إثيوبيا تشارك في اجتماع واشنطن حول «سد النهضة» ‎‎ومصر تتطلع لاتفاق قانوني

TT

إثيوبيا تشارك في اجتماع واشنطن حول «سد النهضة» ‎‎ومصر تتطلع لاتفاق قانوني

أعلنت إثيوبيا أمس عزمها على المشاركة في الاجتماع الذي تستضيفه الولايات المتحدة، في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه، وسط مخاوف مصرية من التأثير على حصتها في نهر النيل، فيما أعرب سامح شكري وزير الخارجية المصري، عن تطلع بلاده في التوصل لـ«اتفاق قانوني» مع إثيوبيا والسودان خلال ذلك الاجتماع، بحضور لافت للبنك الدولي.
ومنذ أعلنت، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فشل المفاوضات الثلاثية، ووصولها لـ«طريق مسدودة»، تدفع مصر بقوة لإقناع إثيوبيا بأهمية مشاركة وسيط دولي يسهم في حلحلة الأزمة.
وتأتي الموافقة الإثيوبية، بعد أيام من لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال اجتماع في مدينة سوتشي الروسية، أعلنا خلاله استئناف اللجنة الفنية المستقلة للسد عملها بشكل فوري بطريقة «أكثر إيجابية وانفتاحاً».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، نيبيات جيتاشيو، في مؤتمر صحافي، أمس، إن حكومة بلاده «قبلت دعوة الولايات المتحدة لعقد اجتماع لمناقشة سد النهضة الإثيوبي بمشاركة مصر والسودان». ولفت، وفق وكالة الأنباء الإثيوبية، إلى أن وزراء خارجية إثيوبيا والسودان ومصر سيشاركون في اجتماع واشنطن.
وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، فيما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الكهرباء.
من جهته، أعرب وزير الخارجية المصري، عن تطلع بلاده لتوقيع اتفاق قانوني ثلاثي مع إثيوبيا والسودان، من خلال المفاوضات الجديدة التي دعت إليها الولايات المتحدة، بحضور البنك الدولي ليضمن هذا الاتفاق حقوق مصر المائية في مياه نهر النيل، وشدد شكري على أن «مصر لديها إرادة سياسية لتحقيق ذلك».
ويمثل حضور البنك الدولي اجتماع واشنطن، تطورا لافتا، حيث سبق أن اقترحت مصر عام 2017، مشاركة البنك الدولي كوسيط محايد في المفاوضات التي تبحث تأثير إنشاء السد على دولتي المصب (مصر والسودان)، إلا أن المقترح المصري قوبل برفض إثيوبي قاطع.
ويعد البنك الدولي أكبر جهة دولية مانحة في مشروعات التنمية، كما يتمتع بخبرات فنية واسعة في مجال إنشاء السدود. وترفض قواعد البنك بناء أي منشأة تؤدي لتأخير وصول المياه أو إنقاصها من دون موافقة دولة المصب.
وقال شكري، في كلمته أمس أمام جلسة للبرلمان العربي بالقاهرة، إن «مصر رحبت بالدعوة الأميركية لتسهيل التفاوض وحسم الخلافات بين الدول الثلاث بشأن موضوع ملء وتخزين المياه خلف سد النهضة».
وأضاف: «مصر والسودان وإثيوبيا أبرمت إعلان مبادئ في مارس (آذار) 2015 ونعتبره إنجازا ضروريا لإدارة الموارد المائية لنهر النيل»، مشددا على ضرورة وجود إرادة سياسية لدى إثيوبيا لتطبيق هذا الاتفاق الذي نص على وجود وسيط في حالة عدم الاتفاق، وهو ما حدث في الدعوة الأميركية الأخيرة.
وطالب شكري بتضافر الجهود العربية والأفريقية لحفز الجانب الإثيوبي للتوصل إلى اتفاق ثلاثي يضمن حقوق جميع الأطراف، منوها بأن مصر انخرطت في مفاوضات مع السودان وإثيوبيا منذ الإعلان الأحادي المخالف للقانون الدولي.
وشدد على أهمية موضوع الأمن المائي العربي الذي تتناوله جلسة البرلمان العربي، مؤكدا أنه يكتسب أهمية في ظل ندرة المياه في المنطقة العربية، حيث تشير التقارير الدولية إلى أن الحد الأدنى لنصيب الفرد (1000) متر مكعب في السنة وفي ضوء هذا المعيار تعاني 16 دولة عربية من الفقر المائي.
وقال شكري إن «مصر التي تبلغ مساحتها مليون كيلومتر مربع وعدد سكانها 104 ملايين نسمة، يحصل المواطن فيها على 570 مترا مكعبا سنويا من المياه، ستنخفض إلى 500 متر مكعب عام 2020، وهو ما يجعل مصر في مصاف الدول التي تعاني من فقر مائي شديد، خاصة أن أكثر من 90 في المائة من مواردها المائية تأتي من مياه نهر النيل».
وأكد وزير الخارجية أن سد النهضة الإثيوبي يضيف تحديا جديدا أمام مشكلة المياه المصرية؛ ولهذا تولي مصر هذه القضية اهتماما كبيرا باعتبارها مسألة وجود، مبرزا أن مصر تسعى للوصول إلى اتفاق مع إثيوبيا والسودان بخصوص قواعد الملء والتخزين للسد.
وتلقت مصر دعما لافتا، من رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي، الذي طالب إثيوبيا بـ«عدم الإضرار بحصة مصر من نهر النيل، التي تمثل عصب الحياة للشعب المصري». وأكد السلمي، في كلمته، أمام الجلسة، «تضامن البرلمان العربي ووقوفه مع مصر ودعمها في حماية أمنها المائي والحفاظ على حقوقها القانونية والتاريخية وحصتها الثابتة في نهر النيل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.