هل أصبحت «تكنولوجيا الفار» تبحث عن الأخطاء التافهة فقط؟

تقنية حكم الفيديو المساعد فشلت في القضاء على الحالات الجادة والمثيرة للجدل

تم إلغاء هدف فوز آرسنال على كريستال بالاس الأحد الماضي دون توضيح السبب للجماهير (رويترز)  -  حكم يأمر باستشارة «تقنية الفار»
تم إلغاء هدف فوز آرسنال على كريستال بالاس الأحد الماضي دون توضيح السبب للجماهير (رويترز) - حكم يأمر باستشارة «تقنية الفار»
TT

هل أصبحت «تكنولوجيا الفار» تبحث عن الأخطاء التافهة فقط؟

تم إلغاء هدف فوز آرسنال على كريستال بالاس الأحد الماضي دون توضيح السبب للجماهير (رويترز)  -  حكم يأمر باستشارة «تقنية الفار»
تم إلغاء هدف فوز آرسنال على كريستال بالاس الأحد الماضي دون توضيح السبب للجماهير (رويترز) - حكم يأمر باستشارة «تقنية الفار»

عادت الانتقادات إلى تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي، ومن المقرر أن تعقد أندية الدوري الإنجليزي الممتاز اجتماعاً، الشهر المقبل، لمناقشة تطبيق التكنولوجيا عن بُعد، والنظر في الأسباب التي تجعل الحكام يتجنبون الاعتماد على الشاشات الموجودة بجوار خط التماس، من أجل التأكد من الحالات المثيرة للجدل.
وقد تخيل معظمنا أن القدرة على التحقق من أي لعبة مثيرة للجدل من خلال الإعادة السريعة على الشاشات الموجودة بجوار خط التماس هو كل ما سيحتاج إليه حكم المباراة لاتخاذ القرار الصحيح بشأن الألعاب التي لم يتمكن من رؤيتها في الوقت الفعلي. وعندما تم اقتراح فكرة تقنية حكم الفيديو المساعد في البداية، بدا الأمر وكأن الفكرة العامة تتمثل في أنه من السهل التغلب على بعض الأخطاء التي يرتكبها حكم اللقاء، والتي تجعل اللاعبين يلتفون من حوله اعتراضاً على القرارات التي يرون أنها ليست صحيحة، وما زلنا نتذكر جميعاً الهدف الذي سجله المهاجم الفرنسي السابق تيري هنري عام 2009 من لمسة يد واضحة في مرمى جمهورية آيرلندا، وهو ما يُعد مثالاً واضحاً على الحالات المثيرة للجدل التي كنا نعتقد أن تقنية حكم الفيديو المساعد ستقضي عليها، وكنا نعتقد أن حكم اللقاء سيتخذ القرار الصحيح بكل سهولة بمجرد رؤية مثل هذه الحالات في الإعادة التلفزيونية.
ربما لا يكون توقف المباراة لبعض الوقت شيئاً مثالياً للعبة كرة القدم، لكن الشيء المؤكد هو أن توقف المباراة لبعض الوقت أفضل من احتساب هدف غير صحيح قد يؤثر بشكل كبير على نتيجة المباراة. لكن من الناحية العملية، لم تنجح تقنية حكم الفيديو المساعد بالشكل الذي كنا نتوقعه، ولا يعود السبب في ذلك ببساطة إلى أن الحكام الإنجليز قد أظهروا نوعاً من «الازدراء» للاعتماد على إعادة الحالات المثيرة للجدل بسبب عدم رغبتهم في إيقاف المباريات لفترة طويلة. وخلال الموسم الحالي في الدوري الإنجليزي الممتاز، تم إلغاء أكثر من عشرين قراراً تحكيمياً من قبل تقنية حكم الفيديو المساعد، وفي كل هذه الحالات لم يلجأ الحكام إلى الشاشة الموجودة بجوار خط التماس للتأكد من صحة القرار من عدمه!
ويرى البعض أنه من المنطقي حدوث ذلك، لأنه ليس من المنطقي أن يوقف الحكم المباراة ويذهب لرؤية الإعادة التلفزيونية بنفسه في ظل وجود عدد من الحكام الذين يشاهدون اللعبة أكثر من مرة عبر شاشات أفضل وفرص إعادة أفضل للقطات المثيرة للجدل في الغرفة المخصصة لتقنية حكم الفيديو المساعد.
ومع ذلك، فقد أدت هذه «الإدارة المنفصلة» للمباريات إلى شكاوى كثيرة من أن هذا الأمر يحرم لعبة كرة القدم من «التلقائية» التي تتميز بها. ويتعين علينا أن ندرك أن كرة القدم هي لعبة عاطفية، وبالنسبة للاعبين والمشاهدين فإن متعة كرة القدم تتمثل في هذه المشاعر التلقائية، وليس الانتظار لمدة 30 ثانية أو أكثر لمعرفة ما إذا كان من الجيد الاحتفال بالهدف أم أنه سيتم إلغاء الهدف من الأساس.
وبعد مرور شهر تقريباً على بدء الموسم، بدا الأمر وكأن الجميع قد توقف عن انتقاد تقنية حكم الفيديو المساعد لأنهم شعروا بأن الأمر أصبح مملاً ومكرراً، بالإضافة إلى أنه كان هناك تصوُّر بأن أي نظام جديد سيواجه كثيراً من المشكلات في البداية، قبل أن يتم تشغيله بسلاسة بعد ذلك. ربما من الممكن أن يحدث هذا في مرحلة ما، لكن في الوقت الحالي فإن تقنية حكم الفيديو المساعد لم تنجح في القضاء على الحالات المثيرة للجدل فحسب، لكنها أيضاً تنتقي بعض الحالات «التافهة» بشكل مثير للجدل.
وربما يُعدّ أبرز مثال على ذلك ركلة الجزاء التي احتُسِبت ضد لاعب إيفرتون، مايكل كين، في مباراة فريقه أمام برايتون، يوم السبت الماضي. فرغم أن اللاعب كان ينظر إلى الكرة ولم يكن يريد ارتكاب خطأ ضد لاعب الفريق المنافس بأي شكل من الأشكال، فإن كين قد ضرب، بطريق الخطأ، «إصبع قدم» لاعب برايتون، آرون كونولي، أثناء لعب الكرة. وقبل الاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد، كانت مثل هذه الحالات تمرّ مرور الكرام ولا يلتفت إليها أحد. ولم يكن سيُنظر إلى هذا الاحتكاك على أنه بسيط وتافه فحسب، لكن المهاجم كان سيحصل على بطاقة صفراء أيضاً بسبب ادعاء السقوط للحصول على ركلة جزاء، لأنه لم يكن بإمكان أي شخص اكتشاف الخطأ الذي ارتكب ضده لو لم تكن تقنية حكم الفيديو المساعد مطبقة. وربما يكون الفارق الوحيد الذي أحدثته تقنية حكم الفيديو المساعد الآن هو أن أي لاعب يحاول ادعاء السقوط داخل منطقة الجزاء للحصول على ركلة جزاء يعرف جيداً أن تقنية حكم الفيديو المساعد ستكتشف ما قام به على الفور، وبالتالي سيحصل على بطاقة صفراء.
وقد أثار آندي بورنهام، وهو مشجع لنادي إيفرتون ورئيس بلدية مانشستر الكبرى، نقطة صحيحة تماماً، عندما وصف تقنية حكم الفيديو المساعد بأنها أصبحت وسيلة لكشف الأخطاء البسيطة والتافهة في المباريات. وفي الحقيقة، هذه هي الطريقة التي تعمل بها تقنية حكم الفيديو المساعد حالياً، وستفعل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز خيراً، عندما تجتمع لمناقشة هذا الأمر، بدلاً من إيقاف المباريات بشكل سيئ لمشاهدة إعادة الحالات المثيرة للجدل عبر شاشات التلفزيون الموجودة بجوار خط التماس.
