احتشد عشرات الآلاف في بغداد، أمس، لليوم السابع على التوالي، للمطالبة بإنهاء النظام القائم على اقتسام السلطة على أساس طائفي، الذي يرون أنه السبب في الفساد المستشري والمصاعب الاقتصادية، في حين أعلنت مصادر أن قوات الأمن العراقية قتلت متظاهراً وأصابت أكثر من 50 آخرين.
وقُتل أكثر من 250 شخصاً في اشتباكات مع قوات الأمن والجماعات شبه العسكرية الموالية للحكومة، منذ اندلاع الاحتجاجات في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي تحولت إلى أسوأ اضطرابات يشهدها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003. وتوقفت المظاهرات لأيام عدة لتستأنف يوم الجمعة 25 أكتوبر الماضي في نسختها الثانية، وهي مستمرة حتى يوم أمس.
ولقي المتظاهر حتفه في العاصمة بغداد في وقت مبكر من صباح أمس عندما أطلقت قوات الأمن عبوة غاز مسيل للدموع على صدره، ليصبح أحدث من ماتوا جراء إصابات تتعلق بعبوات الغاز المسيل للدموع.
وفي ساحة التحرير، قال المتظاهر حسين، الذي لم يذكر اسمه كاملاً، لوكالة «رويترز»: «نريد تغييراً كاملا للحكومة. لا نريد عزل مسؤول أو اثنين أو أكثر... واستبدال غيرهم من الفاسدين بهم. نريد اجتثاث الحكومة من جذورها». وأضاف: «هم يعتقدون أننا سنحتج ليوم أو يومين ثم نعود لديارنا. لا؛ فسنبقى هنا حتى تسقط الحكومة».
واجتاح المتظاهرون من مختلف الطوائف والأعراق وسط بغداد تعبيراً عن الغضب من النخبة التي يقولون إنها فاسدة ومرتبطة بقوى أجنبية ومسؤولة عن الفقر الذي يعاني منه الشعب وتدهور الخدمات العامة.
واجتاحت الاحتجاجات 7 محافظات أخرى أغلبها في الجنوب الذي يغلب على سكانه الشيعة. وتجمع آلاف في الناصرية والديوانية والبصرة الغنية بالنفط، وخرج مئات في الحلة والسماوة والنجف المقدسة عند الشيعة.
ورغم الثروة النفطية الضخمة بالبلد العضو في منظمة «أوبك»، فإن كثيراً من العراقيين يعانون من الفقر ونقص المياه والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم. وأغلب المحتجين شباب يسعون قبل كل شيء إلى الحصول على فرص عمل. ويتهم كثير من العراقيين النخبة السياسية بالخضوع للولايات المتحدة أو لإيران، ويقولون إنهما تستغلان العراق في صراعهما على النفوذ في المنطقة دون الاكتراث باحتياجات مواطنيه.
من جهة ثانية؛ ذكر مسؤولان عراقيان أن إيران حثت المسؤولين الأمنيين في العراق على الاستفادة من تجربتها في مواجهة الإضرابات التي حدثت بعد انتخابات رئاسية عام 2009 أثارت الجدل.
وحسب «نيويورك تايمز»، فإن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، سافر جواً، إلى بغداد، في اليوم التالي لاشتعال المظاهرات المناهضة للحكومة في العراق، مستقلاً طائرة مروحية. وفاجأ سليماني، مجموعة من كبار المسؤولين الأمنيين، بترؤسه اجتماعاً محل رئيس الوزراء، في «المنطقة الخضراء» شديدة الحراسة.
وحسب الصحيفة الأميركية، فإن هذه الزيارة جاءت من جانب سليماني، الذي يتولى قيادة «فيلق القدس» ويعدّ العقل المدبر لجهازه الأمني الإقليمي، بمثابة مؤشر على قلق طهران إزاء المظاهرات، التي اشتعلت بمختلف أرجاء العاصمة وبمدن عراقية في القلب الشيعي من العراق، وتضمنت دعوات لوقف التدخل الإيراني بالبلاد.
وأثناء حديثه إلى مسؤولين عراقيين، قال سليماني: «نحن في إيران نعرف كيفية التعامل مع المظاهرات. سبق أن حدث ذلك في إيران وسيطرنا على الأمر»، وذلك تبعاً لما أفاد به مسؤولان رفيعان على علم بما دار في الاجتماع، رفضا كشف هويتيهما نظراً لمناقشتهما وقائع اجتماع سري.
وفي اليوم التالي لزيارة سليماني، أصبحت الصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن في العراق أكثر عنفاً بكثير، مع تفاقم أعداد القتلى ليتجاوزوا 100 قتيل مع إقدام قناصة مجهولين على إطلاق النار على رؤوس المتظاهرين وصدورهم.
ومن المعروف أن إيران قمعت بعنف مظاهرات بداخلها تطالب بالديمقراطية عرفت باسم «الحركة الخضراء»، وذلك بعد انتخابات رئاسية عام 2009 أثارت الجدل.
الملاحظ أن إيران ظلت تلتزم الصمت تجاه المظاهرات حتى الأربعاء عندما اتهم المرشد الأعلى علي خامنئي الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين بتأجيج الاضطرابات في العراق ولبنان، تبعاً لما ورد بالموقع الإلكتروني الخاص به.
ونقل عن خامنئي قوله أمام أكاديمية الدفاع الجوي بإيران، إن وكالات استخبارات أميركية وغربية «تخلق الفوضى بالمنطقة»، وحثّ العراق ولبنان على منح الأولوية للأمن الوطني واحترام القانون، بينما ذكر أن مطالب المتظاهرين «مشروعة».
تواصل الاحتجاجات... وإيران تعرض تجربتها في القمع
مقتل متظاهر في بغداد بنيران قوات الامن
تواصل الاحتجاجات... وإيران تعرض تجربتها في القمع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة