الجزائر: «مظاهرات تاريخية» في ذكرى «ثورة الاستقلال»

الحراك الشعبي يجدد رفضه «الانتخابات مع العصابات»

آلاف الجزائريين خلال مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
آلاف الجزائريين خلال مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: «مظاهرات تاريخية» في ذكرى «ثورة الاستقلال»

آلاف الجزائريين خلال مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
آلاف الجزائريين خلال مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

وصف المراقبون حراك الجمعة في الجزائر أمس، الذي تزامن مع الاحتفالات بمرور 65 سنة على تفجير ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954 - 1962) بأنه «تاريخي» وغير مسبوق، بعد أن شهدت العاصمة تدفق عشرات الآلاف من الولايات الأخرى، بعضهم قضى الليلة الماضية في العراء متخذين العلم الوطني غطاء، فيما لجأ آخرون إلى أصدقاء وأقارب، كما فتح بعض سكان العاصمة بيوتهم للقادمين من خارجها للمبيت.
وحاولت قوات الأمن في اليومين الأخيرين تشديد الرقابة على مداخل العاصمة لمنع المتظاهرين من اللحاق بالمظاهرات، لكن مع اقتراب الموعد المنتظر منذ مدة طويلة، تأكدت أنه يستحيل وقف المد البشري الهائل دون اللجوء إلى القوة.
وكان اللافت من تصرفات رجال الدرك في نقاط المراقبة أنهم، وعلى غير العادة، كانوا غير مستعدين للتشدد مع المتظاهرين بحكم المناسبة التاريخية الكبيرة، التي وضعت حراك «الجمعة 37» على المحك، ذلك أن السلطة، والجيش تحديدا، راهنا على إضعافه، باعتبار أن ضعفه مؤشر قوي بالنسبة للمسؤولين على توفر شروط نجاح الانتخابات الرئاسية، المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. أما بالنسبة للمتظاهرين فقد كان عليهم أن يثبتوا بأن الحراك «ما زال على قوته»، التي كان عليها خلال شهري فبراير (شباط) ومارس الماضيين.
ووضعت الشرطة عددا كبيرا من عرباتها على جانبي شوارع العاصمة الرئيسية، وفي محيط الساحات الكبيرة، ما ترك مساحة ضيقة للمتظاهرين، وهي الخطة التي اعتمدتها منذ أشهر، حتى لا تظهر المظاهرات كبيرة، ولا تنقل صورها إلى الخارج. كما منعت السلطات دخول صحافيين أجانب إلى البلاد بهذه المناسبة، وأغلبهم فرنسيون تتعامل معهم بتحفظ شديد، وترفض في الغالب تسليمهم تأشيرة الدخول إلى الجزائر، لاعتقادها أنهم مؤثرون في مجرى الأحداث.
وخلال مسيرات أمس، هتف آلاف المتظاهرين باسم «علي... يا علي»، وهو الشهيد الرمز علي لابوانت، بطل «معركة الجزائر العاصمة»، التي جرت أطوارها عام 1960. حينما بلغت ثورة الاستقلال ذروتها، واشتد طغيان الاستعمار على الثوار. وقد بدأ يتردد اسم لابوانت منذ أسابيع في المظاهرات، في إشارة إلى أن الجزائر بحاجة إلى قادة متشبعين بالوطنية، من طينة المجاهدين، الذين حرروها من الاستعمار الفرنسي.
كما حمل المتظاهرون صور رجل الثورة لخضر بورقعة، المسجون بتهمة «إضعاف معنويات الجيش»، وطالبوا بالإفراج عنه. وقال طالب بالجامعة كان وسط الحشود بساحة موريس أودان: «عار على الجزائر وهي تحتفل بذكرى عظيمة مثل هذه، أن يكون في سجونها مجاهد مثل لخضر بورقعة... كان ينبغي أن يفرج عنه عشية أول نوفمبر (تشرين الثاني)».
وفي قارعة شارع «ديدوش مراد» (اسم شهيد وأحد مفجري الثورة) جلست امرأة مسنة، وهي تحمل بيدها اليمنى علما، وتقول عن هذا اليوم: «فخورة لمشاهدة أبنائي وأحفادي معتزين بتاريخ ثورتهم... على أيدي هؤلاء ستتحرر الجزائر ممن أفسدوها... النصر بات قريبا».
من جانبه، أكد مجيد أمقران، الذي جاء من منطقة القبائل عشية المظاهرات، أن «حراك الأسبوع الـ37 له رمزية خاصة جدا. فقد صمد 9 أشهر كاملة برغم حملات التشويه والاعتقالات، التي طالت المتظاهرين، ورغم الضغط على وسائل الإعلام لمنعها من نقل وقائعه... فإن هذا في حد ذاته انتصار عظيم».
وبينما كانت أعداد المتظاهرين تزداد بعد أداء صلاة الجمعة، كان رئيس الدولة عبد القادر بن صالح يستقبل رجال الثورة ممن بقوا على قيد الحياة، بمناسبة الاحتفال الرسمي الذي جرى بـ«قصر الشعب» القريب من ساحات الحراك. وقد حضر الحفل إحدى إيقونات الثورة، فاطمة الزهراء بيطاط، التي تقود «لجنة» للمطالبة بالإفراج عن اليسارية ومرشحة «رئاسية» 2014 لويزة حنون، التي أدانها القضاء العسكري بـ15 سنة سجنا، بتهم تتعلق بالجيش وقائده. وكان من بين المدعوين أيضا، الرجل القوي في النظام قائد الجيش قايد صالح، الذي تهافت على مصافحته غالبية المدعوين.
وأحاطت الشرطة «قصر الشعب» بإجراءات مشددة، ومنعت العربات من السير في الشارع الرئيسي الذي يقود إلى وسط المدينة، حيث كان المتظاهرون ينددون برجال النظام ويطالبون برحيلهم، وبإلغاء الاحتفالات «لأنها من تنظيم العصابات». كما خصصت رواقا ضيقا لمرور الأشخاص، الذين كان أغلبهم «حراكيين».
وإضافة إلى العاصمة، عاشت غالبية المدن الكبيرة كوهران بالغرب وعنابة وقسنطينة في الشرق، وفي وسط البلاد أيضا، مظاهرات حاشدة طالب فيها الآلاف بالعدول عن مسعى الانتخاب. كما انتقدوا بشدَة قائد الجيش.
وخاطب بن صالح الجزائريين عشية الاحتفال، فناشدهم بأن يجعلوا من الاستحقاق القادم «عرسا وطنيا يقطع الطريق على كل من يضمر حقدا لأبناء وأحفاد شهداء نوفمبر، الذين ننحني بخشوع أمام أرواحهم الطاهرة في هذه المناسبة الوطنية الخالدة». داعيا إلى «التجند من أجل إنجاح هذه الانتخابات المصيرية... فالجزائريون لن يتركوا أي فرصة لأولئك، الذين يحاولون الالتفاف على قواعد الديمقراطية وأحكامها». مؤكدا في ذات السياق أن الدولة «سوف تتصدى لكافة المناورات، التي تقوم بها بعض الجهات. فالشعب مدعو من جانبه إلى التحلي بالحيطة والحذر، وأبناؤه المخلصون مدعوون لأن يكونوا على أتم الاستعداد للتصدي لأصحاب النوايا والتصرفات المعادية للوطن».
كما انتقد بن صالح المتظاهرين بقوله: «لا يحق لأي كان التذرع بحرية التعبير، والتظاهر لتقويض حق الآخرين في ممارسة حرياتهم، والتعبير عن إرادتهم من خلال المشاركة في الاقتراع. ومهما كانت الظروف، فإن المصلحة العليا للوطن تملي على الدولة الحفاظ على النظامِ العام والقوانين، ومؤسسات الدولة، والسهر على أمن واستقرار البلاد». مشددا على أن الدولة «مصممة على إعطاء الكلمة للشعب ليختار بكل سيادة وحرية من يرغب في أن يسند إليه مهمة تأسيس النظام الجديد للحكم».