ومن الإنصاف بالنسبة للمشاهدين الذين يدفعون كثيراً من الأموال لمشاهدة المباريات في الملعب أن تتم إذاعة اللقطات المثيرة للجدل على الشاشات الكبيرة الموجودة داخل الملعب، بدلاً من إعادتها فقط على الشاشات الموجودة بجوار خط التماس. ومن المثير للسخرية أن يتمتع المشاهد الذي يتابع المباراة من الملعب بقدر أقل من المعلومات وفرص أقل في إعادة الحالات المثيرة للجدل بالمقارنة بمن يشاهد المباريات عبر شاشات التلفزيون! وهناك بعض الملاعب الكبرى التي لا يوجد بها شاشات عملاقة – مثل ملعب آنفيلد وملعب أولد ترافورد – وبالتالي يتعين على هذه الملاعب وضع شاشات عملاقة، لأن هذا هو التقدم الطبيعي للعبة، ومن حق الجمهور الموجود في المدرجات أن يتابع الحالات المثيرة للجدل عبر هذه الشاشات.
أما الجانب الآخر الذي يجب إعادة النظر فيه فيما يتعلق بهذه التقنية هو عدد الأهداف التي تم إلغاؤها بسبب «فروق لا يراها إلا المجهر» في حالات التسلل. وفي الحقيقة، يتم الاعتماد على تقنية حكم الفيديو المساعد بشكل «تافه» للغاية، فيما يتعلق بالتسلل، ولا توجد حاجة لإعادة اللعبة بشكل مملّ أكثر من مرة لإثبات أن اللاعب كان متقدماً بركبته أو بإصبع قدمه الكبير عن المدافع!
في الحقيقة، ينبغي ألا تهتم كرة القدم بهذه المسافات الصغيرة للغاية، لأن المهاجمين والمدافعين يتحركون باستمرار، وليسوا في وضع ثبات عندما تلعب الكرة، وبالتالي فهم لا يدركون موقعهم بهذا الشكل الدقيق الذي تُظهِره تقنية حكم الفيديو المساعد الشاشة. وفي هذه الحالات، لا يمكن للاعب معرفة ما إذا كان متسللاً بهذه المسافة الصغيرة أم لا، وبالتالي لا يمكن اتهامه بالسعي للحصول على ميزة غير عادلة!
ولا يمكن اعتبار المهاجم على نفس الخط مع المدافع على أنه محاولة للخداع، لكن تقنية حكم الفيديو المساعد قد ألغت وجود المهاجم والمدافع على الخط نفسه، لأنه من شبه المستحيل عند مشاهدة اللعبة أكثر من مرة ومن خلال أكثر من زاوية أن تجد اللاعبين على الخط ذاته، وحتى اللاعب نفسه لا يعرف موقعه بالضبط في حالات التسلل إلا بعد مشاهدتها عبر الإعادة التلفزيونية.
وفي الواقع، لا يمكن قبول مثل هذا الوضع «المزعج» للجميع، كما أن قانون التسلل نفسه أصبح بحاجة إلى إعادة النظر فيه. وربما تكون الفكرة الأكثر قابلية للتطبيق في هذا الصدد هي أنه ينبغي اعتبار اللاعب غير متسلل إذا كان أي جزء من جسده غير متسلل. ربما لا تكون هذه الفكرة مثالية، لكنها بالتأكيد أفضل من عدم احتساب الأهداف بسبب تقدم المهاجم عن المدافع بجزء من جسده أو بمسافة لا يمكن رؤيتها سوى بالمجهر!
وكما هو الحال مع اللعبة التي أشرنا إليها سابقاً في مباراة برايتون، فلا يمكن لتقنية حكم الفيديو المساعد أن تُميز بين ما هو متعمد وما يحدث بشكل تلقائي. وخلاصة القول: تُعدّ تقنية حكم الفيديو المساعد تكنولوجيا مثيرة للإعجاب بالفعل وسوف تتحسن بمرور الوقت، لكن المهم هو أن تهتم لعبة كرة القدم بتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه التقنية.


