محكمة بلجيكية أمهلت السلطات 75 يوماً لإعادة سيدة وطفليها من معسكر «للدواعش»

بالتزامن مع الضغوط الأميركية المستمرة على الأوروبيين لاستعادة رعاياهم

TT

محكمة بلجيكية أمهلت السلطات 75 يوماً لإعادة سيدة وطفليها من معسكر «للدواعش»

تزامنت تصريحات للسفير الأميركي في بلجيكا، حول ضرورة استعادة الأوروبيين لرعاياهم من «الدواعش»، مع قرار محكمة بلجيكية، بإلزام السلطات باستعادة سيدة «داعشية» وطفليها، من أحد معسكرات «الدواعش» في سوريا. فقد أمهلت محكمة بلجيكية في بروكسل، السلطات 75 يوماً لإعادة سيدة وطفليها من مناطق الصراعات. جاء ذلك بعد أن تقدمت بدعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة، بحسب ما أعلن محاميها نيكولاس كوهين في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام أمس.
جاء فيها أن قرار المحكمة صدر أول من أمس، وتضمن ضرورة أن تحمي السلطات البلجيكية مواطنيها، وخاصة الأطفال، وحقّهم في البقاء مع والدتهم وعدم التفريق بينهم. ويتعلق الأمر بسيدة شابة (23 عاماً) تدعى حفصة، ومعها طفلاها (عام ونصف العام، و3 سنوات)، وهما الآن في معسكر العروج الذي يخضع لإشراف الأكراد، شمال شرقي سوريا.
وحسب وسائل الإعلام في بروكسل، فقد أبدت حفصة ندمها على ما حدث وتريد العودة برفقة طفليها إلى بلجيكا، لكي تحاكم أمام القضاء البلجيكي، وكانت حفصة وهي بلجيكية من أصول عربية، قد سافرت للّحاق بوالدها، الذي سافر العام 2014 إلى سوريا.
من جهته، قال وزير الخارجية البلجيكي، ديديه رايندرس، إن موقف الحكومة البلجيكية لم يتغير بشأن استعادة «الدواعش»، وإنه لا بد من محاكمتهم بالقرب من الأماكن التي شاركوا في القتال فيها. وأضاف أن هناك مشاورات مع الحكومة العراقية في هذا الصدد. وفي الإطار نفسه، قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إن المؤسسات المعنية والدول الأعضاء تعمل بشكل مشترك، وأيضاً بشكل أفضل من السنوات الماضية، في مجال مراقبة الحدود وتبادل المعلومات المتعلقة بالمقاتلين الأجانب، الذين سافروا للقتال في مناطق لصراعات، ضمن صفوف «داعش».
جاء ذلك على لسان المتحدثة ناتشا بيرتود، في ردّ على سؤال خلال المؤتمر الصحافي في مقر المفوضية الأوروبية أمس، حول تصريحات للسفير الأميركي في بروكسل، بشأن ضرورة استعادة الأوروبيين لرعاياهم من المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق.
وألمحت المتحدثة إلى تبادل أفضل للمعلومات، وسجل بيانات منطقة شنغن، وأيضاً العمل المشترك بين الدول الأعضاء، ومكتب الشرطة الأوروبي «يوروبول»، ومكتب القضاء الأوروبي «يوروغست»، في إطار التحقيقات المتعلقة بالإرهاب وعودة المقاتلين. أما فيما يتعلق بإعادة الرعايا الأوروبيين من المقاتلين، فإن الاتحاد الأوروبي ترك لكل دولة أن تتخذ القرار المناسب بالنسبة لها.
وهو الموقف نفسه، الذي شددت عليه المتحدثة باسم السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، مايا كوسيانتيش، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في بروكسل. وأضافت أن المؤسسات الاتحادية تقوم بالتنسيق بين الدول في هذا الصدد، وتقديم المساعدة المطلوبة في هذا الملف.
جاء ذلك بعد أن قال السفير الأميركي لدى بلجيكا، في تصريحات لصحيفة «لوسوار» البلجيكية اليومية: «هناك خطر من إمكانية حدوث هجمات لتحرير هؤلاء، إذا فالحل الأمثل يتمثل في أن تستعيد كل دولة مواطنيها»، وفق كلام رونالد غيدويتز. ولمح السفير الأميركي هنا إلى استمرار وجود خلايا لتنظيم «داعش»، قادرة على التحرك لإطلاق سراح مقاتليها المحتجزين لدى الأكراد.
ولمح السفير الأميركي هنا إلى استمرار وجود خلايا لتنظيم «داعش»، قادرة على التحرك لإطلاق سراح مقاتليها المحتجزين لدى الأكراد. وترى واشنطن أن عدم استعادة المقاتلين يزيد من مخاطر هروبهم، وفقدان أثره، وهو ما لا يريده أحد، فـ«عدم التحرك هو السيناريو الأسوأ»، حسب تصريحات الدبلوماسي الأميركي، الذي عبّر عن قناعته بإمكانية حدوث هجمات من قبل مقاتلي «داعش» على أراضٍ أوروبية، فالمسألة مسألة وقت بالنسبة له.
وحسب تقارير إعلامية في بروكسل، فقد وجّه الدبلوماسي الأميركي انتقادات لاذعة للأوروبيين الذين رفضوا مساعدة بلاده على حماية المنطقة العازلة، شمال شرقي سوريا، ملمحاً أن الأمر يتناقض مع دعوتهم للحفاظ على التعددية في السياسة الدولية. وكانت السلطات العراقية قد رفضت بشكل قاطع فكرة فرنسية، مفادها إمكانية محاكمة المقاتلين الأجانب في بغداد.



