواطنين بشكل حضاري في هذه الظروف».
وحيّا صفير المواطنين «لإدراكهم المسؤولية الوطنية وضرورة الحفاظ على مصالح الناس»، مؤكداً أن «المصارف تتابع متطلبات وحاجات المواطنين، ومستعدة لاتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على سير العمل بشكل طبيعي». وتمنى من المواطنين «عدم الأخذ بالشائعات وتقصي الحقائق من المصارف مباشرة أو من الجمعية».
ولدى سؤاله عن الخطوات التي تتخذها البنوك، قال رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير لـ«رويترز»: «لن أصفها بأنها قيود، لكنها جهود من البنوك لاستيعاب جميع العملاء، مع الأخذ في الحسبان الضغط الناجم عن الإغلاق لأسبوعين». وقال صفير: «نحن على استعداد لتعديل أي إجراء تم اتخاذه فور عودة الوضع في البلاد إلى طبيعته».
وغرد وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا في حكومة تصريف الأعمال عادل افيوني بالقول: «اليوم نجاح المصارف في تلبية حاجات المودعين بانتظام أهم أولوية. نحن بلد يتكل على ثقة المودعين، وهم مصدرنا الأول لتمويل الاقتصاد وعجز الدولة والعجز التجاري. ثقة المودعين بالقطاع المصرفي صمام أمان لتجنب أي انهيار. لذلك أناشد الجميع التحلي بالمسؤولية لحماية استقرار القطاع المصرفي».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.