خبراء في شؤون الحركات الإرهابية يحذرون من الخلايا النائمة

TT

خبراء في شؤون الحركات الإرهابية يحذرون من الخلايا النائمة

توقع خبراء في شؤون الحركات الإرهابية بمصر، «نشاطا لـ(الخلايا النائمة) لـ(داعش) عقب تنصيب زعيم (داعش) الجديد خلال الفترة القادمة، كمحاولة لإثبات الوجود». قال مراقبون إن «الهاشمي في وضع أفضل من وضعية البغدادي عن تسلمه قيادة التنظيم في وقت سابق»... وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد أعلن الأحد الماضي، مقتل البغدادي، في عملية عسكرية واستخباراتية استمرت لمدة ساعتين في شمال سوريا.
واستبعد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الإرهابية بمصر، تلاشي «داعش» واختفاء فكره خلال الأشهر القادمة، موضحاً أن «معظم التنظيمات المتشددة تنبع من الفكرة، والفكرة هي التي تُسيطر، وهي التي تتمحور، وهي التي تتطور، وهي التي تتغير، وهي التي تُفرز آليات أخرى مختلفة عما سبق من آليات التفكير التي مرت بها أو الضغوط التي مرت بها».
وعن تمدد «الخلايا الصغيرة» لـ«داعش» خلال الفترة المقبلة عقب تنصيب الهاشمي. أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الإرهابية بمصر، لـ«الشرق الأوسط» أن «البغدادي دعم فكرة (الذئاب المنفردة)، وسعى إلى الاعتماد على أفراد ليسوا في التنظيم عبر (خلايا صغيرة)، وسهل فكرة العمل بشكل فردي، وهذا شهد صوراً عشوائية في العمليات الإرهابية خاصة في العام الأخير»، مضيفاً: «كان البغدادي يرى أن اعتماده على (الذئاب المنفردة) من عوامل التمدد والثقل ضد (القاعدة) خاصة عند الأطراف، وهو يشبه التمدد اللامركزي لـ(القاعدة) من خلال الخلايا والتنظيمات الصغيرة، بالتالي استمرار هذا التوجه في المرحلة القادمة خاصة تحت زعامة الهاشمي، سيعطي لـ(داعش) بعض النشاط، وقد تكون هناك محاولات للخلايا والمنتمين فكرياً للتنظيم، للقيام بممارسات انتقامية، جزء منها سيكون عنفاً عشوائياً وغضباً بسبب مقتل زعيم (داعش) السابق، وجزء آخر هو إثبات وجود أمام (القاعدة) وكلها أمور متوقعة بشكل كبير»... ويشار إلى أنه «لا تزال (الخلايا النائمة) و(الذئاب المنفردة) لـ(داعش) تشكل خطراً على أميركا وأوروبا».
وحول محاولات «القاعدة» استغلال الظروف المحيطة بـ«داعش» وتصدر المشهد خلال الفترة المقبلة. أكد عبد المنعم، أن «(القاعدة) بالفعل مُتصدر المشهد، وصنع الكثير من القيادات مثلا في شبه القارة الهندية، وباكستان، وجنوب أفريقيا، وبعض المناطق داخل أوروبا، وداخل آسيا، وأستراليا، فــ(القاعدة) موجود في أماكن كثيرة، والصراع بين (داعش) و(القاعدة) قائم على تولي الريادة العالمية، من منطلق أن الاثنين لهما رصيد تاريخي خلال العشرين عاماً الماضية».
في حين قال زغلول، «نظرياً عوامل القوى التي يحظى بها تنظيم (جهادي) مُعولم مرتبطة بطبيعة التنظيم الداخلي، هل التنظيم قادر على ضبط مسارات نشاطه؟ وهل هناك شخصية (جهادية) تحظى بقبول وإجماع مُطلق مع سياقات إقليمية ومحلية وموارد ذاتية وقدرات لمثل هذه الشخصية، التي تتصدر وتحظى بالإجماع... كل هذه العناصر هي التي تُحدد مسار (القاعدة)، هل سيتمدد ويدفع بمختلف المكونات (الجهادية) لدعمه والعمل وفق رؤيته أم لا؟»، مضيفاً: «في حال توافر مثل هذه العوامل لـ(القاعدة) سيكون هو المرشح لقيادة المشهد (الجهادي) الدولي، وفي حال توافر هذه العوامل لخليفة البغدادي القادم، سيكون (داعش) هو من يتصدر المشهد، فالموضوع مسألة وقت».
واستبعد عمرو عبد المنعم انضمام عناصر «داعش» إلى «القاعدة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «التركيبة القيادية داخل (داعش) تمنع النزول لمحطة (القاعدة)، فهي كانت محطة في فكر ووجدان كثير من القادة، ونظَّروا لها في كتابات وإصدارات كثيرة... وبالتالي يصعب أن يتراجع شخص من (داعش) إلى (القاعدة)؛ لكن العكس هو الصحيح، وحتى الآن التباينات من الرجوع شيء في منتهى الخطورة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».