مقالات ذات صلة

نتائج إنجلترا في «اليورو» مشابهة لمسيرتها في «مونديال 1990»

رياضة عالمية «مونديال 1990» من الممكن أن يحسن معنويات المنتخب الإنجليزي (رويترز)

نتائج إنجلترا في «اليورو» مشابهة لمسيرتها في «مونديال 1990»

رغم تأهل المنتخب الإنجليزي لكرة القدم إلى دور الـ16 ببطولة «أمم أوروبا (يورو 2024) متصدراً المجموعة الثالثة، فإن كثيرين يشككون في قدرته على المضي قدماً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية الشرطة البريطانية قالت إن الغالبية العظمى من الجماهير تصرفوا بشكل حسن (رويترز)

كأس أوروبا: القبض على 5 مشجعين إنجليز بعد مواجهة سلوفينيا

أعلنت الشرطة القبض على 5 أشخاص بعد مباراة إنجلترا الأخيرة أمام سلوفينيا، مساء الثلاثاء، في دور المجموعات ببطولة أمم أوروبا 2024 في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية ويس فودرينغهام (نادي وست هام)

صفقة انتقال حر تأخذ فودرينغهام إلى وست هام

أعلن نادي وست هام الإنجليزي لكرة القدم تعاقده مع ويس فودرينغهام، حارس مرمى شيفيلد يونايتد، في صفقة انتقال حر.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية فارغا تعرض لإصابة قوية خلال مواجهة المجر وأسكوتلندا (أ.ب)

مهاجم المجر فارغا يغادر المستشفى ويعود لبلاده

أعلن الاتحاد المجري لكرة القدم، مغادرة مهاجم منتخب البلاد بارناباس فارغا المستشفى في شتوتغارت، ويواصل التعافي في منزله.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية ستيفان الشعراوي خلال المؤتمر الصحافي (إ.ب.أ)

الشعراوي محذراً منتخبات أوروبا: إيطاليا لا تموت أبداً ولا تستسلم!

حذّر مهاجم روما الحالي وميلان السابق ستيفان الشعراوي أن «إيطاليا هذه لا تموت أبداً ولا تعرف معنى للاستسلام»، وذلك بعد تأهل منتخب بلاده إلى الدور ثمن النهائي.

«الشرق الأوسط» (إزرلون)

أسطورة الكرة الإيطالية روبرتو باجيو يتعرض للاعتداء في سطو على منزله

روبرتو باجيو أحد أبرز نجوم كرة القدم الإيطالية عبر تاريخها (رويترز - أرشيفية)
روبرتو باجيو أحد أبرز نجوم كرة القدم الإيطالية عبر تاريخها (رويترز - أرشيفية)
TT

أسطورة الكرة الإيطالية روبرتو باجيو يتعرض للاعتداء في سطو على منزله

روبرتو باجيو أحد أبرز نجوم كرة القدم الإيطالية عبر تاريخها (رويترز - أرشيفية)
روبرتو باجيو أحد أبرز نجوم كرة القدم الإيطالية عبر تاريخها (رويترز - أرشيفية)

تعرّض أسطورة كرة القدم الإيطالية، روبرتو باجيو، الفائز بالكرة الذهبية بصفته أفضل لاعب في أوروبا عام 1993، لإصابة برأسه خلال السطو على منزله من قِبَل عصابة، مساء الخميس، أثناء مشاهدته وعائلته مباراة منتخب بلاده مع نظيره الإسباني في كأس أوروبا (0-1)، وذلك وفق ما أفادت به وسائل الإعلام المحلية.

وسطت مجموعة من قرابة 5 مسلحين على فيللا نجم يوفنتوس وميلان وبولونيا وإنتر وبريشيا السابق في ألتافيا فينشنتينا (شمال شرق البلاد)، وعندما حاول ابن الـ57 عاماً المقاومة، تعرّض للضرب بعقب المسدس، ليصاب بجرح عميق في رأسه.

ثم حُبِس باجيو وعائلته في غرفة لمدة 40 دقيقة، في حين تعرّض منزلهم للنهب؛ إذ سرق اللصوص أموالاً وأغراضاً شخصية وساعات وغيرها من الأشياء الثمينة.

وبعد مغادرة اللصوص، تمكّن وصيف بطل مونديال 1994 من كسر الباب والاتصال بالشرطة، قبل أن ينقل لاحقاً إلى غرفة الطوارئ في مستشفى أرزينيانو، إذ تلقّى العلاج بغرز في رأسه، وفق وسائل الإعلام.

واستمعت الشرطة إلى الأسرة لبدء التحقيق، وراجعت كاميرات المراقبة في المنزل.