«قوات سوريا الديمقراطية» تشترط إعادة هيكلة الجيش للانضمام إليه

قائدها مظلوم عبدي: لا بد من احترام خصوصية قواتنا

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تشترط إعادة هيكلة الجيش للانضمام إليه

في أول رد رسمي على استجداء وزارة الدفاع السورية لها للانخراط في صفوفها، أعلنت قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، في بيان نُشر على حسابها الرسمي، أمس: «وحدة الصفوف يجب أن تنطلق من تسوية سياسية تعترف وتحافظ على خصوصية قواتنا وهيكليتها»، واشترطت إيجاد آلية سليمة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية «على أن تكون إطاراً جامعاً لتوحيد الجهود».
من جهته، انتقد مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية، شكل وطريقة دعوة وزارة الدفاع السورية لأفراد قواته للانخراط الفردي للجيش السوري. وكتب في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: «الدعوة غير مرحب بها. كان الأحرى بالوزارة تقديم حل على ضوء ما اقترحناه، وهو المحافظة على خصوصية (قسد) في مناطق تواجدها، لتكون جزءاً من المنظومة الدفاعية السورية».
وتحركت القوات السورية في إطار الاتفاق شرق الفرات، بطلب وموافقة المقاتلين الأكراد، للتمركز في مواقع قرب الحدود مع تركيا شمالاً، وهي منطقة انسحبت منها هذه القوات منذ بدايات الحرب المستمرة قبل ثماني سنوات ونصف سنة، بعدما سيطر مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا على مدينتي رأس العين شمال شرق، وتل أبيض شمالاً، إلى جانب الأراضي الممتدة بينهما بطول 120 كيلومتراً، وبعمق يصل إلى الطريق الدولي (M4)، بعد أيام قليلة من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المفاجئ سحب للقوات الأميركية من هناك.
واستنكرت «قوات سوريا الديمقراطية» في بيانها شكل وطريقة دعوة وزارة الدفاع بحكومة دمشق، وقالت بأن أفراد قواتها على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم: «من خيرة المحاربين، قاتلوا (داعش) على مدى سنوات، ودمروا خلافته المزعومة، دفاعاً عن سوريا والعالم أجمع»، وأضاف البيان: «وعليه فهؤلاء الأبطال يستحقون الثناء والتكريم، وليس تسوية أوضاع ومراسيم عفو من تلك التي تصدر بحق المجرمين والإرهابيين». وأكدت قيادة القوات أن أفرادها عسكريون منضبطون، ينتسبون إلى تنظيم عسكري ذي هيكل مؤسساتي، رافضة دعوة الحكومة السورية: «كان الأولى بوزارة الدفاع السورية أن توجه خطابها للقيادة العامة لـ(قوات سوريا الديمقراطية) بغية فتح باب حوار ينم عن رغبة صادقة لتوحيد الجهود، وليس الالتفاف على الواقع للتنصل من مسؤولياتها»، بحسب بيانها المنشور.
بدورها، قالت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» التي أُعلنت منتصف العام الماضي وتدير مناطق شرق الفرات، في بيان، إن التفاهم العسكري الذي عقد بين القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» والجيش السوري الشهر الماضي، برعاية وضمانة روسية: «لحماية الحدود والسيادة السورية من المحتل التركي، ولم يتطرق التفاهم إلى هياكل ومؤسسات الإدارة وعملها؛ بل ستبقى تمارس عملها والعاملون على رأس عملهم يتابعون مهامهم».
وقال عبد حامد المهباش، الرئيس المشارك للإدارة الذاتية: «أبدت قيادة (قسد) والإدارة جانباً كبيراً من المرونة، ومدت يدها للبدء في حل حقيقي، وأعلنت جاهزيتها لفتح حوار مع السلطة السورية بدمشق، ووضع خريطة طريق تكون الممر الآمن لحل الأزمة السورية»، وشدّد على أن الإدارة وجناحها العسكري لم يعملا يوماً ضد وحدة البلاد وسيادتها، وكان سلاحهما: «مصوباً ضد الإرهاب، ويدنا ممدودة لكل السوريين، سنبقى نناضل لحين تحقيق مكاسب شعبنا التي بذل في سبيلها الغالي والنفيس»، بحسب المهباش.
وأشار إلى أن الإدارة المدنية أعلنت مراراً استعدادها للحوار مع جميع الأطراف السورية، للوصول إلى الحل السياسي المنشود.
واختتم حديثه بالقول: «حوار يحقق مطالب وأهداف شعبنا التي خرج وناضل لأجلها. سنعمل بكل جهد لتحقيقها للوصول بسوريا إلى دولة ديمقراطية تعددية لا مركزية، تكون لكل أبنائها، وتكفل حقوقهم وحرياتهم».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.