تقرير: كيف أثَّرت طفولة إيلون ماسك بجنوب أفريقيا في ظل الفصل العنصري على شخصيته؟

إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
TT

تقرير: كيف أثَّرت طفولة إيلون ماسك بجنوب أفريقيا في ظل الفصل العنصري على شخصيته؟

إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)

شكّلت طفولة إيلون ماسك – أغنى رجل في العالم اليوم - في جنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري (الأبارتايد) بشكل كبير نظرته للعالم ومواقفه السياسية، وفقاً لتقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية يستعرض سنوات ماسك التكوينية.

وُلد ماسك في عام 1971 في بريتوريا بجنوب أفريقيا، ونشأ في بيئة بيضاء خلال السنوات المضطربة الأخيرة لنظام الفصل العنصري. التحق بمدرسة بريتوريا الثانوية للصبيان، وهي مؤسسة نخبوية مصممة على غرار المدارس الخاصة الإنجليزية، حيث كان ماسك محبوباً، لكنه لم يكن مميزاً. وقبل مدرسة بريتوريا، تعلّم في مدرسة بريانستون الثانوية في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، وواجه ماسك تنمراً شديداً، بما في ذلك حادثة عنيفة أدت إلى إدخاله المستشفى. هذه التجارب، إلى جانب الديناميكيات العرقية والسياسية في جنوب أفريقيا خلال الفصل العنصري، أثرت على آرائه حول العرق والحكم والديمقراطية، حسب «الغارديان».

استفادت عائلة ماسك من التسلسل الهرمي العنصري لنظام «الأبارتايد»، وفق «الغارديان»، حيث عاشت في ضواحٍ غنية ومنفصلة، بينما واجه غالبية السكان السود اضطهاداً نظامياً. أعرب والده، إيرول ماسك، عن حنينه لتلك الحقبة، مدعياً أنها كانت فترة آمنة ومنظمة، وهي وجهة نظر تتعارض مع واقع التفاوت الاجتماعي الواسع والعنف المنتشر. نشأة ماسك في هذه البيئة، إلى جانب ميول عائلته المحافظة والمعادية للديمقراطية — حيث قاد جده حركة سياسية هامشية في كندا ذات نزعات فاشية — ساهمت على الأرجح في تشكيل شكوكه تجاه الديمقراطية.

تعكس أنشطة ماسك السياسية الأخيرة، بما في ذلك دوره مستشاراً لترمب، تطور آرائه. فقد انتقد ماسك سياسات الإصلاح الزراعي والتمييز الإيجابي في جنوب أفريقيا، واصفاً إياها بأنها عنصرية وتمييزية ضد البيض. هذه الانتقادات تتماشى مع الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترمب متهماً جنوب أفريقيا بالتمييز العنصري ضد الأفريكانيين البيض، الذي أدى إلى قطع المساعدات الأميركية عن البلاد. بينما ليس من الواضح مدى تأثير ماسك المباشر على قرار ترمب هذا، فإن مصالح ماسك التجارية في جنوب أفريقيا، بما في ذلك جهوده لبيع شبكة «ستارلينك» للأقمار الاصطناعية، مرتبطة بموقفه السياسي. وقد عارض ماسك القوانين التي تطلب من المستثمرين الأجانب مشاركة حصص ملكية مع الشركات المملوكة للسود في جنوب أفريقيا؛ ما يسلط الضوء على معارضته لسياسات التمكين الاقتصادي الأسود، بحسب «الغارديان».

يشير تحوّل ماسك إلى اليمين سياسياً، بما في ذلك دعمه أحزاب اليمين المتطرف مثل «البديل من أجل ألمانيا»، إلى تساؤلات حول مدى تأثير طفولته في ظل نظام «الأبارتايد» على معتقداته الحالية. يرى البعض أن غيابه عن جنوب أفريقيا خلال فترة الانتقال إلى الديمقراطية ورئاسة نيلسون مانديلا ربما جعله منفصلاً عن التحديات التي تواجهها البلاد بعد انتهاء الفصل العنصري، مثل التفاوت الاقتصادي المستمر ومعدلات الجريمة المرتفعة.

وتقول «الغارديان» إنه على الرغم من ادعاءاته بأنه ليس محافظاً، فإن أفعال ماسك وتحالفاته تشير إلى ميل متزايد نحو السلطوية وعدم الثقة في العمليات الديمقراطية. تضيف التجارب المعقدة لعائلته، بما في ذلك العلاقة المتوترة مع والده وادعاءات سوء المعاملة، عنصراً آخر لفهم دوافع خيارات ماسك.

تركت طفولة ماسك في جنوب أفريقيا خلال الفصل العنصري، بصمة عميقة على نظرة ماسك للعالم؛ ما أثر على ممارساته التجارية وتحالفاته السياسية وتصريحاته العامة المثيرة للجدل، وفق صحيفة «الغارديان».