مصر والأردن يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر والأردن يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون قيود أو شروط، كما جدد الزعيمان «رفضهما المطلق» لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

واستقبل السيسي، الاثنين، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، في القاهرة، حيث عقدا جلسة مباحثات مغلقة ثنائية، أعقبها عقد جلسة موسعة بمشاركة وفدي البلدين.

السيسي مستقبلاً العاهل الأردني بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

تناولت المباحثات، وفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، الأوضاع الإقليمية، وجهود تنسيق المواقف، خاصة فيما يتعلق بالتطورات في الأرض الفلسطينية، وأكد الزعيمان ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون قيود أو شروط.

وذكر المتحدث، في بيان، أن الزعيمين أكدا «الرفض المطلق لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، ومحاولات القضاء على حل الدولتين أو المماطلة في التوصل إليه»، مشددين على أن «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هي الضمان الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط».

جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين (الرئاسة المصرية)

وإلى جانب القضية الفلسطينية، تناولت المباحثات تطورات الوضع في سوريا، وشدّد الزعيمان على «أهمية دعم الدولة السورية، خاصة مع عضوية مصر والأردن في لجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا، وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها الشقيق، وأهمية بدء عملية سياسية شاملة لا تُقصي طرفاً، وتشمل مكونات وأطياف الشعب السوري كافة»، حسب البيان.

وناقش الزعيمان الأوضاع في لبنان، وأكدا «الترحيب باتفاق وقف إطلاق النار، وضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وحرصهما على أمن وسيادة واستقرار لبنان، ورفضهما لأي اعتداء عليه، وضرورة تحلي الأطراف كافة بالمسؤولية لوقف التصعيد الجاري في المنطقة».

وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء تضمن أيضاً الترحيب بوتيرة التنسيق والتشاور الثنائي بين البلدين، مما يعكس الأهمية البالغة للعلاقات بين مصر والأردن، وتطلُّع الدولتين إلى مواصلة تعزيز أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات، تلبيةً لطموحات الشعبين الشقيقين.