اهتمام واسع في قصور العدل اللبنانية بقرار معاقبة القاضية غادة عون

TT

اهتمام واسع في قصور العدل اللبنانية بقرار معاقبة القاضية غادة عون

أثارت العقوبة المسلكية التي فرضها النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، على النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أول من أمس، خضّة في الأوساط القضائية، وتصدّرت الاهتمامات في قصور العدل اللبنانية، وفي أوساط المحامين أيضاً.
وأعلن مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الإجراء أسس لمسار جديد في تعاطي النيابات العامة مع القضايا المحالة أمامها، وأعاد التأكيد على مرجعية النائب العام التمييزي، وضرورة أخذ رأيه في القضايا المهمّة»، مؤكداً أن «محققي الضابطة العدلية، في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، التزموا بالتعميم الصادر عن القاضي عويدات، لعدم مراجعة القاضية عون في أي ملفّ، تنفيذاً للعقوبة المسلكية».
وتباينت التفسيرات حول طبيعة الإجراء المتخذ، وما إذا كان مشدداً أو مجرّد عقوبة معنوية، وأوضح مصدر مقرّب من القاضي عويدات لـ«الشرق الأوسط»، أن الأخير «لم يشدد العقوبة في هذه المرحلة على القاضية عون، إنما أراد توجيه تنبيه لها، وفقاً للمادة 16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، مع إمكانية إحالتها على التفتيش القضائي، إذا تجاوزت مرّة جديدة صلاحياتها»، مشيراً إلى أن «قرار منع الأجهزة الأمنية من مخابرتها وأخذ إشارتها في القضايا التي تقع ضمن صلاحية النيابة العامة في جبل لبنان، اتخذ لفترة معينة قابلة للتمديد في حال لم تغيّر هذه القاضية سلوكها».
ويحاول «التيار الوطني الحرّ» تسييس قرار معاقبة القاضية عون، المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، ويعتبر أنه ردّ على فتح ملفات الفساد، ومنها ملفّ رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، لكنّ المصدر المقرّب من النائب العام التمييزي نفى بالمطلق أن يكون الإجراء العقابي ضد القاضية المذكورة مرتبطاً بادعائها على ميقاتي، مشدداً على أن عون «لم تطلع القاضي عويدات وهو رئيسها المباشر ورئيس النيابات العامة في كلّ لبنان، على القضايا المهمة التي تحال أمامها، والتي ارتكبت فيها أخطاء قانونية لا يمكن السكوت عنها»، معتبراً أن القضية «أبعد من ملف ميقاتي، بل هناك تراكمات أوصلت إلى الإجراءات التي اتخذت بحقها».
وبينما تعذّر الاتصال بالقاضية عون، علمت «الشرق الأوسط» أنها لا تزال تلازم مكتبها في قصر العدل في بعبدا طوال فترة الدوام الرسمي، وأنها تتلقى مراجعات من المحامين والمتقاضين، وتلقي الشكاوى من متقاضين وإحالتها على المرجع المختصّ للتحقيق فيها، وهذا منفصل عن عدم تلقيها اتصالات من الأجهزة الأمنية، انسجاماً مع تعميم القاضي عويدات.
وأثار قرار عويدات غضب هيئة المحامين في «التيار الوطني الحرّ» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، وسألت في بيان: «هل النائب العام الاستئنافي القاضية غادة عون تجاوزت الخطوط الحمر بادعائها على نائب في البرلمان ورئيس سابق للحكومة (ميقاتي)، فتقرّر كبح جماح العدالة من خلال قرار تأديبي يصدر بحقها حيث تكون عبرة لغيرها من القضاة لردعهم عن التجرّؤ على البحث والادعاء في ملفات مماثلة مليئة بالفساد، وهل الحصانة النيابية التي يتمتّع بها نائب في البرلمان اللبناني أثناء دور الانعقاد عملاً بالمادة 40 من قانون مجلس النواب تحول دون الادعاء عليه بجرم الإثراء غير المشروع؟».
وقالت الهيئة في بيانها: «إذا كان ادعاء النيابة العامة الاستئنافية على نائب في البرلمان اللبناني أثناء دور الانعقاد يتضمّن مخالفة شكلية لنصّ المادة 40 من قانون مجلس النواب، فهل يستوجب ذلك اتخاذ تدابير مسلكية وتأديبية بحق النائب العام؟». وأضافت: «إذا سلّمنا أنّ جرم الإثراء غير المشروع الناتج عن قرض إسكاني، يعتبر من الجرائم الخطيرة، فهل عدم إبلاغ النائب العام التمييزي بالملف يجيز للأخير اتخاذ الإجراء التأديبي مباشرة بحق النائب العام الاستئنافي أم الاكتفاء بتوجيه التنبيه وإلّا فاقتراح إحالته أمام المجلس التأديبي؟».
ويأتي بيان هيئة المحامين في «التيار الوطني الحرّ» مناقضاً لموقف وزير العدل ألبيرت سرحان المحسوب على فريق الرئيس ميشال عون، عندما أعلن أن «مسألة القاضية عون قضائية بامتياز، وهي قيد المعالجة من قبل مجلس القضاء الأعلى لما فيه مصلحة القضاء». وأهاب وزير العدل بالجميع «أخذ هذا الأمر في الاعتبار».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».